طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


عنان في عامه السادس


كنت أفضل ألا أنجب أطفالاً، وقاومت رغبة زوجتي لبعض الوقت ولم أدخل وقتها في أي نقاشات حول محنة الوجود الفردي، كما لم تقتنع ميرفت وقتها بحججي حول المسؤولية الأخلاقية بأن أسهم في تزويد عالم الخرائب من حولي بكائن جديد عليه أن يشق طريقه في الحياة ضمن ظروف صعبة، وطالما وصلنا إلى طريق مسدود بين غريزة الأمومة وسلطتها على المرأة، وبين قائمة مخاوفي التي تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، الاحتباس الحراري والحروب والفشل الوشيك للمضادات الحيوية في التعامل مع أنواع جديدة من البكتيريا.


وكالعادة تمكنت ميرفت من اقناعي في النهاية، وكان عنان، رأيته وهو في حضانة الخداج للمرة الأولى، ولم أشعر بأية مشاعر خاصة وقتها، وبقيت لبضعة أشهر أتطلع له بحيادية إلى أن بدأ بتلفظ كلماته الأولى وقتها أصبحت جميع حياتي تدور حوله وتبدأ وتنتهي عنده، مع الوقت تناسيت قائمة مخاوفي وأصبحت أمنحه كل الثقة في أنه سيكون بالمعنى الوجودي، وسيختطف تفاحة الكينونة المكتملة بغض النظر عن الظروف.


عنان المهووس بأبطال الكرتون وكرة القدم والحيوانات والنيازك يدخل عامه السادس، وربما سيطلع يوماً على قائمة مخاوفي ليخبرني بأنها لا تشكل أي قلق بالنسبة له وهو يبحر نحو تحقيق ذاته في مرحلة مبكرة، معتداً بنفسه وكبريائه في هذه السن المبكرة، غير قابل للشراء أو الرشوة أو الاسترضاء، لا يتردد في إبداء الغضب والملل، وأحياناً الكراهية، ومع ذلك يمكنه أن يتذكر شقيقته في كل وقت، وأن يحتضن الآخرين ويتفهمهم بطريقة أفضل مما أفعلها أنا في حياتي الشخصية.


فقط لا أعرف كيف ينتقي كلماته وطريقة بنائه للتعبيرات التي لا تنتمي لعالم الرسوم المتحركة أو بيئة المدرسة أو حواراتنا المشتركة، وأخاف عليه من هذه الموهبة وأن يبدأ بعد فترة وجيزة هوسه بالكلمات واللغة.


جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/309325