في بِر الجامعات وأهلها نقول ... دمتم 'أهلا' لنا !
ربما لا أجد أجمل عملا يتقرب اليه الغرب الى الله, من عظيم منابر جامعاتهم وصروح معارفهم وفخر علومهم, ولعلي لا أجد أفضل عملا قدموه للانسانية كتلك التي منحوها لرواد أفواج العلم من شتى أصقاع المعمورة, ومن شتى الأصول والمنابت والعرق والدين... كل هذا في 'ميزان حسناتهم' ... ان شاء الله!
ما من عام أو عامين, الّا وجرس الباب يقرع ... ببريد الكتروني من هذه الجامعة أو تلك... ليطمئن عن حالنا وأحوالنا ... وأين نحن ... وكيف نحن ... واين وصلنا بانجازاتنا ... وأين وصلت انجازاتنا بنا... جرس لا يهدأ .... بريد لا ينضب ... رسائل لا تنقطع ... حب لا يعرف اليأس!
كثير من المناسبات التي لا زلت اتذكرها الى اليوم وكان لها الوقع في نفسي الى اللحظة .. سأذكر منها تجربتين ... تجربة لي من جامعة ورك و البرفيسور بيتر بيرنيل ... وتجربة من كلية سيتدل والبروفيسور ايموري ...
بيتر بيرنيل: 'ضابط' أكاديمي انجليزي مخلص ... لا يعرف 'كل شيء'!
بيرنيل والوقت:
لو اختلف الوقت مع نفسه يوما وتذمّر ... لصحّح قوامه وزجره هذا الانسان ... ضابط لعقارب الساعه بعينيه... يمشي والساعة على مسافة واحده على قدر وساق ... تنظره ولا ينظرها ... ضابط اكاديمي بارع بامتيار... مخلص لجامعته وطلابه ... بكل ما في الكلمة من معنى!
بيرنيل والطلاب:
يبدأ هذا البرفيسور محاضراته دوما بسؤال ... ويُنهيها بسؤال... وسؤال يُفضي الى سؤال ... وكل سؤال بالطبع يُفضي الى حوار ونقاش وجدال .. وهو ففط يستمع ... ثم يُدير المحاضرة بسؤال اخر واخر واخر حتى تحقق مسار المحاضرة اهدافها كما وضعها البروفيسور في مخيلته من دون ان نشعر ... في جو الحوار والنقاش والحماس...كل اراء ومداخلات الطلاب كانت في غاية من الأهمية بالنسبة له, يدِّون في كراسته ضعفي ما يدونه الطلاب من نقاش ومداولات, يستمع لكل صغيرة وكبيرة, ويكيل بالمديح والاطراء لجميع الطلاب ليرفع من شأنهم وشأن فكرهم وثقتهم في أنفسهم ... بغض النظر عن نوعية وكمية المداخلات التي تمت من كل طالب في المحاضرة... فكل طالب عنده سواء!
ثقته بنفسه ... بيرنيل لا يعرف كل شيء!
ولكن ما استوقفي في اكثر من مناسبه, انه في بعض الاحيان عندما يطرح بعض الطلبة الأسئلة عليه, فيجيب بكل ثقة وبدون اأي تردد ... 'لا أعرف ... سوف اسأل زميلي –ويذكر اسمه- وسأعود بالاجابة اليكم في المحاضرة القادمة!! يقولها هذا البروفيسور الذي يكون أعظم باحث في علوم المساعدات الدولية والديموقراطيه بوجه الخصوص ولو قام احدنا بالبحث عن اعماله في 'جوجل' لرأيت العجب العُجاب لاعمال وابحاث ودراسات هذا الرجل!!
بيرنيل يستثمر في الطلاب!
عشية فتره الامتحانات, وحيث القلوب بلغت الحناجر عند الطلاب, لا زلت اتذكر قولته المدوية لنا دائما ... 'تذكروا دائما أننا نستثمر فيكم... انتم استثمارنا'!!! الرجل الانجليزي هذا يستثمر في ابناء غير جلدته ... فأي غيرة وأي حب وأي انتماء مزروع في شخص هذا العالم المتواضع الرائع!! فعلا لو عرفنا كيف نستثمر بطلابنا ولو بكلمة, وليس بكثرة الاموال والسياسات, لما وصل حال طلابنا الى ما نحن عليه اليوم! فأيُ نُضح فكري وحضاري يمتلكه هذا الانسان ليختزل جميع الحضارات والثقافات الاخرى ليستثمر بها؟! ونحن لا نستطيع ان نستثمر في ابناء ثقافتنا وجلدتنا اليوم؟!
البروفيسور ايموري ... رئيس قسم اللغة الفرنسية/ كلية سيتدل العسكرية!
الكلية الأقوى بلا منازع, كلية سيتدل, اربعة سنوات رأيت فيها من ايات ربي الصغرى والمتوسطه, دخل سريتنا في السنه الولى اربعون وتخرج منها حوالي 17 وبالكاد انهيناها .. وما كنّا فاعلين!
أذكر انني ذهبت الى بروفيسور ايموري يوما, اشكو اليه ضعفي في اللغة الفرنسية كمتطلب لغات أجنبية لجميع الطلات وفي اربع مواد لكل لغة, وانني استصعبها جدا ... وقلت له ' يا سيدي بروفيسور ايموري, ان اللغة الفرنسية هي اللغة الثالثة لي والثانية للطالب الاميركي.. وهذا ليس من العدالة في شيء... يكفيني أن أدرس الانجليزيه كلغة ثانية لي ... مساواة وأسوة بالطلاب الأميركيين'.. هناك ضحك البروفيسور وبدأ بالقهقهة .. وانا أصبحت في غاية الخوف كوني لا أعلم ما تخفيه هذه القهقهة!! قال لي بعدها .. اذهب وعد الي بعد اسبوعين. فقط عدت اليه بعد اسبوعين واذ هو يخبرني بأن مجلس الامناء واصحاب القرار في الجامعه, قد أخذوا في شكواي ومنطقي, وقاموا باصدار قرار يُعفي كل طالب أجنبي من دراسة اللغات الاجنبيه عدا الانجليزيه على أن يدرسوا مواد اختيارية تغطي عدد ساعات اللغات الاجنبيه التي كان عليه دراستها!
هذه الكليه العريقه أخذت بمنطق طالب في العشرين من عمره, قدرته خير تقدير واحترمت فكره ومنطقه ... فأخذت به وفي ثلاثة اسابيع لا أكثر! لا غرابة كيف تنهض هذه الأمم وتستقيم ... ليس الانسان فحسب, ايا كان منبته, بل في فكره وعقله ومنطقه ايضا محترم!
في الخاتمة: من لا يشكر الناس .. لا يشكر الله!
كيف لي أن لا أشكر الله أولا ... لأشكره ثانية لشكر الناس .. ... وكيف لي أن لا أذكر أعلام جهابذه كهؤلاء! أحمد الله حمدا كثيرا أن هيأ لي ... من رجالات العلوم خيارها ... و من مؤسسات النور أجمل أطيافها ... وخصني من عبق المعارف ... صفوة عطرها.
تحية الى تلك المؤسسات وهؤلاء العلماء الأشاوس... الذين لا يكِلون عطفا ولا يملون جهدا في السؤال عن 'أبنائهم' و'أحوال رعيتهم' ... بعد سنوات وسنوات من 'قبلة' الوداع ... تحية خالصة الى جميع أساتذتي في جامعة ورك البريطانية وكلية ستدل العسكرية الاميركية... والى جميع من ساهم في الوصول الى ما انا ونحن عليه .. في الداخل من أهلي ... وفي الخارج من 'أهلي' ... ولو بشق تمرة!
Dr_waleedd@yahoo.com
في بِر الجامعات وأهلها نقول ... دمتم 'أهلا' لنا !
ربما لا أجد أجمل عملا يتقرب اليه الغرب الى الله, من عظيم منابر جامعاتهم وصروح معارفهم وفخر علومهم, ولعلي لا أجد أفضل عملا قدموه للانسانية كتلك التي منحوها لرواد أفواج العلم من شتى أصقاع المعمورة, ومن شتى الأصول والمنابت والعرق والدين... كل هذا في 'ميزان حسناتهم' ... ان شاء الله!
ما من عام أو عامين, الّا وجرس الباب يقرع ... ببريد الكتروني من هذه الجامعة أو تلك... ليطمئن عن حالنا وأحوالنا ... وأين نحن ... وكيف نحن ... واين وصلنا بانجازاتنا ... وأين وصلت انجازاتنا بنا... جرس لا يهدأ .... بريد لا ينضب ... رسائل لا تنقطع ... حب لا يعرف اليأس!
كثير من المناسبات التي لا زلت اتذكرها الى اليوم وكان لها الوقع في نفسي الى اللحظة .. سأذكر منها تجربتين ... تجربة لي من جامعة ورك و البرفيسور بيتر بيرنيل ... وتجربة من كلية سيتدل والبروفيسور ايموري ...
بيتر بيرنيل: 'ضابط' أكاديمي انجليزي مخلص ... لا يعرف 'كل شيء'!
بيرنيل والوقت:
لو اختلف الوقت مع نفسه يوما وتذمّر ... لصحّح قوامه وزجره هذا الانسان ... ضابط لعقارب الساعه بعينيه... يمشي والساعة على مسافة واحده على قدر وساق ... تنظره ولا ينظرها ... ضابط اكاديمي بارع بامتيار... مخلص لجامعته وطلابه ... بكل ما في الكلمة من معنى!
بيرنيل والطلاب:
يبدأ هذا البرفيسور محاضراته دوما بسؤال ... ويُنهيها بسؤال... وسؤال يُفضي الى سؤال ... وكل سؤال بالطبع يُفضي الى حوار ونقاش وجدال .. وهو ففط يستمع ... ثم يُدير المحاضرة بسؤال اخر واخر واخر حتى تحقق مسار المحاضرة اهدافها كما وضعها البروفيسور في مخيلته من دون ان نشعر ... في جو الحوار والنقاش والحماس...كل اراء ومداخلات الطلاب كانت في غاية من الأهمية بالنسبة له, يدِّون في كراسته ضعفي ما يدونه الطلاب من نقاش ومداولات, يستمع لكل صغيرة وكبيرة, ويكيل بالمديح والاطراء لجميع الطلاب ليرفع من شأنهم وشأن فكرهم وثقتهم في أنفسهم ... بغض النظر عن نوعية وكمية المداخلات التي تمت من كل طالب في المحاضرة... فكل طالب عنده سواء!
ثقته بنفسه ... بيرنيل لا يعرف كل شيء!
ولكن ما استوقفي في اكثر من مناسبه, انه في بعض الاحيان عندما يطرح بعض الطلبة الأسئلة عليه, فيجيب بكل ثقة وبدون اأي تردد ... 'لا أعرف ... سوف اسأل زميلي –ويذكر اسمه- وسأعود بالاجابة اليكم في المحاضرة القادمة!! يقولها هذا البروفيسور الذي يكون أعظم باحث في علوم المساعدات الدولية والديموقراطيه بوجه الخصوص ولو قام احدنا بالبحث عن اعماله في 'جوجل' لرأيت العجب العُجاب لاعمال وابحاث ودراسات هذا الرجل!!
بيرنيل يستثمر في الطلاب!
عشية فتره الامتحانات, وحيث القلوب بلغت الحناجر عند الطلاب, لا زلت اتذكر قولته المدوية لنا دائما ... 'تذكروا دائما أننا نستثمر فيكم... انتم استثمارنا'!!! الرجل الانجليزي هذا يستثمر في ابناء غير جلدته ... فأي غيرة وأي حب وأي انتماء مزروع في شخص هذا العالم المتواضع الرائع!! فعلا لو عرفنا كيف نستثمر بطلابنا ولو بكلمة, وليس بكثرة الاموال والسياسات, لما وصل حال طلابنا الى ما نحن عليه اليوم! فأيُ نُضح فكري وحضاري يمتلكه هذا الانسان ليختزل جميع الحضارات والثقافات الاخرى ليستثمر بها؟! ونحن لا نستطيع ان نستثمر في ابناء ثقافتنا وجلدتنا اليوم؟!
البروفيسور ايموري ... رئيس قسم اللغة الفرنسية/ كلية سيتدل العسكرية!
الكلية الأقوى بلا منازع, كلية سيتدل, اربعة سنوات رأيت فيها من ايات ربي الصغرى والمتوسطه, دخل سريتنا في السنه الولى اربعون وتخرج منها حوالي 17 وبالكاد انهيناها .. وما كنّا فاعلين!
أذكر انني ذهبت الى بروفيسور ايموري يوما, اشكو اليه ضعفي في اللغة الفرنسية كمتطلب لغات أجنبية لجميع الطلات وفي اربع مواد لكل لغة, وانني استصعبها جدا ... وقلت له ' يا سيدي بروفيسور ايموري, ان اللغة الفرنسية هي اللغة الثالثة لي والثانية للطالب الاميركي.. وهذا ليس من العدالة في شيء... يكفيني أن أدرس الانجليزيه كلغة ثانية لي ... مساواة وأسوة بالطلاب الأميركيين'.. هناك ضحك البروفيسور وبدأ بالقهقهة .. وانا أصبحت في غاية الخوف كوني لا أعلم ما تخفيه هذه القهقهة!! قال لي بعدها .. اذهب وعد الي بعد اسبوعين. فقط عدت اليه بعد اسبوعين واذ هو يخبرني بأن مجلس الامناء واصحاب القرار في الجامعه, قد أخذوا في شكواي ومنطقي, وقاموا باصدار قرار يُعفي كل طالب أجنبي من دراسة اللغات الاجنبيه عدا الانجليزيه على أن يدرسوا مواد اختيارية تغطي عدد ساعات اللغات الاجنبيه التي كان عليه دراستها!
هذه الكليه العريقه أخذت بمنطق طالب في العشرين من عمره, قدرته خير تقدير واحترمت فكره ومنطقه ... فأخذت به وفي ثلاثة اسابيع لا أكثر! لا غرابة كيف تنهض هذه الأمم وتستقيم ... ليس الانسان فحسب, ايا كان منبته, بل في فكره وعقله ومنطقه ايضا محترم!
في الخاتمة: من لا يشكر الناس .. لا يشكر الله!
كيف لي أن لا أشكر الله أولا ... لأشكره ثانية لشكر الناس .. ... وكيف لي أن لا أذكر أعلام جهابذه كهؤلاء! أحمد الله حمدا كثيرا أن هيأ لي ... من رجالات العلوم خيارها ... و من مؤسسات النور أجمل أطيافها ... وخصني من عبق المعارف ... صفوة عطرها.
تحية الى تلك المؤسسات وهؤلاء العلماء الأشاوس... الذين لا يكِلون عطفا ولا يملون جهدا في السؤال عن 'أبنائهم' و'أحوال رعيتهم' ... بعد سنوات وسنوات من 'قبلة' الوداع ... تحية خالصة الى جميع أساتذتي في جامعة ورك البريطانية وكلية ستدل العسكرية الاميركية... والى جميع من ساهم في الوصول الى ما انا ونحن عليه .. في الداخل من أهلي ... وفي الخارج من 'أهلي' ... ولو بشق تمرة!
Dr_waleedd@yahoo.com
في بِر الجامعات وأهلها نقول ... دمتم 'أهلا' لنا !
ربما لا أجد أجمل عملا يتقرب اليه الغرب الى الله, من عظيم منابر جامعاتهم وصروح معارفهم وفخر علومهم, ولعلي لا أجد أفضل عملا قدموه للانسانية كتلك التي منحوها لرواد أفواج العلم من شتى أصقاع المعمورة, ومن شتى الأصول والمنابت والعرق والدين... كل هذا في 'ميزان حسناتهم' ... ان شاء الله!
ما من عام أو عامين, الّا وجرس الباب يقرع ... ببريد الكتروني من هذه الجامعة أو تلك... ليطمئن عن حالنا وأحوالنا ... وأين نحن ... وكيف نحن ... واين وصلنا بانجازاتنا ... وأين وصلت انجازاتنا بنا... جرس لا يهدأ .... بريد لا ينضب ... رسائل لا تنقطع ... حب لا يعرف اليأس!
كثير من المناسبات التي لا زلت اتذكرها الى اليوم وكان لها الوقع في نفسي الى اللحظة .. سأذكر منها تجربتين ... تجربة لي من جامعة ورك و البرفيسور بيتر بيرنيل ... وتجربة من كلية سيتدل والبروفيسور ايموري ...
بيتر بيرنيل: 'ضابط' أكاديمي انجليزي مخلص ... لا يعرف 'كل شيء'!
بيرنيل والوقت:
لو اختلف الوقت مع نفسه يوما وتذمّر ... لصحّح قوامه وزجره هذا الانسان ... ضابط لعقارب الساعه بعينيه... يمشي والساعة على مسافة واحده على قدر وساق ... تنظره ولا ينظرها ... ضابط اكاديمي بارع بامتيار... مخلص لجامعته وطلابه ... بكل ما في الكلمة من معنى!
بيرنيل والطلاب:
يبدأ هذا البرفيسور محاضراته دوما بسؤال ... ويُنهيها بسؤال... وسؤال يُفضي الى سؤال ... وكل سؤال بالطبع يُفضي الى حوار ونقاش وجدال .. وهو ففط يستمع ... ثم يُدير المحاضرة بسؤال اخر واخر واخر حتى تحقق مسار المحاضرة اهدافها كما وضعها البروفيسور في مخيلته من دون ان نشعر ... في جو الحوار والنقاش والحماس...كل اراء ومداخلات الطلاب كانت في غاية من الأهمية بالنسبة له, يدِّون في كراسته ضعفي ما يدونه الطلاب من نقاش ومداولات, يستمع لكل صغيرة وكبيرة, ويكيل بالمديح والاطراء لجميع الطلاب ليرفع من شأنهم وشأن فكرهم وثقتهم في أنفسهم ... بغض النظر عن نوعية وكمية المداخلات التي تمت من كل طالب في المحاضرة... فكل طالب عنده سواء!
ثقته بنفسه ... بيرنيل لا يعرف كل شيء!
ولكن ما استوقفي في اكثر من مناسبه, انه في بعض الاحيان عندما يطرح بعض الطلبة الأسئلة عليه, فيجيب بكل ثقة وبدون اأي تردد ... 'لا أعرف ... سوف اسأل زميلي –ويذكر اسمه- وسأعود بالاجابة اليكم في المحاضرة القادمة!! يقولها هذا البروفيسور الذي يكون أعظم باحث في علوم المساعدات الدولية والديموقراطيه بوجه الخصوص ولو قام احدنا بالبحث عن اعماله في 'جوجل' لرأيت العجب العُجاب لاعمال وابحاث ودراسات هذا الرجل!!
بيرنيل يستثمر في الطلاب!
عشية فتره الامتحانات, وحيث القلوب بلغت الحناجر عند الطلاب, لا زلت اتذكر قولته المدوية لنا دائما ... 'تذكروا دائما أننا نستثمر فيكم... انتم استثمارنا'!!! الرجل الانجليزي هذا يستثمر في ابناء غير جلدته ... فأي غيرة وأي حب وأي انتماء مزروع في شخص هذا العالم المتواضع الرائع!! فعلا لو عرفنا كيف نستثمر بطلابنا ولو بكلمة, وليس بكثرة الاموال والسياسات, لما وصل حال طلابنا الى ما نحن عليه اليوم! فأيُ نُضح فكري وحضاري يمتلكه هذا الانسان ليختزل جميع الحضارات والثقافات الاخرى ليستثمر بها؟! ونحن لا نستطيع ان نستثمر في ابناء ثقافتنا وجلدتنا اليوم؟!
البروفيسور ايموري ... رئيس قسم اللغة الفرنسية/ كلية سيتدل العسكرية!
الكلية الأقوى بلا منازع, كلية سيتدل, اربعة سنوات رأيت فيها من ايات ربي الصغرى والمتوسطه, دخل سريتنا في السنه الولى اربعون وتخرج منها حوالي 17 وبالكاد انهيناها .. وما كنّا فاعلين!
أذكر انني ذهبت الى بروفيسور ايموري يوما, اشكو اليه ضعفي في اللغة الفرنسية كمتطلب لغات أجنبية لجميع الطلات وفي اربع مواد لكل لغة, وانني استصعبها جدا ... وقلت له ' يا سيدي بروفيسور ايموري, ان اللغة الفرنسية هي اللغة الثالثة لي والثانية للطالب الاميركي.. وهذا ليس من العدالة في شيء... يكفيني أن أدرس الانجليزيه كلغة ثانية لي ... مساواة وأسوة بالطلاب الأميركيين'.. هناك ضحك البروفيسور وبدأ بالقهقهة .. وانا أصبحت في غاية الخوف كوني لا أعلم ما تخفيه هذه القهقهة!! قال لي بعدها .. اذهب وعد الي بعد اسبوعين. فقط عدت اليه بعد اسبوعين واذ هو يخبرني بأن مجلس الامناء واصحاب القرار في الجامعه, قد أخذوا في شكواي ومنطقي, وقاموا باصدار قرار يُعفي كل طالب أجنبي من دراسة اللغات الاجنبيه عدا الانجليزيه على أن يدرسوا مواد اختيارية تغطي عدد ساعات اللغات الاجنبيه التي كان عليه دراستها!
هذه الكليه العريقه أخذت بمنطق طالب في العشرين من عمره, قدرته خير تقدير واحترمت فكره ومنطقه ... فأخذت به وفي ثلاثة اسابيع لا أكثر! لا غرابة كيف تنهض هذه الأمم وتستقيم ... ليس الانسان فحسب, ايا كان منبته, بل في فكره وعقله ومنطقه ايضا محترم!
في الخاتمة: من لا يشكر الناس .. لا يشكر الله!
كيف لي أن لا أشكر الله أولا ... لأشكره ثانية لشكر الناس .. ... وكيف لي أن لا أذكر أعلام جهابذه كهؤلاء! أحمد الله حمدا كثيرا أن هيأ لي ... من رجالات العلوم خيارها ... و من مؤسسات النور أجمل أطيافها ... وخصني من عبق المعارف ... صفوة عطرها.
تحية الى تلك المؤسسات وهؤلاء العلماء الأشاوس... الذين لا يكِلون عطفا ولا يملون جهدا في السؤال عن 'أبنائهم' و'أحوال رعيتهم' ... بعد سنوات وسنوات من 'قبلة' الوداع ... تحية خالصة الى جميع أساتذتي في جامعة ورك البريطانية وكلية ستدل العسكرية الاميركية... والى جميع من ساهم في الوصول الى ما انا ونحن عليه .. في الداخل من أهلي ... وفي الخارج من 'أهلي' ... ولو بشق تمرة!
Dr_waleedd@yahoo.com
التعليقات
نعتذر...
شر البلية
احسنت.....
د امل
إعتراف جميل جدا بالجميل من طالب لأساتذته ، قلما نجده عند الآخرين ، حققت مقولة ( من علمني حرفا كنت له عبدا ) -بعيدا عن العبودية طبعا - شكرا للمقال ، و للأمثلة التي ذكرها لتكشف لنا جانبا إنسانيا ، كان من أهم عوامل تفوق الغرب علنا نتعلم و نتعظ
arwa
مقال جميل و رائع و يعبر عن طيب أصلك و منبتك يا دكتور وليد....
خاتمة الكيلاني
الاعتراف بالجميل هو الجمال نفسه وشكرا لك دكتور على هذا الكلام الرائع
كمال الزغول
شكرا للدكتور على هذا المقال واحترامة لإساتذتة واتمنى على موقع عمون الذي نحبة ونحترمة ان يصبح عنوان هذا المقال احد الاعمدة الرئسية في موقعكم المحترم لإنة حب الجامعة التي خرجتك تحبها كما تحب بلدك.
د. جميل العبادي
شكرا لك دكتور........
(تحية الى تلك المؤسسات وهؤلاء العلماء الأشاوس... الذين لا يكِلون عطفا ولا يملون جهدا في السؤال عن "أبنائهم" و"أحوال رعيتهم" ... بعد سنوات وسنوات...)
محمد قسيم محمد غادي - استراليا
Dr.Waleed. Regards..you have touched the pain which all scholars in the third world countries having it in a way or the other .. we still have a problem with manner of science and system . we never believe in reality coz we have not lived in it or with it that is why we feel all the time we are very far from reality,,, no self confidence thank you Dear... Mohammad..
Mohamamd Rawashdeh
انت انسان رائع يا دكتور و فضلك على طلابك وااضح
الله يبارك فيك كنت لنا أخا و صديقا من أروع ما قابلت في حياتي شخصك الكريم
عبد بن طريف
مقال رائع مثال للاعتراف بالجميل الذي نفتقده في أيامنا هذه ، و أمثلة الكاتب تسلط الضوء على جانب إنساني هام عند الغرب كان من أهم أسباب التفوق الحضاري ، فهل نعتبر ؟
arwa
عجزت الكلمات تعبر عن مدى الجميل و العرفان الذي بدر منك تجاه اساتذتك و معلميك فكلماتك معبره وتصل الى القلوب ...هذا الشيء ذكرني باساتذتنا نحن ايضا وانت دكتور وليد من اروعهم ادامك الله للجامعة ولطلابك المتعطشين لما تكتب وتمنح من علم وفكر...وكما قيل من لايشكر الناس لا يشكر الله...فقد قال صلوات الله علية سيدنا محمد خير البشر "من اسدى اليكم معروفا فكافؤه فان لم تستطيعوا فادعوا له حتى تظنوا انكم قد كافأتموه...ندعو لك ونقول جازك الله كل خير
محمد الحياري
من تحية الى اساتذتي الى تحية الى طلبتي الخريجين .. ومن باب من لا يشكر الناس لا يشكر الله ايضا... كل الشكر والامتنان لكم ... دعواتي لكم دائما موصوله بالتوفيق والنجاح اينما كنتم
وليد ابودلبوح
تحية الى أساتذتي: في جامعة Warwick وكلية Citadel
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
تحية الى أساتذتي: في جامعة Warwick وكلية Citadel
في بِر الجامعات وأهلها نقول ... دمتم 'أهلا' لنا !
ربما لا أجد أجمل عملا يتقرب اليه الغرب الى الله, من عظيم منابر جامعاتهم وصروح معارفهم وفخر علومهم, ولعلي لا أجد أفضل عملا قدموه للانسانية كتلك التي منحوها لرواد أفواج العلم من شتى أصقاع المعمورة, ومن شتى الأصول والمنابت والعرق والدين... كل هذا في 'ميزان حسناتهم' ... ان شاء الله!
ما من عام أو عامين, الّا وجرس الباب يقرع ... ببريد الكتروني من هذه الجامعة أو تلك... ليطمئن عن حالنا وأحوالنا ... وأين نحن ... وكيف نحن ... واين وصلنا بانجازاتنا ... وأين وصلت انجازاتنا بنا... جرس لا يهدأ .... بريد لا ينضب ... رسائل لا تنقطع ... حب لا يعرف اليأس!
كثير من المناسبات التي لا زلت اتذكرها الى اليوم وكان لها الوقع في نفسي الى اللحظة .. سأذكر منها تجربتين ... تجربة لي من جامعة ورك و البرفيسور بيتر بيرنيل ... وتجربة من كلية سيتدل والبروفيسور ايموري ...
بيتر بيرنيل: 'ضابط' أكاديمي انجليزي مخلص ... لا يعرف 'كل شيء'!
بيرنيل والوقت:
لو اختلف الوقت مع نفسه يوما وتذمّر ... لصحّح قوامه وزجره هذا الانسان ... ضابط لعقارب الساعه بعينيه... يمشي والساعة على مسافة واحده على قدر وساق ... تنظره ولا ينظرها ... ضابط اكاديمي بارع بامتيار... مخلص لجامعته وطلابه ... بكل ما في الكلمة من معنى!
بيرنيل والطلاب:
يبدأ هذا البرفيسور محاضراته دوما بسؤال ... ويُنهيها بسؤال... وسؤال يُفضي الى سؤال ... وكل سؤال بالطبع يُفضي الى حوار ونقاش وجدال .. وهو ففط يستمع ... ثم يُدير المحاضرة بسؤال اخر واخر واخر حتى تحقق مسار المحاضرة اهدافها كما وضعها البروفيسور في مخيلته من دون ان نشعر ... في جو الحوار والنقاش والحماس...كل اراء ومداخلات الطلاب كانت في غاية من الأهمية بالنسبة له, يدِّون في كراسته ضعفي ما يدونه الطلاب من نقاش ومداولات, يستمع لكل صغيرة وكبيرة, ويكيل بالمديح والاطراء لجميع الطلاب ليرفع من شأنهم وشأن فكرهم وثقتهم في أنفسهم ... بغض النظر عن نوعية وكمية المداخلات التي تمت من كل طالب في المحاضرة... فكل طالب عنده سواء!
ثقته بنفسه ... بيرنيل لا يعرف كل شيء!
ولكن ما استوقفي في اكثر من مناسبه, انه في بعض الاحيان عندما يطرح بعض الطلبة الأسئلة عليه, فيجيب بكل ثقة وبدون اأي تردد ... 'لا أعرف ... سوف اسأل زميلي –ويذكر اسمه- وسأعود بالاجابة اليكم في المحاضرة القادمة!! يقولها هذا البروفيسور الذي يكون أعظم باحث في علوم المساعدات الدولية والديموقراطيه بوجه الخصوص ولو قام احدنا بالبحث عن اعماله في 'جوجل' لرأيت العجب العُجاب لاعمال وابحاث ودراسات هذا الرجل!!
بيرنيل يستثمر في الطلاب!
عشية فتره الامتحانات, وحيث القلوب بلغت الحناجر عند الطلاب, لا زلت اتذكر قولته المدوية لنا دائما ... 'تذكروا دائما أننا نستثمر فيكم... انتم استثمارنا'!!! الرجل الانجليزي هذا يستثمر في ابناء غير جلدته ... فأي غيرة وأي حب وأي انتماء مزروع في شخص هذا العالم المتواضع الرائع!! فعلا لو عرفنا كيف نستثمر بطلابنا ولو بكلمة, وليس بكثرة الاموال والسياسات, لما وصل حال طلابنا الى ما نحن عليه اليوم! فأيُ نُضح فكري وحضاري يمتلكه هذا الانسان ليختزل جميع الحضارات والثقافات الاخرى ليستثمر بها؟! ونحن لا نستطيع ان نستثمر في ابناء ثقافتنا وجلدتنا اليوم؟!
البروفيسور ايموري ... رئيس قسم اللغة الفرنسية/ كلية سيتدل العسكرية!
الكلية الأقوى بلا منازع, كلية سيتدل, اربعة سنوات رأيت فيها من ايات ربي الصغرى والمتوسطه, دخل سريتنا في السنه الولى اربعون وتخرج منها حوالي 17 وبالكاد انهيناها .. وما كنّا فاعلين!
أذكر انني ذهبت الى بروفيسور ايموري يوما, اشكو اليه ضعفي في اللغة الفرنسية كمتطلب لغات أجنبية لجميع الطلات وفي اربع مواد لكل لغة, وانني استصعبها جدا ... وقلت له ' يا سيدي بروفيسور ايموري, ان اللغة الفرنسية هي اللغة الثالثة لي والثانية للطالب الاميركي.. وهذا ليس من العدالة في شيء... يكفيني أن أدرس الانجليزيه كلغة ثانية لي ... مساواة وأسوة بالطلاب الأميركيين'.. هناك ضحك البروفيسور وبدأ بالقهقهة .. وانا أصبحت في غاية الخوف كوني لا أعلم ما تخفيه هذه القهقهة!! قال لي بعدها .. اذهب وعد الي بعد اسبوعين. فقط عدت اليه بعد اسبوعين واذ هو يخبرني بأن مجلس الامناء واصحاب القرار في الجامعه, قد أخذوا في شكواي ومنطقي, وقاموا باصدار قرار يُعفي كل طالب أجنبي من دراسة اللغات الاجنبيه عدا الانجليزيه على أن يدرسوا مواد اختيارية تغطي عدد ساعات اللغات الاجنبيه التي كان عليه دراستها!
هذه الكليه العريقه أخذت بمنطق طالب في العشرين من عمره, قدرته خير تقدير واحترمت فكره ومنطقه ... فأخذت به وفي ثلاثة اسابيع لا أكثر! لا غرابة كيف تنهض هذه الأمم وتستقيم ... ليس الانسان فحسب, ايا كان منبته, بل في فكره وعقله ومنطقه ايضا محترم!
في الخاتمة: من لا يشكر الناس .. لا يشكر الله!
كيف لي أن لا أشكر الله أولا ... لأشكره ثانية لشكر الناس .. ... وكيف لي أن لا أذكر أعلام جهابذه كهؤلاء! أحمد الله حمدا كثيرا أن هيأ لي ... من رجالات العلوم خيارها ... و من مؤسسات النور أجمل أطيافها ... وخصني من عبق المعارف ... صفوة عطرها.
تحية الى تلك المؤسسات وهؤلاء العلماء الأشاوس... الذين لا يكِلون عطفا ولا يملون جهدا في السؤال عن 'أبنائهم' و'أحوال رعيتهم' ... بعد سنوات وسنوات من 'قبلة' الوداع ... تحية خالصة الى جميع أساتذتي في جامعة ورك البريطانية وكلية ستدل العسكرية الاميركية... والى جميع من ساهم في الوصول الى ما انا ونحن عليه .. في الداخل من أهلي ... وفي الخارج من 'أهلي' ... ولو بشق تمرة!
Dr_waleedd@yahoo.com
التعليقات
(تحية الى تلك المؤسسات وهؤلاء العلماء الأشاوس... الذين لا يكِلون عطفا ولا يملون جهدا في السؤال عن "أبنائهم" و"أحوال رعيتهم" ... بعد سنوات وسنوات...)
far from reality,,, no self confidence
thank you Dear... Mohammad..
الله يبارك فيك كنت لنا أخا و صديقا
من أروع ما قابلت في حياتي شخصك الكريم