طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


تعديل النظام الداخلي لمجلس النوّاب


تأخر مجلس النوّاب كثيراً قبل شروعه بتعديل نظامه الداخلي الذي كان يتوجب أن ينسجم مع خطة التحديث السياسي والتعديلات الدستورية، ولعلها مناسبة لأن يرتقي أداء المجلس إلى مساحات تجاوز الفرديّة، وإعطاء الكتل الحزبيّة بما فيها المعارضة دوراً في تعزيز العمل الجماعي، وتوظيف المكتب الدائم لخدمة الوفاق النيابي بدلاً من إقصاء المعارضة، والاستئثار بعمل اللجان، وفضاء محراب الشعب الذي وجد لتعزيز التحديث والإصلاح.

ما زال الدور الرقابي في المجلس يُمارس بإسلوب فردي، وتوظيف سياسي لقوى الموالاة، وما زالت المعارضة تمارس دوراً شعبوياً، وخطاباً عدمياً لا يُفضي إلى شيء، وإذا كان من أبسط حقوق المعارضة أن تطرق قضايا رقابية عالقة في وقتها؛ فإن هذا الحق يجب بالمقابل أن لا يمارس بشعبويّة غير مجدية أو استعراض غير محمود، ولربما بات من الواجب الإرتقاء بالأداء النيابي إلى مصاف المعايير البرلمانية الدولية الناضجة.

الأداء النيابي ما زال يشابه الأداء الحزبي المُرتبك، والنضج السياسي والاحتراف البرلماني ما زال في أدنى مستوياته، ولعل استشارة خبراء لجنة التحديث السياسي، وخبراء قانونيون وبرلمانيون مهمة توجب على اللجنة المُشكّلة للتعديل أخذها بعين الاعتبار قبل عرضها على المجلس تحت القبّة، والتعديل المرجو يستدعي ترشيد وقت المجلس بمداخلات استعراضيّة أو عبثيّة، وإعطاء الكتل الحزبيّة دوراً ناجزاً، واستخدام الوسائل الإلكترونيّة في عدّ الأصوات.

لن يساهم التعديل بأي تطور ما لم يستعيد المجلس هيبته ووقاره الشعبي من خلال حوكمة الأداء، ولجم المزاودات السياسية التي لا يجوز أن تكون القبّة مسرحاً لها، وإذا كانت أحزاب الموالاة مدعوة لإقناع الشارع بأيديولوجياتها وبرامجها؛ لتقليل حجم المعارضة في صناديق الاقتراع؛ فانه لا يجوز للأغلبيّة المواليّة خنق المعارضة وتقويض جهدها الوطني ما دام القرار بالنتيجة للأغلبية البرلمانيّة.

النظام الداخلي للمجلس لا يحتاج فقط إلى تعديل بل إلى إعادة بناء يُحاكي الديمقراطيات الناجزة في تنظيم الأداء، وتصريح رئيس اللجنة المُشكلة لهذه الغاية حول دواعي التعديل لا يكفي لتعزيز الأداء الجمعي للمجلس، ولا يُعالج حالة الارتقاء المنشود لملامسة الرؤى الملكية وتطلعات الشعب، وتعزيز دور الرؤى الحزبيّة في الأداء النيابي سيكون التحدي الأساس في مهمة المجلس بهذا الصدد.

مطلوب من مجلس الأعيان سلوك مماثل وبنوايا أكثر جرأة وجدية، والتقاليد البرلمانيّة التي يتحدث بها الساسة، وتستند إليها القيادات البرلمانيّة في المجلسين لا يجوز أن تنهض في حالة وجود نص، وضبط وحوكمة صلاحيات رؤساء المجلسين إلى الحدود الديمقراطيّة باتت أكثر من مهمّة في قادم الأيام.

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/909704