حين كان قرار المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه بتعريب قيادة الجيش العربي في الاول من آذار عام 1956 ، فانه كان أمام معضلات صعبة كانت تواجه الاردن تمثلت في التالي :
1. ان الاردن يعتمد في موازنته البسيطة على دعم سنوي من بريطانيا بقيمة 12 مليون جنيه استرليني من أصل موازنة الدولة البالغة حوالي 16 مليون دينار.
2. ان العلاقات مع الجارة سوريا ومع مصر كانت متوترة بسبب معاداة الاردن لوجود القيادة البريطانية لديه، وسوريا ومصر كانتا شبه عضوتان في حلف وارسو بل حليفتان مهمتان للاتحاد السوفييتي .
3. كان من رأي الجنرال كلوب أن ضباط الجيش الاردنيين غير مؤهلين لاستلام مناصب قيادية قبل عشرين سنة (تصريح كلوب كان في شهر نيسان 1955).
4. أن الاردن رغم نيله الاستقلال عام 1946 وأنه يجب أن يكون عضوا في هيئة الامم المتحدة من حينها ،إلا أن الاردن كان يواجه بالفيتو الروسي ضد انضمامنا لهيئة الامم بسبب ان الاردن لا يقيم علاقات مع الاتحاد السوفييتي، والامر الاخر ان هناك قانون اردني لمقاومة الشيوعية وان عقوبة من ينتمي الى الشيوعية تصل الى الاعدام.
5. بدأت تنامى حركة الضباط الاحرار داخل الجيش الاردني هؤلاء الذين كانوا يتلقون دعما سخيا من سوريا ومصر ،ووصل الامر الى تجنيد قيادات مدنية معهم تستهدف قلب نظام الحكم.
هذه ابرز التحديات ومظاهر تلك الفترة التي عاشها الاردن ،ولم يمضِ بعد على قيادة الملك الحسين رحمه الله أكثر من ثلاث سنوات. وكان تفكير جلالته الاساسي هو كيف يصل الاردن أولا الى هيئة الامم المتحدة ليكون دولة معترف بها في المجتمع الدولي ،والطريق لا بد الا ان تكون من خلال سوريا ومصر حليفتا الاتحاد السوفييتي ،فبدأ جلالته بتكثيف اللقاءات مع قواته المسلحة والتعبير في أحاديثه لهم عن نيته في تطوير القوات المسلحة وفصل الامن العام عن الجيش وان يستلم ابناء الجيش الاردنيين القيادات الرئيسية ،وكانت هذه هي اهداف حركة الضباط الاحرار الذين رأوا في الحسين رحمة الله عليه وكأنه ينطق ببرنامجهم الى الحد الذي أخذ البعض يعتقد أن الحسين رحمه الله هو من اعضاء هذه الحركة.
وقد أدت خطة الحسين رحمه الله الى ترطيب الأجواء مع سوريا ومصر فكان التمهيد للقاءات واتصالات ،واجتماع مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي ابتهج كثيرا للموضوع فوعده الملك الحسين رحمه الله بأنه سيقوم (بطرد القيادة الاجنبية) وكان جلالته يستخدم اللغة التي ترضيهم (علما ان جلالته ولا الاعلام الرسمي استخدم لفظ الطرد بل الاعفاء والاحالة الى التقاعد) خلال ثلاثة أشهر من قبول الاردن في هيئة الامم المتحدة.
وكان هذا طلب غير مباشر من مصر لأن تطلب من روسيا ان لا تستخدم حق النقض الفيتو ضد طلب الاردن، وكان ذلك وتقدم الاردن بطلب الانضمام ،وتم قبول الاردن في يوم 15 /12/ 1955م عضوا رسميا كاملا.
أما عن معضلة تعويض الاردن بدلا من الدعم البريطاني ،فقد اجتمعت دول مصر وسوريا والسعودية ولبنان وليبيا لتقديم دعم بقيمة الدعم البريطاني، وأوفى الحسين رحمه الله بوعده بتعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من آذار عام 1956م، وكان قرارا تاريخيا جريئا فيه امتداد لروح النهضة العربية وتلبية لتطلعات الاردنيين الأحرار وللجيش الاردني الباسل، ومن جهة أخرى اتفقت الدول المجتمعة على تقاسم قيمة الدعم بينها ،ولكن النتيجة ان المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي أوفت بوعدها وتقديم الدعم للاردن ،بينما اقترحت مصر وسوريا تزويد الاردن بالاسلحة الروسية والمدربين الروس ومن ثم تغيير تسليح الجيش الاردني ليكون بالاسلحة الشرقية ،ومفهوم تماما ما القصد وما هي الخطوات التي ستلي ذلك.
عاش الاردن فترة صعبة حتى كانت المبادرة الامريكية بتقديم عشرين مليون دولار كمساعدة فورية للاردن ،وخرج الاردن من تلك التحديات واستطاع بفضل حكمة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ان يحقق كل الاهداف ،وليكون التعريب هو خطوة استراتيجية تتجاوز مسألة انهاء خدمة ضابط بريطاني الى تحقيق مصالحة عربية وقبول الاردن في الامم المتحدة وتعزيز الروح الوطنية الاردنية ،واطلاق خطة تطوير القوات المسلحة الاردنية.
وتتميز قواتنا المسلحة اليوم بأنها ذات كفاءة وفاعلية ومقدرة تجلت في حراسة الحدود ومقاومة الارهاب والتطرف وخدمة عمليات السلم العالمي، والإسهام في التنمية المحلية.
وبمناسبة التعريب نتقدم من جلالة القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين باسمى ايات التبريك والتهنئة ،ولكل منتسبي جيشنا العربي والاجهزة الامنية مع امنيات التوفيق الدائم ليبقى الجيش العربي الاردني صاحب التاريخ المجيد والتضحيات الكبيرة في ارض فلسطين والعروبة ليبقى جيش العرب وعنوان فخرنا كأردنيين.
قراءة في خفايا خطوة التعريب
حين كان قرار المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه بتعريب قيادة الجيش العربي في الاول من آذار عام 1956 ، فانه كان أمام معضلات صعبة كانت تواجه الاردن تمثلت في التالي :
1. ان الاردن يعتمد في موازنته البسيطة على دعم سنوي من بريطانيا بقيمة 12 مليون جنيه استرليني من أصل موازنة الدولة البالغة حوالي 16 مليون دينار.
2. ان العلاقات مع الجارة سوريا ومع مصر كانت متوترة بسبب معاداة الاردن لوجود القيادة البريطانية لديه، وسوريا ومصر كانتا شبه عضوتان في حلف وارسو بل حليفتان مهمتان للاتحاد السوفييتي .
3. كان من رأي الجنرال كلوب أن ضباط الجيش الاردنيين غير مؤهلين لاستلام مناصب قيادية قبل عشرين سنة (تصريح كلوب كان في شهر نيسان 1955).
4. أن الاردن رغم نيله الاستقلال عام 1946 وأنه يجب أن يكون عضوا في هيئة الامم المتحدة من حينها ،إلا أن الاردن كان يواجه بالفيتو الروسي ضد انضمامنا لهيئة الامم بسبب ان الاردن لا يقيم علاقات مع الاتحاد السوفييتي، والامر الاخر ان هناك قانون اردني لمقاومة الشيوعية وان عقوبة من ينتمي الى الشيوعية تصل الى الاعدام.
5. بدأت تنامى حركة الضباط الاحرار داخل الجيش الاردني هؤلاء الذين كانوا يتلقون دعما سخيا من سوريا ومصر ،ووصل الامر الى تجنيد قيادات مدنية معهم تستهدف قلب نظام الحكم.
هذه ابرز التحديات ومظاهر تلك الفترة التي عاشها الاردن ،ولم يمضِ بعد على قيادة الملك الحسين رحمه الله أكثر من ثلاث سنوات. وكان تفكير جلالته الاساسي هو كيف يصل الاردن أولا الى هيئة الامم المتحدة ليكون دولة معترف بها في المجتمع الدولي ،والطريق لا بد الا ان تكون من خلال سوريا ومصر حليفتا الاتحاد السوفييتي ،فبدأ جلالته بتكثيف اللقاءات مع قواته المسلحة والتعبير في أحاديثه لهم عن نيته في تطوير القوات المسلحة وفصل الامن العام عن الجيش وان يستلم ابناء الجيش الاردنيين القيادات الرئيسية ،وكانت هذه هي اهداف حركة الضباط الاحرار الذين رأوا في الحسين رحمة الله عليه وكأنه ينطق ببرنامجهم الى الحد الذي أخذ البعض يعتقد أن الحسين رحمه الله هو من اعضاء هذه الحركة.
وقد أدت خطة الحسين رحمه الله الى ترطيب الأجواء مع سوريا ومصر فكان التمهيد للقاءات واتصالات ،واجتماع مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي ابتهج كثيرا للموضوع فوعده الملك الحسين رحمه الله بأنه سيقوم (بطرد القيادة الاجنبية) وكان جلالته يستخدم اللغة التي ترضيهم (علما ان جلالته ولا الاعلام الرسمي استخدم لفظ الطرد بل الاعفاء والاحالة الى التقاعد) خلال ثلاثة أشهر من قبول الاردن في هيئة الامم المتحدة.
وكان هذا طلب غير مباشر من مصر لأن تطلب من روسيا ان لا تستخدم حق النقض الفيتو ضد طلب الاردن، وكان ذلك وتقدم الاردن بطلب الانضمام ،وتم قبول الاردن في يوم 15 /12/ 1955م عضوا رسميا كاملا.
أما عن معضلة تعويض الاردن بدلا من الدعم البريطاني ،فقد اجتمعت دول مصر وسوريا والسعودية ولبنان وليبيا لتقديم دعم بقيمة الدعم البريطاني، وأوفى الحسين رحمه الله بوعده بتعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من آذار عام 1956م، وكان قرارا تاريخيا جريئا فيه امتداد لروح النهضة العربية وتلبية لتطلعات الاردنيين الأحرار وللجيش الاردني الباسل، ومن جهة أخرى اتفقت الدول المجتمعة على تقاسم قيمة الدعم بينها ،ولكن النتيجة ان المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي أوفت بوعدها وتقديم الدعم للاردن ،بينما اقترحت مصر وسوريا تزويد الاردن بالاسلحة الروسية والمدربين الروس ومن ثم تغيير تسليح الجيش الاردني ليكون بالاسلحة الشرقية ،ومفهوم تماما ما القصد وما هي الخطوات التي ستلي ذلك.
عاش الاردن فترة صعبة حتى كانت المبادرة الامريكية بتقديم عشرين مليون دولار كمساعدة فورية للاردن ،وخرج الاردن من تلك التحديات واستطاع بفضل حكمة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ان يحقق كل الاهداف ،وليكون التعريب هو خطوة استراتيجية تتجاوز مسألة انهاء خدمة ضابط بريطاني الى تحقيق مصالحة عربية وقبول الاردن في الامم المتحدة وتعزيز الروح الوطنية الاردنية ،واطلاق خطة تطوير القوات المسلحة الاردنية.
وتتميز قواتنا المسلحة اليوم بأنها ذات كفاءة وفاعلية ومقدرة تجلت في حراسة الحدود ومقاومة الارهاب والتطرف وخدمة عمليات السلم العالمي، والإسهام في التنمية المحلية.
وبمناسبة التعريب نتقدم من جلالة القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين باسمى ايات التبريك والتهنئة ،ولكل منتسبي جيشنا العربي والاجهزة الامنية مع امنيات التوفيق الدائم ليبقى الجيش العربي الاردني صاحب التاريخ المجيد والتضحيات الكبيرة في ارض فلسطين والعروبة ليبقى جيش العرب وعنوان فخرنا كأردنيين.
قراءة في خفايا خطوة التعريب
حين كان قرار المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه بتعريب قيادة الجيش العربي في الاول من آذار عام 1956 ، فانه كان أمام معضلات صعبة كانت تواجه الاردن تمثلت في التالي :
1. ان الاردن يعتمد في موازنته البسيطة على دعم سنوي من بريطانيا بقيمة 12 مليون جنيه استرليني من أصل موازنة الدولة البالغة حوالي 16 مليون دينار.
2. ان العلاقات مع الجارة سوريا ومع مصر كانت متوترة بسبب معاداة الاردن لوجود القيادة البريطانية لديه، وسوريا ومصر كانتا شبه عضوتان في حلف وارسو بل حليفتان مهمتان للاتحاد السوفييتي .
3. كان من رأي الجنرال كلوب أن ضباط الجيش الاردنيين غير مؤهلين لاستلام مناصب قيادية قبل عشرين سنة (تصريح كلوب كان في شهر نيسان 1955).
4. أن الاردن رغم نيله الاستقلال عام 1946 وأنه يجب أن يكون عضوا في هيئة الامم المتحدة من حينها ،إلا أن الاردن كان يواجه بالفيتو الروسي ضد انضمامنا لهيئة الامم بسبب ان الاردن لا يقيم علاقات مع الاتحاد السوفييتي، والامر الاخر ان هناك قانون اردني لمقاومة الشيوعية وان عقوبة من ينتمي الى الشيوعية تصل الى الاعدام.
5. بدأت تنامى حركة الضباط الاحرار داخل الجيش الاردني هؤلاء الذين كانوا يتلقون دعما سخيا من سوريا ومصر ،ووصل الامر الى تجنيد قيادات مدنية معهم تستهدف قلب نظام الحكم.
هذه ابرز التحديات ومظاهر تلك الفترة التي عاشها الاردن ،ولم يمضِ بعد على قيادة الملك الحسين رحمه الله أكثر من ثلاث سنوات. وكان تفكير جلالته الاساسي هو كيف يصل الاردن أولا الى هيئة الامم المتحدة ليكون دولة معترف بها في المجتمع الدولي ،والطريق لا بد الا ان تكون من خلال سوريا ومصر حليفتا الاتحاد السوفييتي ،فبدأ جلالته بتكثيف اللقاءات مع قواته المسلحة والتعبير في أحاديثه لهم عن نيته في تطوير القوات المسلحة وفصل الامن العام عن الجيش وان يستلم ابناء الجيش الاردنيين القيادات الرئيسية ،وكانت هذه هي اهداف حركة الضباط الاحرار الذين رأوا في الحسين رحمة الله عليه وكأنه ينطق ببرنامجهم الى الحد الذي أخذ البعض يعتقد أن الحسين رحمه الله هو من اعضاء هذه الحركة.
وقد أدت خطة الحسين رحمه الله الى ترطيب الأجواء مع سوريا ومصر فكان التمهيد للقاءات واتصالات ،واجتماع مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي ابتهج كثيرا للموضوع فوعده الملك الحسين رحمه الله بأنه سيقوم (بطرد القيادة الاجنبية) وكان جلالته يستخدم اللغة التي ترضيهم (علما ان جلالته ولا الاعلام الرسمي استخدم لفظ الطرد بل الاعفاء والاحالة الى التقاعد) خلال ثلاثة أشهر من قبول الاردن في هيئة الامم المتحدة.
وكان هذا طلب غير مباشر من مصر لأن تطلب من روسيا ان لا تستخدم حق النقض الفيتو ضد طلب الاردن، وكان ذلك وتقدم الاردن بطلب الانضمام ،وتم قبول الاردن في يوم 15 /12/ 1955م عضوا رسميا كاملا.
أما عن معضلة تعويض الاردن بدلا من الدعم البريطاني ،فقد اجتمعت دول مصر وسوريا والسعودية ولبنان وليبيا لتقديم دعم بقيمة الدعم البريطاني، وأوفى الحسين رحمه الله بوعده بتعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من آذار عام 1956م، وكان قرارا تاريخيا جريئا فيه امتداد لروح النهضة العربية وتلبية لتطلعات الاردنيين الأحرار وللجيش الاردني الباسل، ومن جهة أخرى اتفقت الدول المجتمعة على تقاسم قيمة الدعم بينها ،ولكن النتيجة ان المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي أوفت بوعدها وتقديم الدعم للاردن ،بينما اقترحت مصر وسوريا تزويد الاردن بالاسلحة الروسية والمدربين الروس ومن ثم تغيير تسليح الجيش الاردني ليكون بالاسلحة الشرقية ،ومفهوم تماما ما القصد وما هي الخطوات التي ستلي ذلك.
عاش الاردن فترة صعبة حتى كانت المبادرة الامريكية بتقديم عشرين مليون دولار كمساعدة فورية للاردن ،وخرج الاردن من تلك التحديات واستطاع بفضل حكمة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ان يحقق كل الاهداف ،وليكون التعريب هو خطوة استراتيجية تتجاوز مسألة انهاء خدمة ضابط بريطاني الى تحقيق مصالحة عربية وقبول الاردن في الامم المتحدة وتعزيز الروح الوطنية الاردنية ،واطلاق خطة تطوير القوات المسلحة الاردنية.
وتتميز قواتنا المسلحة اليوم بأنها ذات كفاءة وفاعلية ومقدرة تجلت في حراسة الحدود ومقاومة الارهاب والتطرف وخدمة عمليات السلم العالمي، والإسهام في التنمية المحلية.
وبمناسبة التعريب نتقدم من جلالة القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين باسمى ايات التبريك والتهنئة ،ولكل منتسبي جيشنا العربي والاجهزة الامنية مع امنيات التوفيق الدائم ليبقى الجيش العربي الاردني صاحب التاريخ المجيد والتضحيات الكبيرة في ارض فلسطين والعروبة ليبقى جيش العرب وعنوان فخرنا كأردنيين.
التعليقات
التعريب ليس فقط انهاء خدمات الجنرال كلوب!
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
التعريب ليس فقط انهاء خدمات الجنرال كلوب!
قراءة في خفايا خطوة التعريب
حين كان قرار المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه بتعريب قيادة الجيش العربي في الاول من آذار عام 1956 ، فانه كان أمام معضلات صعبة كانت تواجه الاردن تمثلت في التالي :
1. ان الاردن يعتمد في موازنته البسيطة على دعم سنوي من بريطانيا بقيمة 12 مليون جنيه استرليني من أصل موازنة الدولة البالغة حوالي 16 مليون دينار.
2. ان العلاقات مع الجارة سوريا ومع مصر كانت متوترة بسبب معاداة الاردن لوجود القيادة البريطانية لديه، وسوريا ومصر كانتا شبه عضوتان في حلف وارسو بل حليفتان مهمتان للاتحاد السوفييتي .
3. كان من رأي الجنرال كلوب أن ضباط الجيش الاردنيين غير مؤهلين لاستلام مناصب قيادية قبل عشرين سنة (تصريح كلوب كان في شهر نيسان 1955).
4. أن الاردن رغم نيله الاستقلال عام 1946 وأنه يجب أن يكون عضوا في هيئة الامم المتحدة من حينها ،إلا أن الاردن كان يواجه بالفيتو الروسي ضد انضمامنا لهيئة الامم بسبب ان الاردن لا يقيم علاقات مع الاتحاد السوفييتي، والامر الاخر ان هناك قانون اردني لمقاومة الشيوعية وان عقوبة من ينتمي الى الشيوعية تصل الى الاعدام.
5. بدأت تنامى حركة الضباط الاحرار داخل الجيش الاردني هؤلاء الذين كانوا يتلقون دعما سخيا من سوريا ومصر ،ووصل الامر الى تجنيد قيادات مدنية معهم تستهدف قلب نظام الحكم.
هذه ابرز التحديات ومظاهر تلك الفترة التي عاشها الاردن ،ولم يمضِ بعد على قيادة الملك الحسين رحمه الله أكثر من ثلاث سنوات. وكان تفكير جلالته الاساسي هو كيف يصل الاردن أولا الى هيئة الامم المتحدة ليكون دولة معترف بها في المجتمع الدولي ،والطريق لا بد الا ان تكون من خلال سوريا ومصر حليفتا الاتحاد السوفييتي ،فبدأ جلالته بتكثيف اللقاءات مع قواته المسلحة والتعبير في أحاديثه لهم عن نيته في تطوير القوات المسلحة وفصل الامن العام عن الجيش وان يستلم ابناء الجيش الاردنيين القيادات الرئيسية ،وكانت هذه هي اهداف حركة الضباط الاحرار الذين رأوا في الحسين رحمة الله عليه وكأنه ينطق ببرنامجهم الى الحد الذي أخذ البعض يعتقد أن الحسين رحمه الله هو من اعضاء هذه الحركة.
وقد أدت خطة الحسين رحمه الله الى ترطيب الأجواء مع سوريا ومصر فكان التمهيد للقاءات واتصالات ،واجتماع مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي ابتهج كثيرا للموضوع فوعده الملك الحسين رحمه الله بأنه سيقوم (بطرد القيادة الاجنبية) وكان جلالته يستخدم اللغة التي ترضيهم (علما ان جلالته ولا الاعلام الرسمي استخدم لفظ الطرد بل الاعفاء والاحالة الى التقاعد) خلال ثلاثة أشهر من قبول الاردن في هيئة الامم المتحدة.
وكان هذا طلب غير مباشر من مصر لأن تطلب من روسيا ان لا تستخدم حق النقض الفيتو ضد طلب الاردن، وكان ذلك وتقدم الاردن بطلب الانضمام ،وتم قبول الاردن في يوم 15 /12/ 1955م عضوا رسميا كاملا.
أما عن معضلة تعويض الاردن بدلا من الدعم البريطاني ،فقد اجتمعت دول مصر وسوريا والسعودية ولبنان وليبيا لتقديم دعم بقيمة الدعم البريطاني، وأوفى الحسين رحمه الله بوعده بتعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من آذار عام 1956م، وكان قرارا تاريخيا جريئا فيه امتداد لروح النهضة العربية وتلبية لتطلعات الاردنيين الأحرار وللجيش الاردني الباسل، ومن جهة أخرى اتفقت الدول المجتمعة على تقاسم قيمة الدعم بينها ،ولكن النتيجة ان المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي أوفت بوعدها وتقديم الدعم للاردن ،بينما اقترحت مصر وسوريا تزويد الاردن بالاسلحة الروسية والمدربين الروس ومن ثم تغيير تسليح الجيش الاردني ليكون بالاسلحة الشرقية ،ومفهوم تماما ما القصد وما هي الخطوات التي ستلي ذلك.
عاش الاردن فترة صعبة حتى كانت المبادرة الامريكية بتقديم عشرين مليون دولار كمساعدة فورية للاردن ،وخرج الاردن من تلك التحديات واستطاع بفضل حكمة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ان يحقق كل الاهداف ،وليكون التعريب هو خطوة استراتيجية تتجاوز مسألة انهاء خدمة ضابط بريطاني الى تحقيق مصالحة عربية وقبول الاردن في الامم المتحدة وتعزيز الروح الوطنية الاردنية ،واطلاق خطة تطوير القوات المسلحة الاردنية.
وتتميز قواتنا المسلحة اليوم بأنها ذات كفاءة وفاعلية ومقدرة تجلت في حراسة الحدود ومقاومة الارهاب والتطرف وخدمة عمليات السلم العالمي، والإسهام في التنمية المحلية.
وبمناسبة التعريب نتقدم من جلالة القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين باسمى ايات التبريك والتهنئة ،ولكل منتسبي جيشنا العربي والاجهزة الامنية مع امنيات التوفيق الدائم ليبقى الجيش العربي الاردني صاحب التاريخ المجيد والتضحيات الكبيرة في ارض فلسطين والعروبة ليبقى جيش العرب وعنوان فخرنا كأردنيين.
التعليقات