طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


للأغنياء فقط !


بات التعليم يتسبب بكوارث اجتماعية، والإحصاءات تتحدث عن أن أغلب العائلات الأردنية لاتتمكن من تعليم اكثر من طالب واحد، جامعيا، وكأن المقصود دفع الطلبة الى المجهول، رغم أن العنوان الآخر يتحدث عن دفعهم نحو المهن، أو آفاق أخرى، إلا أنه عنوان مضلل. لانتحدث فقط هنا عن الجامعة الأردنية التي رفعت رسوم الموازي بطريقة فلكية، غير معقولة، لكننا نتحدث ايضا عن كل رسوم الجامعات، التي اصبحت مستحيلة، ويضطر الآباء الى أن يغرقوا في القروض من اجل تعليم ابنائهم، أو تركهم بلا تعليم. لم تجد عقول التعليم المركزية لدينا، حلا لديون الجامعات، ولكثرة الخريجين، والبطالة، سوى رفع الرسوم، بحيث يدفع الطالب اليوم، ذكرا أكان ام انثى، آلاف الدنانير سنويا، مع مصاريفه، لتغطيه تعليمه، بحيث لا يجد بعد تخرجه وظيفة بمئتي دينار، بعد ان يكون والده قد انفق عليه مبالغ تتراوح ما بين عشرة آلاف وعشرين الف دينار، من اجل بكالوريس يتيم، لا قيمة له هذه الايام، حتى بمستوى الشهادات في دول اخرى، امام ضعف الهيئات التدريسية، وتحول الجامعات الى التعليم السهل بنيويا، بحيث يكون لدينا خريجون لا ينافسون داخليا ولا خارجيا. ما الذي يتم تركه للناس هنا، إذا كان التعليم قد تحول إلى مذبحة، والعلاج الى مذبحة أخرى، ولا وظائف ولا أفق في الحياة، فماذا نترك للناس، وماذا نقدم لهم؟!. ثم ان كل حكايات المنح والقروض، التي يتم التهليل لها، لا تسمن ولا تغني من جوع، فقد تساعد عددا قليلا جدا، وتترك الأغلبية بلا تعليم...فلمن تُسلمونهم ...هذا هو السؤال؟!. هل جلس عباقرة القرار لدنيا، وفكروا قليلا بأي انموذج متوسط لعائلة من ثلاثة أبناء، وزوج وزوجة، وافترضنا ان دخل الوالدين مثلا- إن كانآ يعملان معا- يصل الى 900 دينار، واحتسبنا كل مصاريف العائلة الشهرية، وسألنا كم يتبقى من المال لتغطية التعليم، فالإجابة واضحة كالشمس، فالتعليم لن يعود متاحا بعد إلا للاغنياء فقط، اما الفقراء، فليكتفوا بقراءة ما تيسر من الأدعية، بانتظار فرج من حيث لايحتسبون، فيما نعرف ان الاغلبية من العاملين في الأردن دخولهم تحت الاربعمائة دينار. ثم نعود الى نقطة سابقة، فكل كلف التعليم، لا تقدم لنا خريجا منافسا في العالم العربي، فلم يعد التعليم بمستواه القديم، وكأننا نقول نريد مزيدا من الرسوم، مقابل حياة بلا وظيفة ولا فرصة، فتسأل نفسك عن السر الذي كان يجعل الرسوم سابقا اقل، والخريج اكثر تعليما، فتنقلب المعادلة اليوم، رسوما اضافية، وتعليما اقل. لدينا اليوم ظاهرة تتشابه مع الولايات المتحدة، ودول أخرى، ظاهرة قروض التعليم، فالطالب لدينا يتخرج من الجامعة وقد تحملت عائلته عشرات آلاف الدنانير ديونا، من أجل زفة وموكب عند التخرج، ومن اجل مباهاة فارغة، يرتسم فيها ذاتها، الحظ التعس المقبل بعد قليل. لقد آن الاوان ان يأتي في هذا البلد من يقول للحكومات والجامعات والقطاع الخاص، كفى، نعم كفى كبيرة لكل ما تفعلون، فلا توجد جهة في البلد ترحم الناس، من أجرة حافلات المدرسة الخاصة التي تزداد عاما بعد عام، وصولا الى الجامعات التي تتطلب رسوما ومصاريف، تعادل ما ينفقه طالب يدرس في امريكا او بريطانيا او بعض الدول، مع حفظ الفروقات بيننا وبين ذلك العالم. بعيدا عن التسييس المفلس لمطالبات الطلبة، لابد لإدارات الجامعات من إعادة النظر في قراراتها، فهذه الجامعات التي اغرقت نفسها بالديون، من اجل مبان فخمة، وسيارات فارهة، وسياسات توظيف غير مدروسة، هي التي تحتمل المسؤولية، لكنها بدلا من ذلك تهرب الى الطلبة، وتحملهم عجوزات موازناتها، مقابل شهادة لا ترد رأسمالها، ولا نبالغ إذا قلنا إن المبالغ التي يتم إنفاقها على التعليم، مدفوعة من أجل الوجاهة الاجتماعية، وقد لا يتم مس مقام الابن بكونه غير متعلم، فيما هو يتعلم من أجل أن يتحوصل في ديون اهله، وحياة بلا عمل. قطاع التعليم العالي بحاجة إلى من يهز أشجاره، ويسقط أوراق الخريف عنها، بدلا من سياسات الجباية، فهذه السياسات، هي التي تولد الغضب والتطرف والحقد واليأس في نفوس الشباب، وترسلهم إلى مجتمعهم، وقد تطرفت بهم كل أنواع المشاعر. ثم قولوا لنا، ونحن أبناء هذا البلد العزيز، ما الذي يعنيه الوطن لأبنائه، إذا كان لا يعلِّمهم ولا يعالجهم، ولايوظفهم، ولا يقدم لهم شيئا، وهل تكفي العواطف لصياغة فكرة الوطن؟! الدستور

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/261544