لا يمكن اعتبار قرار تعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من اذار من عام 1956 حدثا استهدف نقل قيادة الجيش للضباط الاردنيين ، ولا يمكن ان نعتبر ان هذا القرار قد كان وليد لحظته ، بل هو خطة استراتيجية وضعها المرحوم المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه منذ تسلمه لسلطاته الدستورية في الثاني من ايار من عام 1953.
ولكن وبعد مضي 59 سنة على هذا القرار التاريخي فاننا نحتاج الى قراءة متعمقة لهذا الحدث ، ولعل الذين عاصروا القرار يدركون خطورته وكيف انه كان مغامرة اقدمت عليها دولة صغيرة لا تملك قوت سنتها ولا عشر موازنتها لتهب في وجه مارد كبير تعلن التحرر من التبعية .
نكتب ونقرأ في قرار التعريب ، وقبل ايام كان لنا لقاء مع صحفي وكاتب مخضرم هو الاستاذ طارق مصاورة الذي عاصر يوم التعريب ، ولعلي استعير في مقالتي هذه العديد من عباراته وهو يصف القرار انه بالمغامرة من ملك شاب ، وبالشجاع من ابن العشرين سنة ، وانه يدعو الى وقفة الدهشة لقرار صادر من دولتنا الصغيرة ، ولكن لا بد من قراءة الحيثيات ومعرفة ان الامر هو يتعلق بسيادة الاردن وبضرورة الواؤم مع المحيط العربي في ظل حقائق نذكرها منها :
1.ان منتصف الخمسينات بدأ يشهد تراجع في قوة قبضة الاستعمار ،وانحسار النفوذ البريطاني تحديدا وان الهيمنة اصبحت محصورة في قطبي الرحى امريكا والاتحاد السوفييتي ،وهنا ادرك الاردن ان التبعية لبريطانيا لن تجدي على المدى الطويل .
2.ان المعاهدة الاردنية البريطانية الموقعة في 22 اذار 1946 لم تعد صالحة عمليا وهي في الاساس لحماية الاردن من الاعتداءات ، ولكن على ارض الواقع فان الواجهة الامامية في الضفة الغربية تشهد اعتداءات يومية وقتل ومذابح مثل مذبحة قبية وغارات على المخافر ومراكز الجيش ،وان المعاهدة هذه لم تعد ذات قيمة ولا تؤدي اي دور في حماية الاردن.
3. ان الضباط الاردنيين اصبحوا في حالة قلق على مستقبلهم ،وانهم لا يشعرون انهم بايدي امينة وان هناك حالة من الاغتراب بين الضابط الاردني وقيادة جيشه المتمثلة برئيس الاركان كلوب باشا.
4.ان المد الفكري والعقائدي ينتشر بقوة في المحيط العربي فيتأجج مع كل خطاب لعبدالناصر ويتحشد مع كل دعوة للقضاء على الامبريالية والرجعية والاستعمار ،ووجد الاردن نفسه انه المستهدف الرئيسي وان عليه ان يتلمس السبب الحقيقي ومن ثم يعالج بروية وحكمة الموقف وان يقضي على المبرر الرئيسي لاستهداف الاردن وهو ان قيادة جيش الاردن هي انجليزية.
من هنا كان التخطيط لاتخاذ القرار بهدوء وبتصميم ، وكان التمهيد بلقاءات على مستوى قيادة الجيش للبحث في تطويره وتمكين ضباط الجيش الاردنيين من تسلم المراكز القيادية المتقدمة وفصل الامن العام عن الجيش وتعزيز قوة نار الجيش وتوسيع قاعدة التجنيد ، ولكن هذه لم تكن ذات اولوية عند الجنرال كلوب. ثم كانت مذبحة قبية وتخاذل قائد اللواء الانجليزي اشتون عن نجدة البلدة وهي ضمن قاطع مسؤليته في عام 1953 ، وهذا تأكيد ان المعاهدة الاردنية البريطانية لم تعد ذات فائدة او قيمة . ووصل المغفور له الحسين الى القرار الشجاع باتخاذ خطوة تعريب قيادة الجيش العربي ، وكانت ردود الافعال بقوة اعلان الاستقلال في عام 1946 ، بل كانت الاحتفالات تتحدث عن السيادة الوطنية التامة وعن تعزيز الاستقلال الوطني ،وكذلك كانت الردود العربية والعالمية ودهشة القادة ، حتى ان الاستاذ كامل مصاورة اخبرني بان اللواء علي ابو نوار (ابو خلدون ) اخبره ان الملك الحسين اوفده الى القاهرة لينقل الى الرئيس عبدالناصر تصميم جلالته على اتخاذ قرار التعريب ، وهنا لم يوافق عبدالناصر على قرار التعريب وحذر الملك حسين بان البريطانيين لهم قوات كبيرة في المنطقة ويعلق الاستاذ كامل مصاورة فيقول ( ان عبدالناصر قد خاف .. وان الملك الحسين لم يَخَف ) .
هناك اسباب عديدة تدعونا الى اعادة قراءة قرار التعريب من جديد في ظل المتغيرات الحالية ، التي اذا توخينا الحذر من عواقبها فهي حتما ستقضي على تفاصيل تاريخنا وعلى العديد من محطاتنا وقراراتنا وانتصاراتنا ..
ولكن في عيد التعريب( تعريب قيادة الجيش العربي الاردني ) نقف وقفة عز وفخار وننحني تقديرا لجيشنا العربي الاردني الحارس الصلب والقوي الامين جيش الامن والاستقرار والعزة والكبرياء فنقول لمعرب الجيش حكمت فنعمت وعدلت وهنئت ورحمة من الله واسعة عليك ، ونقول لقائد الجيش الاعلى الملك عبدالله الثاني كل عام وانت بالف خير ، ولكل جيشنا العربي وللامن العام والدفاع المدني والدرك والمخابرات نقول لهم جميعا كل عام وانتم بالف خير ...
لا يمكن اعتبار قرار تعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من اذار من عام 1956 حدثا استهدف نقل قيادة الجيش للضباط الاردنيين ، ولا يمكن ان نعتبر ان هذا القرار قد كان وليد لحظته ، بل هو خطة استراتيجية وضعها المرحوم المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه منذ تسلمه لسلطاته الدستورية في الثاني من ايار من عام 1953.
ولكن وبعد مضي 59 سنة على هذا القرار التاريخي فاننا نحتاج الى قراءة متعمقة لهذا الحدث ، ولعل الذين عاصروا القرار يدركون خطورته وكيف انه كان مغامرة اقدمت عليها دولة صغيرة لا تملك قوت سنتها ولا عشر موازنتها لتهب في وجه مارد كبير تعلن التحرر من التبعية .
نكتب ونقرأ في قرار التعريب ، وقبل ايام كان لنا لقاء مع صحفي وكاتب مخضرم هو الاستاذ طارق مصاورة الذي عاصر يوم التعريب ، ولعلي استعير في مقالتي هذه العديد من عباراته وهو يصف القرار انه بالمغامرة من ملك شاب ، وبالشجاع من ابن العشرين سنة ، وانه يدعو الى وقفة الدهشة لقرار صادر من دولتنا الصغيرة ، ولكن لا بد من قراءة الحيثيات ومعرفة ان الامر هو يتعلق بسيادة الاردن وبضرورة الواؤم مع المحيط العربي في ظل حقائق نذكرها منها :
1.ان منتصف الخمسينات بدأ يشهد تراجع في قوة قبضة الاستعمار ،وانحسار النفوذ البريطاني تحديدا وان الهيمنة اصبحت محصورة في قطبي الرحى امريكا والاتحاد السوفييتي ،وهنا ادرك الاردن ان التبعية لبريطانيا لن تجدي على المدى الطويل .
2.ان المعاهدة الاردنية البريطانية الموقعة في 22 اذار 1946 لم تعد صالحة عمليا وهي في الاساس لحماية الاردن من الاعتداءات ، ولكن على ارض الواقع فان الواجهة الامامية في الضفة الغربية تشهد اعتداءات يومية وقتل ومذابح مثل مذبحة قبية وغارات على المخافر ومراكز الجيش ،وان المعاهدة هذه لم تعد ذات قيمة ولا تؤدي اي دور في حماية الاردن.
3. ان الضباط الاردنيين اصبحوا في حالة قلق على مستقبلهم ،وانهم لا يشعرون انهم بايدي امينة وان هناك حالة من الاغتراب بين الضابط الاردني وقيادة جيشه المتمثلة برئيس الاركان كلوب باشا.
4.ان المد الفكري والعقائدي ينتشر بقوة في المحيط العربي فيتأجج مع كل خطاب لعبدالناصر ويتحشد مع كل دعوة للقضاء على الامبريالية والرجعية والاستعمار ،ووجد الاردن نفسه انه المستهدف الرئيسي وان عليه ان يتلمس السبب الحقيقي ومن ثم يعالج بروية وحكمة الموقف وان يقضي على المبرر الرئيسي لاستهداف الاردن وهو ان قيادة جيش الاردن هي انجليزية.
من هنا كان التخطيط لاتخاذ القرار بهدوء وبتصميم ، وكان التمهيد بلقاءات على مستوى قيادة الجيش للبحث في تطويره وتمكين ضباط الجيش الاردنيين من تسلم المراكز القيادية المتقدمة وفصل الامن العام عن الجيش وتعزيز قوة نار الجيش وتوسيع قاعدة التجنيد ، ولكن هذه لم تكن ذات اولوية عند الجنرال كلوب. ثم كانت مذبحة قبية وتخاذل قائد اللواء الانجليزي اشتون عن نجدة البلدة وهي ضمن قاطع مسؤليته في عام 1953 ، وهذا تأكيد ان المعاهدة الاردنية البريطانية لم تعد ذات فائدة او قيمة . ووصل المغفور له الحسين الى القرار الشجاع باتخاذ خطوة تعريب قيادة الجيش العربي ، وكانت ردود الافعال بقوة اعلان الاستقلال في عام 1946 ، بل كانت الاحتفالات تتحدث عن السيادة الوطنية التامة وعن تعزيز الاستقلال الوطني ،وكذلك كانت الردود العربية والعالمية ودهشة القادة ، حتى ان الاستاذ كامل مصاورة اخبرني بان اللواء علي ابو نوار (ابو خلدون ) اخبره ان الملك الحسين اوفده الى القاهرة لينقل الى الرئيس عبدالناصر تصميم جلالته على اتخاذ قرار التعريب ، وهنا لم يوافق عبدالناصر على قرار التعريب وحذر الملك حسين بان البريطانيين لهم قوات كبيرة في المنطقة ويعلق الاستاذ كامل مصاورة فيقول ( ان عبدالناصر قد خاف .. وان الملك الحسين لم يَخَف ) .
هناك اسباب عديدة تدعونا الى اعادة قراءة قرار التعريب من جديد في ظل المتغيرات الحالية ، التي اذا توخينا الحذر من عواقبها فهي حتما ستقضي على تفاصيل تاريخنا وعلى العديد من محطاتنا وقراراتنا وانتصاراتنا ..
ولكن في عيد التعريب( تعريب قيادة الجيش العربي الاردني ) نقف وقفة عز وفخار وننحني تقديرا لجيشنا العربي الاردني الحارس الصلب والقوي الامين جيش الامن والاستقرار والعزة والكبرياء فنقول لمعرب الجيش حكمت فنعمت وعدلت وهنئت ورحمة من الله واسعة عليك ، ونقول لقائد الجيش الاعلى الملك عبدالله الثاني كل عام وانت بالف خير ، ولكل جيشنا العربي وللامن العام والدفاع المدني والدرك والمخابرات نقول لهم جميعا كل عام وانتم بالف خير ...
لا يمكن اعتبار قرار تعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من اذار من عام 1956 حدثا استهدف نقل قيادة الجيش للضباط الاردنيين ، ولا يمكن ان نعتبر ان هذا القرار قد كان وليد لحظته ، بل هو خطة استراتيجية وضعها المرحوم المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه منذ تسلمه لسلطاته الدستورية في الثاني من ايار من عام 1953.
ولكن وبعد مضي 59 سنة على هذا القرار التاريخي فاننا نحتاج الى قراءة متعمقة لهذا الحدث ، ولعل الذين عاصروا القرار يدركون خطورته وكيف انه كان مغامرة اقدمت عليها دولة صغيرة لا تملك قوت سنتها ولا عشر موازنتها لتهب في وجه مارد كبير تعلن التحرر من التبعية .
نكتب ونقرأ في قرار التعريب ، وقبل ايام كان لنا لقاء مع صحفي وكاتب مخضرم هو الاستاذ طارق مصاورة الذي عاصر يوم التعريب ، ولعلي استعير في مقالتي هذه العديد من عباراته وهو يصف القرار انه بالمغامرة من ملك شاب ، وبالشجاع من ابن العشرين سنة ، وانه يدعو الى وقفة الدهشة لقرار صادر من دولتنا الصغيرة ، ولكن لا بد من قراءة الحيثيات ومعرفة ان الامر هو يتعلق بسيادة الاردن وبضرورة الواؤم مع المحيط العربي في ظل حقائق نذكرها منها :
1.ان منتصف الخمسينات بدأ يشهد تراجع في قوة قبضة الاستعمار ،وانحسار النفوذ البريطاني تحديدا وان الهيمنة اصبحت محصورة في قطبي الرحى امريكا والاتحاد السوفييتي ،وهنا ادرك الاردن ان التبعية لبريطانيا لن تجدي على المدى الطويل .
2.ان المعاهدة الاردنية البريطانية الموقعة في 22 اذار 1946 لم تعد صالحة عمليا وهي في الاساس لحماية الاردن من الاعتداءات ، ولكن على ارض الواقع فان الواجهة الامامية في الضفة الغربية تشهد اعتداءات يومية وقتل ومذابح مثل مذبحة قبية وغارات على المخافر ومراكز الجيش ،وان المعاهدة هذه لم تعد ذات قيمة ولا تؤدي اي دور في حماية الاردن.
3. ان الضباط الاردنيين اصبحوا في حالة قلق على مستقبلهم ،وانهم لا يشعرون انهم بايدي امينة وان هناك حالة من الاغتراب بين الضابط الاردني وقيادة جيشه المتمثلة برئيس الاركان كلوب باشا.
4.ان المد الفكري والعقائدي ينتشر بقوة في المحيط العربي فيتأجج مع كل خطاب لعبدالناصر ويتحشد مع كل دعوة للقضاء على الامبريالية والرجعية والاستعمار ،ووجد الاردن نفسه انه المستهدف الرئيسي وان عليه ان يتلمس السبب الحقيقي ومن ثم يعالج بروية وحكمة الموقف وان يقضي على المبرر الرئيسي لاستهداف الاردن وهو ان قيادة جيش الاردن هي انجليزية.
من هنا كان التخطيط لاتخاذ القرار بهدوء وبتصميم ، وكان التمهيد بلقاءات على مستوى قيادة الجيش للبحث في تطويره وتمكين ضباط الجيش الاردنيين من تسلم المراكز القيادية المتقدمة وفصل الامن العام عن الجيش وتعزيز قوة نار الجيش وتوسيع قاعدة التجنيد ، ولكن هذه لم تكن ذات اولوية عند الجنرال كلوب. ثم كانت مذبحة قبية وتخاذل قائد اللواء الانجليزي اشتون عن نجدة البلدة وهي ضمن قاطع مسؤليته في عام 1953 ، وهذا تأكيد ان المعاهدة الاردنية البريطانية لم تعد ذات فائدة او قيمة . ووصل المغفور له الحسين الى القرار الشجاع باتخاذ خطوة تعريب قيادة الجيش العربي ، وكانت ردود الافعال بقوة اعلان الاستقلال في عام 1946 ، بل كانت الاحتفالات تتحدث عن السيادة الوطنية التامة وعن تعزيز الاستقلال الوطني ،وكذلك كانت الردود العربية والعالمية ودهشة القادة ، حتى ان الاستاذ كامل مصاورة اخبرني بان اللواء علي ابو نوار (ابو خلدون ) اخبره ان الملك الحسين اوفده الى القاهرة لينقل الى الرئيس عبدالناصر تصميم جلالته على اتخاذ قرار التعريب ، وهنا لم يوافق عبدالناصر على قرار التعريب وحذر الملك حسين بان البريطانيين لهم قوات كبيرة في المنطقة ويعلق الاستاذ كامل مصاورة فيقول ( ان عبدالناصر قد خاف .. وان الملك الحسين لم يَخَف ) .
هناك اسباب عديدة تدعونا الى اعادة قراءة قرار التعريب من جديد في ظل المتغيرات الحالية ، التي اذا توخينا الحذر من عواقبها فهي حتما ستقضي على تفاصيل تاريخنا وعلى العديد من محطاتنا وقراراتنا وانتصاراتنا ..
ولكن في عيد التعريب( تعريب قيادة الجيش العربي الاردني ) نقف وقفة عز وفخار وننحني تقديرا لجيشنا العربي الاردني الحارس الصلب والقوي الامين جيش الامن والاستقرار والعزة والكبرياء فنقول لمعرب الجيش حكمت فنعمت وعدلت وهنئت ورحمة من الله واسعة عليك ، ونقول لقائد الجيش الاعلى الملك عبدالله الثاني كل عام وانت بالف خير ، ولكل جيشنا العربي وللامن العام والدفاع المدني والدرك والمخابرات نقول لهم جميعا كل عام وانتم بالف خير ...
التعليقات
هل يمكن ان نقرأ تعريب قيادة الجيش العربي من جديد
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
هل يمكن ان نقرأ تعريب قيادة الجيش العربي من جديد
لا يمكن اعتبار قرار تعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من اذار من عام 1956 حدثا استهدف نقل قيادة الجيش للضباط الاردنيين ، ولا يمكن ان نعتبر ان هذا القرار قد كان وليد لحظته ، بل هو خطة استراتيجية وضعها المرحوم المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه منذ تسلمه لسلطاته الدستورية في الثاني من ايار من عام 1953.
ولكن وبعد مضي 59 سنة على هذا القرار التاريخي فاننا نحتاج الى قراءة متعمقة لهذا الحدث ، ولعل الذين عاصروا القرار يدركون خطورته وكيف انه كان مغامرة اقدمت عليها دولة صغيرة لا تملك قوت سنتها ولا عشر موازنتها لتهب في وجه مارد كبير تعلن التحرر من التبعية .
نكتب ونقرأ في قرار التعريب ، وقبل ايام كان لنا لقاء مع صحفي وكاتب مخضرم هو الاستاذ طارق مصاورة الذي عاصر يوم التعريب ، ولعلي استعير في مقالتي هذه العديد من عباراته وهو يصف القرار انه بالمغامرة من ملك شاب ، وبالشجاع من ابن العشرين سنة ، وانه يدعو الى وقفة الدهشة لقرار صادر من دولتنا الصغيرة ، ولكن لا بد من قراءة الحيثيات ومعرفة ان الامر هو يتعلق بسيادة الاردن وبضرورة الواؤم مع المحيط العربي في ظل حقائق نذكرها منها :
1.ان منتصف الخمسينات بدأ يشهد تراجع في قوة قبضة الاستعمار ،وانحسار النفوذ البريطاني تحديدا وان الهيمنة اصبحت محصورة في قطبي الرحى امريكا والاتحاد السوفييتي ،وهنا ادرك الاردن ان التبعية لبريطانيا لن تجدي على المدى الطويل .
2.ان المعاهدة الاردنية البريطانية الموقعة في 22 اذار 1946 لم تعد صالحة عمليا وهي في الاساس لحماية الاردن من الاعتداءات ، ولكن على ارض الواقع فان الواجهة الامامية في الضفة الغربية تشهد اعتداءات يومية وقتل ومذابح مثل مذبحة قبية وغارات على المخافر ومراكز الجيش ،وان المعاهدة هذه لم تعد ذات قيمة ولا تؤدي اي دور في حماية الاردن.
3. ان الضباط الاردنيين اصبحوا في حالة قلق على مستقبلهم ،وانهم لا يشعرون انهم بايدي امينة وان هناك حالة من الاغتراب بين الضابط الاردني وقيادة جيشه المتمثلة برئيس الاركان كلوب باشا.
4.ان المد الفكري والعقائدي ينتشر بقوة في المحيط العربي فيتأجج مع كل خطاب لعبدالناصر ويتحشد مع كل دعوة للقضاء على الامبريالية والرجعية والاستعمار ،ووجد الاردن نفسه انه المستهدف الرئيسي وان عليه ان يتلمس السبب الحقيقي ومن ثم يعالج بروية وحكمة الموقف وان يقضي على المبرر الرئيسي لاستهداف الاردن وهو ان قيادة جيش الاردن هي انجليزية.
من هنا كان التخطيط لاتخاذ القرار بهدوء وبتصميم ، وكان التمهيد بلقاءات على مستوى قيادة الجيش للبحث في تطويره وتمكين ضباط الجيش الاردنيين من تسلم المراكز القيادية المتقدمة وفصل الامن العام عن الجيش وتعزيز قوة نار الجيش وتوسيع قاعدة التجنيد ، ولكن هذه لم تكن ذات اولوية عند الجنرال كلوب. ثم كانت مذبحة قبية وتخاذل قائد اللواء الانجليزي اشتون عن نجدة البلدة وهي ضمن قاطع مسؤليته في عام 1953 ، وهذا تأكيد ان المعاهدة الاردنية البريطانية لم تعد ذات فائدة او قيمة . ووصل المغفور له الحسين الى القرار الشجاع باتخاذ خطوة تعريب قيادة الجيش العربي ، وكانت ردود الافعال بقوة اعلان الاستقلال في عام 1946 ، بل كانت الاحتفالات تتحدث عن السيادة الوطنية التامة وعن تعزيز الاستقلال الوطني ،وكذلك كانت الردود العربية والعالمية ودهشة القادة ، حتى ان الاستاذ كامل مصاورة اخبرني بان اللواء علي ابو نوار (ابو خلدون ) اخبره ان الملك الحسين اوفده الى القاهرة لينقل الى الرئيس عبدالناصر تصميم جلالته على اتخاذ قرار التعريب ، وهنا لم يوافق عبدالناصر على قرار التعريب وحذر الملك حسين بان البريطانيين لهم قوات كبيرة في المنطقة ويعلق الاستاذ كامل مصاورة فيقول ( ان عبدالناصر قد خاف .. وان الملك الحسين لم يَخَف ) .
هناك اسباب عديدة تدعونا الى اعادة قراءة قرار التعريب من جديد في ظل المتغيرات الحالية ، التي اذا توخينا الحذر من عواقبها فهي حتما ستقضي على تفاصيل تاريخنا وعلى العديد من محطاتنا وقراراتنا وانتصاراتنا ..
ولكن في عيد التعريب( تعريب قيادة الجيش العربي الاردني ) نقف وقفة عز وفخار وننحني تقديرا لجيشنا العربي الاردني الحارس الصلب والقوي الامين جيش الامن والاستقرار والعزة والكبرياء فنقول لمعرب الجيش حكمت فنعمت وعدلت وهنئت ورحمة من الله واسعة عليك ، ونقول لقائد الجيش الاعلى الملك عبدالله الثاني كل عام وانت بالف خير ، ولكل جيشنا العربي وللامن العام والدفاع المدني والدرك والمخابرات نقول لهم جميعا كل عام وانتم بالف خير ...
التعليقات