طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


ادعوا لهم


ملحمة جديدة.. مذبحة جديدة.. إبادة جماعية.. سموها ما شئتم وما شاءت حروف اللغة.. فاﻷمر سيان لا فرق، جميعها في النهاية تؤدي إلى نتيجة واحدة، لأشلاء أجساد أطفال ونساء ورجال تبعثرت هنا وهناك، كما بعثرت طعام إفطارهم الذي لم يمسوه.. بقايا بيوت هدمت فوق رؤوس من سكنوها قبل أن تفيء أرواحهم إلى بارئها..أمهات ثكلى وأرامل حرمن حتى من البكاء، فقد جف الدمع وأصبح عزيزا في عيونهم ولم يبق من أصواتهم إلا صداها الذي يتردد منذ سنين، كفى قتلا.. كفى ظلما.. كفى معاناة، حال بات يشكل جزءاً من قدرهم، لم يعرفوا الفرح كغيرهم من الشعوب، لم يمارسوا طقسا من طقوسه، فهو نوع من أنواع الرفاهية التي ليست لهم، أطفالهم ولدوا رجالا من رحم المأساة، فاحتل الحجر أيديهم مكان ألعابهم، وصوت الرصاص والقنابل والقصف مكان أناشيد طفولتهم وحلم بغد مختلف بعيد المنال. مشهد ليس بجديد، فما أشبه اليوم بالبارحة، بالسنوات الماضية على الفلسطينيين والغزيين، فقاتلهم وجلادهم ومغتصب أرضهم، عصابة مرتزقة تمتلك من الفجور والوقاحة والدموية والهمجية لفعل المزيد من التنكيل بهم، وردود فعل دولنا العربية أيضا ليست بجديدة، فهذه الدولة تشجب وتلك تدين وأخرى يهزها المشهد فتأسف للمصاب، وتبعث لهم بطرود الإغاثة، والجامعة العربية التي بتنا نشك بعروبتها تدعو لاجتماع طارىء وتناشد مجلس اﻷمن الذي لم يكن يوما أمينا علينا، فالمبجل بان كي مون الذي من علينا بوجوده في الجلسة الطارئة خرج بنتيجة هامة أن ما يدعى بإسرائيل لديها قلق شرعي، وهو أيضا لديه قلق بتصاعد عدد القتلى الفلسطينيين، ميزان عدالة متوازن فقد أدان المجني عليه ﻷنه قتل، وأدان البيوت لأنها جاءت في مرمى الطيران الحاقد الذي قصفها فحول ساكنيها إلى أجساد متفحمة ومبعثرة، أما بلاد الحريات اﻷمريكية فستستخدم حق النقض الفيتو في مجلس اﻷمن لتنجو ربيبتها وتخرج بقرار وقف فوري لإطلاق النار في غزة.. لا ولن تسمح أو ترضخ له إسرائيل إلا متى أرادت. نحن من أوصلنا أنفسنا إلى هذه المرحلة لتكون دماؤنا رخيصة، وجراحنا لا يرونها، ومأساتنا لاتهمهم، لأننا هنَّا وصغرنا في عيونهم كأمة عربية متخاذلة متشرذمة مستكينة، فسيوفنا قواطع على بعضنا البعض، وعلى غيرنا لا نملك إلا الإدانة عبر خبر عاجل في الفضائيات هنا وهناك. يا شعب الجبارين، لا تأملوا منهم شيئا، فصرخة وامعتصماه.. واعرباه.. لا ولن تصل إليهم فقد صمت آذانهم وكفت أعينهم، فأنتم من ستصنعون نصركم بقوافل شهدائكم، بزغرودة أم تزف ولدها عريسا ليوم شهادته، بخيمة تنصبونها من بقايا دمار بيوتكم، لتبقوا مغروسين متجذرين في اﻷرض التي ستنبت يوما ما من دماء شهدائكم، شجرة اسمها الحرية، فالحرية تليق بكم وحدكم، لأنكم تركتم لوحدكم. أيها الصائمون، أدعوا لهم فلم يبق لهم بعد الله رجاء إلا دعائكم..

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/198974