طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


عندما يتعلق الامر بالدين


ذات مراجعة طبية ، أدخلتني الممرضة الى غرفة الكشف . استلقيت على سرير الفحص تحتي قماش ابيض وفوقي غطاء ابيض ، وتركتني ريثما يأتي الطبيب لاجراء الكشف . وكان القران الكريم يتلى من جهاز للتلفزيون مثبت فوق رأسي . مرت عشر دقائق ولم يأت الطبيب ، وبدأ يتملكني شعور وانا ملفوف بالابيض وآيات القران تتلى فوق رأسي أني في طريقي الى الدار الآخره .

أبلغت الطبيب عند حضوره بما انتابني من مشاعر ، فاكتفي بالابتسام . فاكتفيت بدوري بان طلبت منه ان يبعد جهاز التلفزيون من فوق رأس المرضى ، او يبعد رؤسهم من تحته الى الجهة الاخرى من السرير ، مخافة حدوث مكروه .

في مشهد آخر ، ولدى دخولنا لاحدى البنايات الحديثه انا وصديق لي يبحث عن مكتب يستأجره ، استمعنا لتلاوة لا نعرف مصدرها تملا بهو البنايه ، دون ان يكون هناك مستمعون ، وكأن لا فرق في ان يستمع للتلاوة احد ، او ان يسمعها متقطعة في احسن الاحوال الداخلون الى البناية لعمل ما ، فيكون الدخول الى المصعد نهاية الاستماع للتلاوة .

في صالون الحلاقة الذي اذهب اليه ، اعتاد صاحبه ترك جهاز التلفزيون يبث من احدى محطات القران الكريم ، ولا احد من الجالسين يستمع للتلاوة ، فيما هم مستغرقون في تجاذب اطراف الحديث ، ينتقلون من شأن لآخر بين كلام وضحك .
ما اضطرني ان اتدخل مرة لدى الحلاق لابين له رأيي بان الامر ينطوي على عدم احترام للتلاوة .

اعجب ما رأيته وسمعته ، بث تجريبي لمحطة تلفزيونية تظهر فيها اعلانات لمستحضرات علاجية لامراض مختلفة من انتاج صاحب المحطة الذي لا يخفي اسمه . ويتكرر ظهور الاعلانات على خلفية من تلاوة للآيات القرآنية التي تاتي على ذكر الماء والزيت والعسل وغيرها من الآيات التي تتعلق بالصحة والشفاء والاكل والشراب ، مما يناسب المستحضرات العلاجية التي يتم الاعلان عنها . ومن بينها علاجات لحالات جنسية يعلن عنها بطريقة سوقية مبتذلة ، وحالات مرضية اخرى تصاحب الاعلان عنها صور تعبيرية ، مثل علاج البواسير ، حيث تظهر مع الاعلان صورة بائسة لشخص تبدو على وجهه علامات الالم .

لا يختلف عن هذه الصور التي لا تظهر احتراماً للتلاوة ، صور اولئك الدعاة الذين يخاطبون الجمهور باداء تمثيلي بارع ، وأعين مغرورقة بالدموع ، وهم يروون قصصاً من السيرة النبوية ، لا يتورعون فيها عن وصف حال رسول الله فيما يقول ويفعل بالتفصيل الكامل وبدقة بالغة وكأنهم كانوا الى جواره صلى الله عليه وسلم ، لا يتحرجون من وصف حركاته وانفعالاته ، كيف رفع يده او اشار باصبعه او غمز بعينه او قهقه ضاحكاً ، او جلس القرفصاء ، او صاح باعلى صوته ، في سيناريو واخراج خاصين بهم . ولا اعرف من اين احاطوا بكل هذه التفاصيل الممعنة في الدقة ، وهذ التجرؤ على وضعها في سيناريو واخراج متخيلين ، مع ان كتابة السيرة وجمع الحديث لم ينجزا الا بعد اكثر من مئة وخمسين سنة من وفاة النبي الكريم .

بعض المحلات التجاريه في القاهره تروج لبضاعتها هذه الايام بكتابة آيات كريمة على مداخلها للدعاية للسلع التي تبيعها ، وجذب الزبائن ، وتطمينهم انهم لن يتعرضوا للغش والخداع والتدليس ، والايحاء لهم بانهم سوف يحصلون على اطيب الانواع وبافضل الاسعار . نعرف ان البعض يقوم بذلك عن جهل أو بنية سليمة لكن ثمة بعضاً يتاجر فقط.

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/364091