طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


رأيي في تعديلات الكتب المدرسية


الظاهرة المؤسفة التي نتوقف عندها، هي تحويل كل قضايا الاختصاص الى قضايا رأي عام، واستقطابات سياسية ومحاكمات على وسائل التواصل الاجتماعي، كقضية تعديل الكتب المدرسية. وكلما تقدم مختص برأيه وحجته، التي لا تطابق هوى ورأي معارضيه، إتهم بأنه 'سحيج' وانه يبيع دينه بدنياه!

هناك مشكلة في مجتمعنا الأردني وكذلك العربي، فالعامة تفتي وتحلل وتحرم، دون العودة الى العلماء المختصين، ودون الامتثال لقوله تعالى: 'فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ'.

الظاهرة المؤلمة الأخرى، هي زج أبنائنا الطلبة الأطفال والاستقواء بهم والتهديد بتعطيل دراستهم، في خلافات، يجب ان تكون بين اهل الاختصاص، الذين ننتظر منهم رأيا وازنا نعتمده. وقد تفاقم الامر الى حدود غير قانونية، تمس هيبة النظام العام، والقانون، بدفع الطلاب الى حرق كتبهم المدرسية، التي تمتليء بالآيات القرانية، بحجة حذف الآيات القرانية من تلك الكتب!

إن حرق الكتب سلوك، لجأت إليه الأنظمة المستبدة الشمولية، في حروبها لمحو آثار خصومها وتأثيرهم العلمي أو العقائدي أو الديني. كما فعلوا مع كتب ابن رشد وكما فعل الستالينيون في الاتحاد السوفياتي والمتعصبون ابان الثورة الثقافية في الصين و'الخمير الحمر' في كمبوديا والنازيون الهتلريون تمهيدا للحرب العالمية الثانية والدواعش المتعصبون الذين اتلفوا أشرطة الموسيقى واقراصها المدمجة وكتب التاريخ الإسلامي التي لا توافق أهواءهم.

ومن التلفيقات في هذا الباب القول ان الاتجاه هو لإلغاء التربية الإسلامية والقرآن من المدارس والنص على ان القدس عاصمة إسرائيل علما ان موقف الأردن في الأمم المتحدة مقاوم للاعتداء الصهيوني على القدس.

وارجو ملاحظة أنني لا اتطرق هنا إلى التعديلات على الكتب المدرسية - التعديلات ليست على المناهج- ولا الى أسبابها الموجبة فذلك من اختصاص خبراء المناهج. انا مع تطوير وتعديل وتنقيح ومراجعة مستمرة لا تتوقف، لكتب طلابنا بحيث تكفل التفكير العلمي والتسامح والأخلاق والمحبة وانا لست مع ارعاب طلابنا بالنار بل مع جذبهم بسماحة الاسلام.

وانا أثق بحرص وتقى وتخصص واخلاق ووطنية معالي الدكتور محمد الذنيبات ومعالي الدكتور هايل داود والدكتور محمد الخطيب عميد كلية الشريعة في الجامعة الأردنية وابنائنا الخبراء الذين أجروا التعديلات على الكتب المدرسية وأعلنوا انها خلو مما يلصق الآخرون بها من اتهامات. ولا أعرف ان الذين يشككون بهم أكثر حرصا على الدين والاخلاق منهم. ونعلم ان جميع اعضاء لجنة تطوير المناهج هم قامات وطنية ودينيه وتربويه مشهود لهم بالأمانة والإخلاص والوطنية والاستقامة.

وانا أطالب بتعديلات اشمل تتضمن تدريس الأخلاق والانضباط والاحترام والنظام، وتجاوز الهويات الفرعية، تنتج اجيالا لها القدرة على الحوار وتقبل الآخر.
ولا يخفى ان هناك هجمة، لا مبرر لها، استغلت ضد معالي الدكتور محمد الذنيبات، بسبب وقوفه في وجه الغش في الإمتحان العام، ومنع المراكز من إعطاء دروس خصوصية ومنع الاسئلة المقترحة التي كان يتاجر بها البعض والتقيد بعدد الطلبة ومساحات الصفوف والساحات. وحصره علاوات المعلمين بمن يعمل معلما فقط، واصراره على ان يتقدم من يرشحه ديوان الخدمة المدنية، الى فحص تقييم كفاءتهم، لان بعض الخريجين كانوا شبه اميين.

نحتاج حاجة ماسة الى الاختلاف الأخلاقي المتحضر، القائم على معلومات متخصصة، وليس على اتهامات فيسبوكية، وهو ضرورة وليس ضررا، وهو بالتأكيد يسهم في التطوير والتقدم.

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/284300