طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


فلسطين بين فكي إسرائيل وأمريكا


أزمة المفاوضات الفلسطينية مع إسرائيل التي تدار تحت رعاية أمريكية منفردة وتحمل تحت جناحها الملف الأردني أيضاً منها وصلت إلى طريق مسدود على ما يبدو وإلى نقطة اللعودة والبحث عن طرق جديدة مثل تسجيل القضية الفلسطينية إلى جانب 14 قضية عالمية مماثلة تعاني من الاحتلال، واعتبار فلسطين منطقة منكوبة شعبها مشرد ومسجون، وقدسها وأقصاها مهددان بالتقسيم والهدم، ورفض صريح لحق العودة والتعويض واعتباره ملكاً لشتات اليهود فقط، وجدار عازل عنصري، ودولة فلسطينية سرابية، وتوقع لانتفاضة جديدة ثالثة مرعبة قادرة على إحداث اهتزاز سياسي شرق أوسطي مماثل لما يحدث في سورية والعراق، وارتياح إسرائيلي للرعاية الأمريكية وتكليف لها بقيادة المفاوضات وقبول عربي رسمي بذلك، وفي المقابل تل أبيب تعرف أن واشنطن وحدها القادرة على حماية مصالح وأمن إسرائيل ولديها قناعة ولأمريكا أيضاً بضرورة عزل روسيا من ملف المفاوضات هذه لإيمانها العميق بأهمية تطبيق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وخاصة 242 الموجه للعودة بالاحتلال الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران وحفظ حق العودة للفلسطينيين العرب، وبسبب استمرار الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي رغم قناعة روسيا بضرورة بناء عالم متعدد الأقطاب. أمريكا التي تختال بقوتها وعظمتها ولا تحسب حساباً كبيراً لقوة وعظمة روسيا ودول مجلس الأمن الأخرى العملاقة التي تملك قرار (الفيتو) وقوة نووية جبارة أيضاً مثل الصين وبريطانيا وفرنسا تعمل على تجميد دورهم في الملف الفلسطيني والمضي قدماً في استخدام حق النقض الفيتو لإفشال أي قرار يدين إسرائيل في حروبها واحتلالاتها أو يدعوها للخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو ما لاحظناه حول قطاع غزة 2006 وفي الحرب اللبنانية أيضاً، وأصبحت إسرائيل قوة نووية أيضاً في قلب الشرق الأوسط منذ منتصف الأربعينات وهي تعتبر نفسها متفوقة في السلاح غير التقليدي ومسنودة بقوة من حلف الناتو الغربي الأمريكي، ومن هذا المنطلق تغطي على اعتقاداتها التاريخية والدينية التوراتية الزائفة أثناء تفاوضها مع الفلسطينيين خاصة وباقي العرب ولها مصلحة في الأزمتين السورية والعراقية الدمويتين وفي السيطرة على سلاحهما غير التقليدي بينما تبقي على سلاحها من نفس النوع، وسياسة تحييد العرب عن جوهر القضية الفلسطينية إسرائيلياً ماثل منذ توقيعها على معاهدة سلام مع مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد 1978 ومع الأردن بعد وادي عربة عام 1994 مروراً بمدريد 1991 وأوسلو 1993 وقبل ذلك عام 1974 العرب أنفسهم دفعوا بنفس الاتجاه عندما طلبوا في قمة الرباط أن تنفرد منظمة التحرير الفلسطينية (م. ت. ف) بالمطالبة بقيام الدولة الفلسطينية، وبعدها جاء فك الارتباط الإداري والقانوني عن الضفة الغربية ليعزز هذا التوجه، ثم نلاحظ الآن كيف تعمل أمريكا على إقناع الأردن بضمان كافة الحقوق الوطنية في المفاوضات مع الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل مشترك أو منفرد، ورفض إسرائيلي لتوقيع سلام شامل وعادل مع كل بلاد العرب منذ مبادرة العربية السعودية في بيروت عام 2002 بعد الانسحاب إلى حدود 1967 وقيام الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين والانسحاب من الجولان بعد تفعيل مبدأ الأرض مقابل السلام رغم عدم تحدث المبادرة عن ضرورة الخروج الإسرائيلي من مزارع شبعا اللبنانية وربما أن هذا سقط سهواً والحرص على علاقات منفردة علنية وسرية مع بعضهم. عدم جدية إسرائيل في السلام الذي يصب في صالحها والعرب يدفع بالفلسطينيين وكل العرب إلى عدم الثقة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن وقراراتهما وطرح موضوع البحث في شرعية عضوية الكيان الإسرائيلي غير الشرعي في الأمم المتحدة والتفافهما عليها عام 1947 وإصدار قرار لتقسيم فلسطين إلى دولتين عبرية تحولت إلى دولة وقلعة شبه منعزلة عن محيطها العربي بينما هي في الأصل نتاج لمخرجات الحرب العالمية الثانية 1945 التي قادها النازي أدولف هتلر، ولرفض مشروع الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين الذي عرض على الهجرات اليهودية تحويل الاتجاه إلى إقليم القرم (الكريم – الروسي حالياً) أو البقاء في جمهورية بارابيجان الروسية اليهودية السكان عام 1950، وفي كتاب الأردن وحرب السلام للدكتورة مديحة المدفعي ص 35 نقرأ مقولة لرئيس وزراء وأعيان الأردن الأسبق زيد الرفاعي مفادها بأن: التاريخ الصهيوني اعتمد على ثلاث شخصيات بارزة أثناء تأسيس إسرائيل المتعجرفة والمتعالية التي نلاحظها الآن وهم هيرتزل الذي صاغ الفكرة وبن غوريون الذي أسس الدولة وكيسنجر الذي عزز مؤسساتها وأمدها بالقوة، ويقابل هذه المعادلة السياسية الشائكة اعتبار إسرائيل الدولة الفلسطينية بأنها لا تقل خطراً عن قنبلة إيران النووية المفترضة، فعن أي سلام مع إسرائيل نتحدث؟ إسرائيل نتنياهو وشيمون بيريز تطرح الآن معادلة لا دولة فلسطينية إلا عبر المفاوضات لكنها تريدها بالمقياس الإسرائيلي ناقصة السيادة وتعج بالمستوطنات اليهودية وقدسها مقسمة وأهلها في حالة تشرد، والهجرة اليهودية دائمة الاستمرار وتريد تهويد فلسطين التاريخية مقابل ذلك والدفع بأهل فلسطين للهجرة تجاه بلاد العرب والعالم، وجولات جون كيري وزير خارجية أمريكا المكوكية إلى الأراضي الفلسطينية تدفع إلى سراب، وآن الأوان لمجلس الأمن أن يقرع الجرس ويعمل بصورة مشتركة للخروج بقرار موحد يجبر إسرائيل ولا يقنعها فقط للخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 قبل أن يقع الفأس بالرأس وتندلع انتفاضة جديدة ثالثة تزيد من نيران الربيع العربي وتدفع بالمنطقة الشرق أوسطية الملتهبة أصلاً إلى المجهول. سبب شبه انغلاق إسرائيل على نفسها وسط العرب سياسياً يعود إلى تمسكها الخاطئ بتفاسير توراتها المزورة واجتهادات أحزابها، فأرض الميعاد حكاية دينية يهودية هزيلة أمام ما يقوله التاريخ عن العمق العربي في فلسطين، فلقد وصل الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية إليها 3000 ق.م، وبعد عام 586 ق. م هزمت مملكة اليهود على يد البابليين بقيادة نبوخذ نصر ورحّلوا أهلها إلى بابل ولم يبقى لسليمان ابن داوود عليه السلام أي أثر أو هيكل كما يدعي اليهود أنفسهم (ويكيبيديا - الموسوعة الحرة)، وحزب العمل هفوداه ينادي بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، بينما ينادي حزب ميرتس بإقامة نظام وصاية دولية محل الاحتلال الإسرائيلي والتفاوض مع كل من يختاره الشعب الفلسطيني، وحزب شعب واحد (عام احاد) ينادي بالقدس تحت السيادة الإسرائيلية حتى المفاوضات النهائية التي تقرر مكانتها، وحزب حيروت التصحيحي ينادي بتركيز (الشعب اليهودي) في بلاد إسرائيل، وحزب إسرائيل بالهجرة (بعليا) ينادي بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ويكرر ذلك حزب الاتحاد القومي (هايحود هلئومي)، ويؤكد حزب شاس الديني المتطرف على عدم أحقية بناء الدولة الفلسطينية ويكرر ذلك حزب المفدال (الديني القومي)، وحزب يهودية التوراة (يهودات هتوراه) لا يدعو لقيام الدولة الفلسطينية ويعتبر القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وحزب التغيير (شينوي) يدعو لإلغاء حق العودة، وتبقى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداث) العربية الوحيدة التي تنادي هناك بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف على حدود الـ 1967، ومحاولة للكنيست سابقة للتطاول على الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، والله أعلم وحده ما تحيكه لقضية فلسطين في الظلام مؤسسة (أيباك) الصهيونية القابعة في عمق أمريكا.

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/188982