طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


لماذا الكتابة عن الفنان فرناندو بوتيرو؟!


بدايةً من هو الفنان فرناندو بوتيرو حتى نهتم به ونكتب عنه وقد نعَتْهُ الصحافة العالمية الشهر الماضي عن واحد وتسعين عامًا، مع ان غالبية قرائنا فيما أظن لا يعرفونه، وانا نفسي لم أحظَ بهذه المعرفة إلا في الستين من عمري وبصدفة جميلة قادتني الى بلاده كولومبيا بقارة اميركا الجنوبية فوجدتُها من أجمل بلاد الدنيا، حيث بدأتْ عيناي منذ اللحظة الاولى تتكحّلان بمرأى لوحاته والصور المنسوخة عنها أينما توجّهتُ في العاصمة بوغوتا، فيتفاعل إعجابي مع إبداعه التجسيدي المتميز بأبطاله وشخوصه وهو يبالغ بامتلاء اجسامهم واجسامهن، سواءً أكانوا ركاب قطارات حُشروا فيها فانتفخت اوداجهم، أمْ حضورَ مآدب مترفة بكروشهم المتقدمة أمامهم، ام مصارعي ثيران لا تعوزهم رشاقة الحركة رغم السُّمنة المفرطة، أم فناناتِ الرقص الفولكلوري الإسباني الشائع طبعًا لدى شعوب تلك القارة، يقرعْن الصنوج ويهْزُزْن اردافًا ضخمة وأثداءً شاهقة! نعم هكذا كان نمطه الفريد الذي أنتج اعماله مزيجًا من الجد الدرامي والهزل الكوميدي لكن بإتقان حِرَفي فائق، حتى اشتهر في جميع أنحاء اميركا اللاتينية كمدرسة قائمة بذاتها تدعى «البوتيرُوِيّة»، هذا وقد عرفتُ فيما بعد انه نحات أيضًا وانبهرتُ بتماثيله ذات الطابعِ السمين المتضخم نفسِه لحيواناتٍ مختلفة الانواع منصوبةٍ الان في أبرز الميادين والشوارع بكبريات مدن العالم مثل البارك اڤنيو في نيويورك والشانزيليزيه في باريس..

بالنسبة للوحاته الأصلية ورغم إعجابي الشديد بها فأعترف باني فشلت في اقتناء اي منها بسبب ثمنها المرتفع، أما النسخ الورقية فقد تخاطفها مني اصدقاءٌ يقدرون فنه، ولم احتفظ إلا بواحدة محفورة على لوح قصديري، وحسب النقاد فإن من أشهر تلك الأعمال التي تُعد بالمئات لوحة «الموناليزا في الثانية عشرة/١٩٥٩» وبها ما بها من فن السخرية الثقافية المبطّنة، و'موت بابلو إسكوبار/١٩٩٩» (وكنت يومها بالصدفة في بوغوتا حين انتهت المطاردة المثيرة لأكبر وأشهر رئيس عصابة مخدرات في كولومبيا لعدة سنوات بقتله على يد الشرطة بعدما دوّخها بفضل ذكائه وخبثه في بناء علاقات حميمة مع سكان الاحياء الفقيرة !)، ومن أهم أعمال بوتيرو بالنسبة لأحرار العالم «مجموعة أبو غريب/٢٠٠٥ » وتحكي بشاعة التعذيب الذي تعرّض له المعتقلون العراقيون وهم عراة تمامًا في ذلك السجن الرهيب على يد القوات الأميركية الغازية عام ٢٠٠٢، ومدى الحقد والتشفي باستخدام الكلاب المفترسة اثناء التحقيق!

وبعد.. سلام على روح فرناندو بوتيرو، الفنان الكولومبي الكبير الذي لم تجز عليه فرية أسلحة الدمار الشامل كمبرر للعدوان الأميركي على العراق، فوثّق الجريمة بلوحات «سجن أبو غريب»، وتحية شكر وتقدير نبعثها للرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الذي ذكّر العالم قبل ايام في خطابه بالأمم المتحدة بمأساة الشعب الفلسطيني المتواصلة منذ مئة عام..

الرأي

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/803278