طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


القائد العسكري الخالد في ذاكرة الوطن


عندما يُكرم القادة العسكريون لتفانيهم حتى بعد رحيلهم، يثبت ذلك أن ذكرى مسيرتهم لا تزال خالدة في أرض الوطن. وستبقى المسيرة الصادقة التي أفنوا فيها شبابهم مرسخة على سياج الوطن إلى الأبد.

لفتة جميلة تحلّى بها الوطن وقيادته اليوم بمناسبة تكريم رئيس هيئة الأركان المشتركة العامة الفريق أول المرحوم خالد جميل الصرايرة، الذي كان من خيرة القادة الذين تسلموا قيادة جيشنا الباسل. كان دائمًا الصادق الأمين الذي صان الوعد لوظيفته، وكان الوصي على قيادة جيشنا بكل أمانة وإخلاص. كان القائد والأب العادل لأبنائه من أبناء قواتنا المسلحة، لم يظلم ولم تلوث يداه منذ أن اعتلى المراتب، بل كان الابن الوفي لتلك المؤسسة العسكرية التي كانت دائمًا مصدر ثقة الوطن وقيادته الهاشمية.

تسلم اليوم نجله العميد مهند خالد الصرايرة ميدالية اليوبيل الفضي تكريمًا لوالده الراحل العزيز من جلالة الملك تقديرًا لجهوده الشجاعة والمتميزة التي كان يتحلى بها، والتي بقيت مرسخة حتى بعد رحيله. كان القائد والضابط المرابط على حدود الوطن، وكان الوصي الحامي على إدارة أمن المملكة، وكان الابن الوفي لوطنه ومحافظته ولأبنائه من أبناء الوطن. كان العادل الذي لم يظلم في مسيرته أحدًا، بل تجد الجميع يدعو له على ما كان يقدمه للوطن والمواطنين.

نقدر ونفتخر بذلك التكريم الهاشمي الذي وجب أن يكون في اليوم السادس من شهر رمضان المبارك، الشهر الذي يستذكره الجميع لحسن خلقه وطيب المعدن النفيس الذي جعله القائد المميز عن الكثير من كانوا على رؤوس أعمالهم. لا نعلم لماذا يجب علينا أن نقول ذلك، لكن علينا أن نؤكد أنه استطاع أن يبني محبته في قلوب الجميع من خلال إنجازات سجلت في صفحته، ليس فقط لمؤسسته داخل الوطن، بل في صفحة أعماله بين أبناء الوطن. منذ أن تسلم رئاسة هيئة الأركان، استطاع التركيز على دعم مستشفيات الخدمات الطبية من خلال توسعتها، وإنشاء العديد من المراكز الصحية العسكرية، وبناء وهيكلة العديد من الوحدات التي استطاعت أن تقدم الخدمات لأبناء الوطن.

التكريم ليس إلا رسالة بأن الوطن لا ينسى من رسخ حياته لأجلها، ومن استطاع أن يقدم لها ويقدرها. الوطن كالام، الحضن الدافئ الذي يقدم لنا الحنان، ويجب علينا أن نقدم كل ما نملك لكي يبقى آمناً وسعيداً.

رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات. كان رحيله الخبر الأصعب على أبناء الكرك. في 18 نوفمبر 2020، شيعت الكرك فقيدها الكبير بمراسم عسكرية رسمية شارك فيها حشد كبير من أبناء الوطن. ولا يزال خبر رحيله يستذكره الجميع لحجم التضحيات التي قدمها، والتي ساهم في صناعتها ببصماته التي كانت توثق في كل مكان، لحكمته ووفائه للعمل الذي أوكل إليه.

ولد عام 1944 في مؤتة بمدينة الكرك. تلقى تعليمه الابتدائي في مؤتة والإعدادي في المزار الجنوبي، وأتم الدراسة الثانوية في مدرسة الكرك الثانوية. عمل كمعلم في وزارة التربية والتعليم في مدينة نابلس (التي كانت متصرفية آنذاك) وفي مدارس أخرى في جنين والقدس لمدة عام تقريباً.

بدأ بعدها مسيرته العسكرية عندما التحق بدورة الضباط عام 1965 وتخرج برتبة ملازم. عمل كضابط دروع واشترك في عدة دورات داخلية وخارجية، ومن أهمها كلية القيادة والأركان الملكية الأردنية وكلية الدفاع الوطني في باكستان.

وخلال خدمته العسكرية، تسلم مناصب قيادية ومناصب مختلفة، أهمها: قائد كتيبة دبابات، قائد لواء مشاة، موجه في كلية الحرب الملكية الأردنية، آمر كلية العلوم العسكرية في جامعة مؤتة، قائد فرقة مشاة آلية، ومفتش عام للقوات المسلحة الأردنية.

كما عمل نائباً لرئيس هيئة الأركان المشتركة، وتقلد بعدها لحكمته منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية سابقاً من تاريخ 5 مارس 2003 حتى 23 فبراير 2010. ليصبح بعدها عضواً في مجلس الأعيان الثالث والعشرين والرابع والعشرين.

اليوم ندرك حجم رحيله، وفي نفس الوقت نفتخر بذلك التكريم الذي حصل عليه. لقد كان إنسانًا استثنائيًا، ترك بصمة واضحة في قلوبنا وعقولنا. إن تكريمه هو تأكيد على جهوده وإسهاماته التي لا تُنسى، وهو ما يجعلنا نشعر بالفخر والامتنان لكل ما قدمه.

وإن رحيله يذكرنا بأهمية الحياة وأهمية العطاء، ويحفزنا على الاستمرار في الوفاء لمسيرته. فلنحافظ على ذكراه من خلال العمل بجد والسعي لتحقيق الأهداف التي كان يحلم بها. لنكن سفراء لقيمه وأخلاقه، ولنجعل من ذكراه مصدر إلهام لنا جميعًا.

رحم الله رجال قدموا للوطن، ضحوا بجهودهم وأرواحهم في سبيل حمايته ورفعته. كانوا مثالًا للتضحية والإخلاص، ولم يدخروا وسعًا في خدمة الوطن. نسأل الله أن يتقبلهم في الصالحين، وأن يظل ذكرهم خالداً في قلوب الأجيال القادمة. اللهم اجعل أعمالهم في ميزان حسناتهم، واغفر لهم وارحمهم.

وحفظ الله الوطن وقائد الوطن. أسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار، وأن يوفقنا جميعًا لما فيه الخير والصلاح.

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/908294