صحيح أن الشرق الأوسط معتاد على توالي الأحداث الدراماتيكية والمفاجآت المتكررة، لكن لا بد من الإقرار بأن ما قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده، ليس فقط بسبب الحروب المشتعلة التي انتقلت من جبهة غزة إلى جبهات أخرى، أو بسبب النتائج التي أحدثتها على كافة هذه الجبهات، وأهمها فتح ملفات الواقع الصعب الذي تعيشه المنطقة بشكل كامل، بل من سقوط مفهوم الدولة وأثره، واضمحلال الهويات الوطنية، والدفع بمعايير جديدة إثنية وطائفية وجغرافية لإعادة رسم الخرائط السياسية.
ودعونا نعترف أنه على مدار السنوات الماضية، كان لفشل فكرة الدول الوطنية واختزالها بمفاهيم سلطوية الدور الأبرز في تجذير شعور التقسيم النفسي في كثير من البلدان، وهو فعلياً الخطوة التي تسبق منطقياً فكرة التقسيم الجغرافي.
ضمن الخريطة الحالية، غزة لم تعد غزة، ومع تعذر تقديم حل عربي عملي، تُبقي الإدارة الأميركية، رغم بعض التصريحات الدبلوماسية المتناقضة، خيار تفريغ غزة من سكانها على طاولة الحل العملي. أما الضفة الغربية، فتشهد عمليات إسرائيلية تهدف إلى إحداث تغيير جذري قد يضطر الجميع للتعامل معه على أنه أمر واقع قريباً. وسورية أيضاً دخلت مخاضاً يصعب الخروج منه بصورة سورية القديمة، سواء من زاوية إعادة رسم خريطة النفوذ في الداخل أو حتى التغييرات الجغرافية والسياسية التي قد تشهدها قريباً.
هذه المتغيرات غير المسبوقة، والتي تؤثر بشكل مباشر على الأردن، تفرض استحقاقات للتكيف والتعامل مع كل المستجدات التي يمكن اعتبارها تدشيناً لواقع جديد وبداية لحقبة جديدة. وهذه الحقبة تجعل 'التفكير أردنياً' الأولوية الأساسية بالنسبة للأردن في كيفية التعاطي والتعامل مع كل هذه الوقائع المحيطة به جغرافياً، سواء بانعكاساتها السياسية أو الأمنية.
التفكير أردنياً يحتاج إلى إستراتيجية مركبة على ثلاثة مستويات، الأول على مستوى كيفية التعامل مع الإدارة الأميركية الحالية، التي لم يمضِ على وجودها في البيت الأبيض سوى أسابيع قليلة كانت كافية لإحداث زلزال سياسي على المستوى الدولي. وهنا، لا بد من إبقاء الأردن لاعباً مؤثراً في نظر الجميع، وهو ما يتطلب أدوات وأسلوب تعاطٍ جديدا، مع التركيز على فكرة فعالية الدور والقدرة على الإنجاز، خصوصاً مع سيطرة فكرة جدوى المساعدات التي تقدم للحلفاء على ذهنية هذه الإدارة.
وعلى المستوى الإقليمي، تبرز ثلاثة ملفات أساسية، العلاقة مع إسرائيل التي باتت تتغير بشكل كبير، وكيفية التعامل معها مستقبلاً، خصوصاً أن نمطية هذه العلاقة تسير من سيئ إلى أسوأ. أما العلاقة مع السعودية، فتحتاج أيضاً إلى تركيز أكبر، ليس فقط باعتبارها حالة الاستقرار الوحيدة في المحيط الجغرافي، بل أيضاً في بعدها الاقتصادي والسياسي، الذي يمكن أن يشكل علامة فارقة بالنسبة للأردن في المرحلة القادمة. لهذا، لا بد أن تكون ثقافة 'التكامل السياسي والاقتصادي' الأساس في عملية رسم وتشكيل هذه العلاقة.
أما التعامل مع الواقع الجديد في سورية، فقد يكون الأبرز، خصوصاً مع التغييرات التي بدأت تطرأ بشكل أساسي على المناطق المحاذية للحدود الأردنية، حيث تشكل واقعاً جديداً يضع الأردن أمام تحديات التعامل مع الأمر الواقع، والاستفادة من أي تركيبة جديدة للحفاظ على مصالحه الحيوية، ليس فقط من زاوية تأمين الحدود، بل من زاوية الاستفادة الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل.
داخلياً، وهو الأهم، كيف نتكيف مع كل هذه المتغيرات وانعكاساتها على الداخل؟ هذه المرحلة تحتاج- بلا شك- إلى لغة وأسلوب جديدين في التعامل مع الداخل. حماية الأردن من الارتدادات القادمة من الخارج، وروايات التفتيت والتقسيم، والشحن الطائفي والعرقي، تستدعي التفكير إستراتيجياً في أمرين: رفع منعة الجهاز البيروقراطي وتعزيز الهوية الوطنية، وهو ما يحتاج إلى رواية وطنية محكمة واستنهاض للشعور الوطني، وخطوات عملية تُشعر الجميع ببدء مرحلة التغيير وهو الامتحان الأهم في المرحلة القادمة.
الغد
صحيح أن الشرق الأوسط معتاد على توالي الأحداث الدراماتيكية والمفاجآت المتكررة، لكن لا بد من الإقرار بأن ما قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده، ليس فقط بسبب الحروب المشتعلة التي انتقلت من جبهة غزة إلى جبهات أخرى، أو بسبب النتائج التي أحدثتها على كافة هذه الجبهات، وأهمها فتح ملفات الواقع الصعب الذي تعيشه المنطقة بشكل كامل، بل من سقوط مفهوم الدولة وأثره، واضمحلال الهويات الوطنية، والدفع بمعايير جديدة إثنية وطائفية وجغرافية لإعادة رسم الخرائط السياسية.
ودعونا نعترف أنه على مدار السنوات الماضية، كان لفشل فكرة الدول الوطنية واختزالها بمفاهيم سلطوية الدور الأبرز في تجذير شعور التقسيم النفسي في كثير من البلدان، وهو فعلياً الخطوة التي تسبق منطقياً فكرة التقسيم الجغرافي.
ضمن الخريطة الحالية، غزة لم تعد غزة، ومع تعذر تقديم حل عربي عملي، تُبقي الإدارة الأميركية، رغم بعض التصريحات الدبلوماسية المتناقضة، خيار تفريغ غزة من سكانها على طاولة الحل العملي. أما الضفة الغربية، فتشهد عمليات إسرائيلية تهدف إلى إحداث تغيير جذري قد يضطر الجميع للتعامل معه على أنه أمر واقع قريباً. وسورية أيضاً دخلت مخاضاً يصعب الخروج منه بصورة سورية القديمة، سواء من زاوية إعادة رسم خريطة النفوذ في الداخل أو حتى التغييرات الجغرافية والسياسية التي قد تشهدها قريباً.
هذه المتغيرات غير المسبوقة، والتي تؤثر بشكل مباشر على الأردن، تفرض استحقاقات للتكيف والتعامل مع كل المستجدات التي يمكن اعتبارها تدشيناً لواقع جديد وبداية لحقبة جديدة. وهذه الحقبة تجعل 'التفكير أردنياً' الأولوية الأساسية بالنسبة للأردن في كيفية التعاطي والتعامل مع كل هذه الوقائع المحيطة به جغرافياً، سواء بانعكاساتها السياسية أو الأمنية.
التفكير أردنياً يحتاج إلى إستراتيجية مركبة على ثلاثة مستويات، الأول على مستوى كيفية التعامل مع الإدارة الأميركية الحالية، التي لم يمضِ على وجودها في البيت الأبيض سوى أسابيع قليلة كانت كافية لإحداث زلزال سياسي على المستوى الدولي. وهنا، لا بد من إبقاء الأردن لاعباً مؤثراً في نظر الجميع، وهو ما يتطلب أدوات وأسلوب تعاطٍ جديدا، مع التركيز على فكرة فعالية الدور والقدرة على الإنجاز، خصوصاً مع سيطرة فكرة جدوى المساعدات التي تقدم للحلفاء على ذهنية هذه الإدارة.
وعلى المستوى الإقليمي، تبرز ثلاثة ملفات أساسية، العلاقة مع إسرائيل التي باتت تتغير بشكل كبير، وكيفية التعامل معها مستقبلاً، خصوصاً أن نمطية هذه العلاقة تسير من سيئ إلى أسوأ. أما العلاقة مع السعودية، فتحتاج أيضاً إلى تركيز أكبر، ليس فقط باعتبارها حالة الاستقرار الوحيدة في المحيط الجغرافي، بل أيضاً في بعدها الاقتصادي والسياسي، الذي يمكن أن يشكل علامة فارقة بالنسبة للأردن في المرحلة القادمة. لهذا، لا بد أن تكون ثقافة 'التكامل السياسي والاقتصادي' الأساس في عملية رسم وتشكيل هذه العلاقة.
أما التعامل مع الواقع الجديد في سورية، فقد يكون الأبرز، خصوصاً مع التغييرات التي بدأت تطرأ بشكل أساسي على المناطق المحاذية للحدود الأردنية، حيث تشكل واقعاً جديداً يضع الأردن أمام تحديات التعامل مع الأمر الواقع، والاستفادة من أي تركيبة جديدة للحفاظ على مصالحه الحيوية، ليس فقط من زاوية تأمين الحدود، بل من زاوية الاستفادة الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل.
داخلياً، وهو الأهم، كيف نتكيف مع كل هذه المتغيرات وانعكاساتها على الداخل؟ هذه المرحلة تحتاج- بلا شك- إلى لغة وأسلوب جديدين في التعامل مع الداخل. حماية الأردن من الارتدادات القادمة من الخارج، وروايات التفتيت والتقسيم، والشحن الطائفي والعرقي، تستدعي التفكير إستراتيجياً في أمرين: رفع منعة الجهاز البيروقراطي وتعزيز الهوية الوطنية، وهو ما يحتاج إلى رواية وطنية محكمة واستنهاض للشعور الوطني، وخطوات عملية تُشعر الجميع ببدء مرحلة التغيير وهو الامتحان الأهم في المرحلة القادمة.
الغد
صحيح أن الشرق الأوسط معتاد على توالي الأحداث الدراماتيكية والمفاجآت المتكررة، لكن لا بد من الإقرار بأن ما قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده، ليس فقط بسبب الحروب المشتعلة التي انتقلت من جبهة غزة إلى جبهات أخرى، أو بسبب النتائج التي أحدثتها على كافة هذه الجبهات، وأهمها فتح ملفات الواقع الصعب الذي تعيشه المنطقة بشكل كامل، بل من سقوط مفهوم الدولة وأثره، واضمحلال الهويات الوطنية، والدفع بمعايير جديدة إثنية وطائفية وجغرافية لإعادة رسم الخرائط السياسية.
ودعونا نعترف أنه على مدار السنوات الماضية، كان لفشل فكرة الدول الوطنية واختزالها بمفاهيم سلطوية الدور الأبرز في تجذير شعور التقسيم النفسي في كثير من البلدان، وهو فعلياً الخطوة التي تسبق منطقياً فكرة التقسيم الجغرافي.
ضمن الخريطة الحالية، غزة لم تعد غزة، ومع تعذر تقديم حل عربي عملي، تُبقي الإدارة الأميركية، رغم بعض التصريحات الدبلوماسية المتناقضة، خيار تفريغ غزة من سكانها على طاولة الحل العملي. أما الضفة الغربية، فتشهد عمليات إسرائيلية تهدف إلى إحداث تغيير جذري قد يضطر الجميع للتعامل معه على أنه أمر واقع قريباً. وسورية أيضاً دخلت مخاضاً يصعب الخروج منه بصورة سورية القديمة، سواء من زاوية إعادة رسم خريطة النفوذ في الداخل أو حتى التغييرات الجغرافية والسياسية التي قد تشهدها قريباً.
هذه المتغيرات غير المسبوقة، والتي تؤثر بشكل مباشر على الأردن، تفرض استحقاقات للتكيف والتعامل مع كل المستجدات التي يمكن اعتبارها تدشيناً لواقع جديد وبداية لحقبة جديدة. وهذه الحقبة تجعل 'التفكير أردنياً' الأولوية الأساسية بالنسبة للأردن في كيفية التعاطي والتعامل مع كل هذه الوقائع المحيطة به جغرافياً، سواء بانعكاساتها السياسية أو الأمنية.
التفكير أردنياً يحتاج إلى إستراتيجية مركبة على ثلاثة مستويات، الأول على مستوى كيفية التعامل مع الإدارة الأميركية الحالية، التي لم يمضِ على وجودها في البيت الأبيض سوى أسابيع قليلة كانت كافية لإحداث زلزال سياسي على المستوى الدولي. وهنا، لا بد من إبقاء الأردن لاعباً مؤثراً في نظر الجميع، وهو ما يتطلب أدوات وأسلوب تعاطٍ جديدا، مع التركيز على فكرة فعالية الدور والقدرة على الإنجاز، خصوصاً مع سيطرة فكرة جدوى المساعدات التي تقدم للحلفاء على ذهنية هذه الإدارة.
وعلى المستوى الإقليمي، تبرز ثلاثة ملفات أساسية، العلاقة مع إسرائيل التي باتت تتغير بشكل كبير، وكيفية التعامل معها مستقبلاً، خصوصاً أن نمطية هذه العلاقة تسير من سيئ إلى أسوأ. أما العلاقة مع السعودية، فتحتاج أيضاً إلى تركيز أكبر، ليس فقط باعتبارها حالة الاستقرار الوحيدة في المحيط الجغرافي، بل أيضاً في بعدها الاقتصادي والسياسي، الذي يمكن أن يشكل علامة فارقة بالنسبة للأردن في المرحلة القادمة. لهذا، لا بد أن تكون ثقافة 'التكامل السياسي والاقتصادي' الأساس في عملية رسم وتشكيل هذه العلاقة.
أما التعامل مع الواقع الجديد في سورية، فقد يكون الأبرز، خصوصاً مع التغييرات التي بدأت تطرأ بشكل أساسي على المناطق المحاذية للحدود الأردنية، حيث تشكل واقعاً جديداً يضع الأردن أمام تحديات التعامل مع الأمر الواقع، والاستفادة من أي تركيبة جديدة للحفاظ على مصالحه الحيوية، ليس فقط من زاوية تأمين الحدود، بل من زاوية الاستفادة الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل.
داخلياً، وهو الأهم، كيف نتكيف مع كل هذه المتغيرات وانعكاساتها على الداخل؟ هذه المرحلة تحتاج- بلا شك- إلى لغة وأسلوب جديدين في التعامل مع الداخل. حماية الأردن من الارتدادات القادمة من الخارج، وروايات التفتيت والتقسيم، والشحن الطائفي والعرقي، تستدعي التفكير إستراتيجياً في أمرين: رفع منعة الجهاز البيروقراطي وتعزيز الهوية الوطنية، وهو ما يحتاج إلى رواية وطنية محكمة واستنهاض للشعور الوطني، وخطوات عملية تُشعر الجميع ببدء مرحلة التغيير وهو الامتحان الأهم في المرحلة القادمة.
الغد
التعليقات
في التكيف السياسي مع واقع غير مسبوق
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
في التكيف السياسي مع واقع غير مسبوق
صحيح أن الشرق الأوسط معتاد على توالي الأحداث الدراماتيكية والمفاجآت المتكررة، لكن لا بد من الإقرار بأن ما قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده، ليس فقط بسبب الحروب المشتعلة التي انتقلت من جبهة غزة إلى جبهات أخرى، أو بسبب النتائج التي أحدثتها على كافة هذه الجبهات، وأهمها فتح ملفات الواقع الصعب الذي تعيشه المنطقة بشكل كامل، بل من سقوط مفهوم الدولة وأثره، واضمحلال الهويات الوطنية، والدفع بمعايير جديدة إثنية وطائفية وجغرافية لإعادة رسم الخرائط السياسية.
ودعونا نعترف أنه على مدار السنوات الماضية، كان لفشل فكرة الدول الوطنية واختزالها بمفاهيم سلطوية الدور الأبرز في تجذير شعور التقسيم النفسي في كثير من البلدان، وهو فعلياً الخطوة التي تسبق منطقياً فكرة التقسيم الجغرافي.
ضمن الخريطة الحالية، غزة لم تعد غزة، ومع تعذر تقديم حل عربي عملي، تُبقي الإدارة الأميركية، رغم بعض التصريحات الدبلوماسية المتناقضة، خيار تفريغ غزة من سكانها على طاولة الحل العملي. أما الضفة الغربية، فتشهد عمليات إسرائيلية تهدف إلى إحداث تغيير جذري قد يضطر الجميع للتعامل معه على أنه أمر واقع قريباً. وسورية أيضاً دخلت مخاضاً يصعب الخروج منه بصورة سورية القديمة، سواء من زاوية إعادة رسم خريطة النفوذ في الداخل أو حتى التغييرات الجغرافية والسياسية التي قد تشهدها قريباً.
هذه المتغيرات غير المسبوقة، والتي تؤثر بشكل مباشر على الأردن، تفرض استحقاقات للتكيف والتعامل مع كل المستجدات التي يمكن اعتبارها تدشيناً لواقع جديد وبداية لحقبة جديدة. وهذه الحقبة تجعل 'التفكير أردنياً' الأولوية الأساسية بالنسبة للأردن في كيفية التعاطي والتعامل مع كل هذه الوقائع المحيطة به جغرافياً، سواء بانعكاساتها السياسية أو الأمنية.
التفكير أردنياً يحتاج إلى إستراتيجية مركبة على ثلاثة مستويات، الأول على مستوى كيفية التعامل مع الإدارة الأميركية الحالية، التي لم يمضِ على وجودها في البيت الأبيض سوى أسابيع قليلة كانت كافية لإحداث زلزال سياسي على المستوى الدولي. وهنا، لا بد من إبقاء الأردن لاعباً مؤثراً في نظر الجميع، وهو ما يتطلب أدوات وأسلوب تعاطٍ جديدا، مع التركيز على فكرة فعالية الدور والقدرة على الإنجاز، خصوصاً مع سيطرة فكرة جدوى المساعدات التي تقدم للحلفاء على ذهنية هذه الإدارة.
وعلى المستوى الإقليمي، تبرز ثلاثة ملفات أساسية، العلاقة مع إسرائيل التي باتت تتغير بشكل كبير، وكيفية التعامل معها مستقبلاً، خصوصاً أن نمطية هذه العلاقة تسير من سيئ إلى أسوأ. أما العلاقة مع السعودية، فتحتاج أيضاً إلى تركيز أكبر، ليس فقط باعتبارها حالة الاستقرار الوحيدة في المحيط الجغرافي، بل أيضاً في بعدها الاقتصادي والسياسي، الذي يمكن أن يشكل علامة فارقة بالنسبة للأردن في المرحلة القادمة. لهذا، لا بد أن تكون ثقافة 'التكامل السياسي والاقتصادي' الأساس في عملية رسم وتشكيل هذه العلاقة.
أما التعامل مع الواقع الجديد في سورية، فقد يكون الأبرز، خصوصاً مع التغييرات التي بدأت تطرأ بشكل أساسي على المناطق المحاذية للحدود الأردنية، حيث تشكل واقعاً جديداً يضع الأردن أمام تحديات التعامل مع الأمر الواقع، والاستفادة من أي تركيبة جديدة للحفاظ على مصالحه الحيوية، ليس فقط من زاوية تأمين الحدود، بل من زاوية الاستفادة الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل.
داخلياً، وهو الأهم، كيف نتكيف مع كل هذه المتغيرات وانعكاساتها على الداخل؟ هذه المرحلة تحتاج- بلا شك- إلى لغة وأسلوب جديدين في التعامل مع الداخل. حماية الأردن من الارتدادات القادمة من الخارج، وروايات التفتيت والتقسيم، والشحن الطائفي والعرقي، تستدعي التفكير إستراتيجياً في أمرين: رفع منعة الجهاز البيروقراطي وتعزيز الهوية الوطنية، وهو ما يحتاج إلى رواية وطنية محكمة واستنهاض للشعور الوطني، وخطوات عملية تُشعر الجميع ببدء مرحلة التغيير وهو الامتحان الأهم في المرحلة القادمة.
التعليقات