حكومة تكنوقراط مختصرة، مع لمسة إصلاحية وتقدمية يمثلها بعض الوزراء الجدد، لكن أيضا مع خطأ مؤسف؛ التضحية ببعض الوزراء السابقين الذين كانوا جديرين بالبقاء في مناصبهم. ولو كان لنا دور، لنصحنا بذلك، من أجل مصلحة الإصلاح ومستقبل القطاع الذي يديرونه. لكن مشاورات حقيقية حول التشكيل لم تحدث. وظهر كما لو أن رئيس الوزراء، عبدالله النسور، قام بالإحماء ثم ركض المسافة الطويلة حتى أصبح أمام عارضة القفز العالي، فاستدار في الدقيقة الأخيرة متخليا عن القفزة الخطرة.
إن ماراثون اللقاءات مع النواب انتهى بالطريقة التقليدية في تشكيل الحكومات. والنتيجة الأخيرة هي أن مشروع الحكومة البرلمانية سجّل فشلا. وللإنصاف، لا أستطيع تحميل الرئيس المسؤولية.
فهل كان يمكن للأمور أن تسير بطريقة مختلفة؟! بعد هذه التجربة، لا أستطيع أن أغامر بافتراض أي سيناريو ناجح للتشاور والتوافق حول الأسماء مع الكتل. فالتجربة أظهرت وضعا أكثر تعقيدا وسوءا. وفي منتصف المسافة ونحن نتابع اللقاءات الكتلوية، لم نعد نثق باقتراح أي صيغة لتشاور حقيقي حول التشكيل.
ابتداء، لم ننجح في توفير أغلبية نيابية حول اسم رئيس مفترض. وحتى تنسيبات الكتل منفردة كانت هشّة، تفتقر للقناعة والالتزام. وبسبب واقع مجلس النواب وواقع الكتل، ظهر هناك رأي قوي بعدم توزير النواب، ثم ظهر غياب أي تصور لكيفية مشاركة النواب في تقرير التشكيل الوزاري، حتى بدون مشاركتهم الشخصية في الحكومة؛ فهل تنسب كل كتلة بعدد من الأسماء، أم يعرض الرئيس من جانبه قائمة أولية مقترحة تخضع للمناقشة والتوافق، أم يمكن الخلط بصورة ما بين الصيغتين؟ في الحقيقة، لم يكن الموقف واضحا، ولم تقدم أي كتلة تصورا محددا لهذا الأمر. أما الذي كان يحدث على الأرض، فهو أن بعض النواب تسابقوا بصورة فردية لتزكية أسماء تعنيهم مباشرة للرئيس، أو تبني عرائض يأخذون عليها عشوائيا تواقيع نواب لتوزير هذا الشخص أو ذاك. أي أنهم ضربوا سلفا بعرض الحائط أي صيغة مؤسسية للمشاركة في تقرير التشكيل الوزاري. والرئيس من جهته ظلّ مترددا، يسير بخطى حذرة جدا؛ لا يغامر ولا يثق بأي صيغة. ولا يمكن لومه إذا كان النواب أنفسهم لم يظهروا أي قدرة على بلورة صيغة للمشاركة.
وعليه، لم أجد من جهتي، بصراحة، اقتراحا يمكن الضغط من أجله بجدية على الرئيس. وقد اكتفيت في النهاية بأن اقترح على الرئيس أن يطلب من كل كتلة على الأقل أن تقترح رزمة أسماء غير ملزمة. ولا أعرف كم من الكتل فعلت ذلك، لكن بعض الأسماء التي سمعت عنها كانت تجعلك تقول: أفضل ألف مرة أن نترك للرئيس أن يقرر.
أعترف -والاعتراف بالحق فضيلة- أن تشكيل الحكومة البرلمانية بالطريقة التي بنيناها في ذهننا كان فرضية غير واقعية، ولا أجزم ما إذا كان بالإمكان أحسن مما كان! فالواقع لم يكن يزكي التفاؤل بأي صيغة محترمة للتشاور حول التشكيل، أي حول الأسماء. مع ذلك، لو كنت مكان الرئيس، لبذلت نصف وقتي على نسج خطة مبدعة لتحقيق فكرة التشاور حول التشكيل، ولما حسمت الأمر منفردا في أربع وعشرين ساعة، لأذهب بالقائمة مباشرة لحلف اليمين، جاعلا من شهر اللقاءات المضنية شيئا لا يختلف من حيث النتائج عن المشاورات الشكلية لنصف ساعة مع كل كتلة يتم إنهاؤها في يوم واحد.
مهما يكن، لم يذهب هباء كل الحراك البرلماني الذي شهدناه. فلدينا تجربة نفكر فيها، ولدينا وقت لتقييم وتقويم الأداء، ووضع تصور محكم لجولة مقبلة.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد
حكومة تكنوقراط مختصرة، مع لمسة إصلاحية وتقدمية يمثلها بعض الوزراء الجدد، لكن أيضا مع خطأ مؤسف؛ التضحية ببعض الوزراء السابقين الذين كانوا جديرين بالبقاء في مناصبهم. ولو كان لنا دور، لنصحنا بذلك، من أجل مصلحة الإصلاح ومستقبل القطاع الذي يديرونه. لكن مشاورات حقيقية حول التشكيل لم تحدث. وظهر كما لو أن رئيس الوزراء، عبدالله النسور، قام بالإحماء ثم ركض المسافة الطويلة حتى أصبح أمام عارضة القفز العالي، فاستدار في الدقيقة الأخيرة متخليا عن القفزة الخطرة.
إن ماراثون اللقاءات مع النواب انتهى بالطريقة التقليدية في تشكيل الحكومات. والنتيجة الأخيرة هي أن مشروع الحكومة البرلمانية سجّل فشلا. وللإنصاف، لا أستطيع تحميل الرئيس المسؤولية.
فهل كان يمكن للأمور أن تسير بطريقة مختلفة؟! بعد هذه التجربة، لا أستطيع أن أغامر بافتراض أي سيناريو ناجح للتشاور والتوافق حول الأسماء مع الكتل. فالتجربة أظهرت وضعا أكثر تعقيدا وسوءا. وفي منتصف المسافة ونحن نتابع اللقاءات الكتلوية، لم نعد نثق باقتراح أي صيغة لتشاور حقيقي حول التشكيل.
ابتداء، لم ننجح في توفير أغلبية نيابية حول اسم رئيس مفترض. وحتى تنسيبات الكتل منفردة كانت هشّة، تفتقر للقناعة والالتزام. وبسبب واقع مجلس النواب وواقع الكتل، ظهر هناك رأي قوي بعدم توزير النواب، ثم ظهر غياب أي تصور لكيفية مشاركة النواب في تقرير التشكيل الوزاري، حتى بدون مشاركتهم الشخصية في الحكومة؛ فهل تنسب كل كتلة بعدد من الأسماء، أم يعرض الرئيس من جانبه قائمة أولية مقترحة تخضع للمناقشة والتوافق، أم يمكن الخلط بصورة ما بين الصيغتين؟ في الحقيقة، لم يكن الموقف واضحا، ولم تقدم أي كتلة تصورا محددا لهذا الأمر. أما الذي كان يحدث على الأرض، فهو أن بعض النواب تسابقوا بصورة فردية لتزكية أسماء تعنيهم مباشرة للرئيس، أو تبني عرائض يأخذون عليها عشوائيا تواقيع نواب لتوزير هذا الشخص أو ذاك. أي أنهم ضربوا سلفا بعرض الحائط أي صيغة مؤسسية للمشاركة في تقرير التشكيل الوزاري. والرئيس من جهته ظلّ مترددا، يسير بخطى حذرة جدا؛ لا يغامر ولا يثق بأي صيغة. ولا يمكن لومه إذا كان النواب أنفسهم لم يظهروا أي قدرة على بلورة صيغة للمشاركة.
وعليه، لم أجد من جهتي، بصراحة، اقتراحا يمكن الضغط من أجله بجدية على الرئيس. وقد اكتفيت في النهاية بأن اقترح على الرئيس أن يطلب من كل كتلة على الأقل أن تقترح رزمة أسماء غير ملزمة. ولا أعرف كم من الكتل فعلت ذلك، لكن بعض الأسماء التي سمعت عنها كانت تجعلك تقول: أفضل ألف مرة أن نترك للرئيس أن يقرر.
أعترف -والاعتراف بالحق فضيلة- أن تشكيل الحكومة البرلمانية بالطريقة التي بنيناها في ذهننا كان فرضية غير واقعية، ولا أجزم ما إذا كان بالإمكان أحسن مما كان! فالواقع لم يكن يزكي التفاؤل بأي صيغة محترمة للتشاور حول التشكيل، أي حول الأسماء. مع ذلك، لو كنت مكان الرئيس، لبذلت نصف وقتي على نسج خطة مبدعة لتحقيق فكرة التشاور حول التشكيل، ولما حسمت الأمر منفردا في أربع وعشرين ساعة، لأذهب بالقائمة مباشرة لحلف اليمين، جاعلا من شهر اللقاءات المضنية شيئا لا يختلف من حيث النتائج عن المشاورات الشكلية لنصف ساعة مع كل كتلة يتم إنهاؤها في يوم واحد.
مهما يكن، لم يذهب هباء كل الحراك البرلماني الذي شهدناه. فلدينا تجربة نفكر فيها، ولدينا وقت لتقييم وتقويم الأداء، ووضع تصور محكم لجولة مقبلة.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد
حكومة تكنوقراط مختصرة، مع لمسة إصلاحية وتقدمية يمثلها بعض الوزراء الجدد، لكن أيضا مع خطأ مؤسف؛ التضحية ببعض الوزراء السابقين الذين كانوا جديرين بالبقاء في مناصبهم. ولو كان لنا دور، لنصحنا بذلك، من أجل مصلحة الإصلاح ومستقبل القطاع الذي يديرونه. لكن مشاورات حقيقية حول التشكيل لم تحدث. وظهر كما لو أن رئيس الوزراء، عبدالله النسور، قام بالإحماء ثم ركض المسافة الطويلة حتى أصبح أمام عارضة القفز العالي، فاستدار في الدقيقة الأخيرة متخليا عن القفزة الخطرة.
إن ماراثون اللقاءات مع النواب انتهى بالطريقة التقليدية في تشكيل الحكومات. والنتيجة الأخيرة هي أن مشروع الحكومة البرلمانية سجّل فشلا. وللإنصاف، لا أستطيع تحميل الرئيس المسؤولية.
فهل كان يمكن للأمور أن تسير بطريقة مختلفة؟! بعد هذه التجربة، لا أستطيع أن أغامر بافتراض أي سيناريو ناجح للتشاور والتوافق حول الأسماء مع الكتل. فالتجربة أظهرت وضعا أكثر تعقيدا وسوءا. وفي منتصف المسافة ونحن نتابع اللقاءات الكتلوية، لم نعد نثق باقتراح أي صيغة لتشاور حقيقي حول التشكيل.
ابتداء، لم ننجح في توفير أغلبية نيابية حول اسم رئيس مفترض. وحتى تنسيبات الكتل منفردة كانت هشّة، تفتقر للقناعة والالتزام. وبسبب واقع مجلس النواب وواقع الكتل، ظهر هناك رأي قوي بعدم توزير النواب، ثم ظهر غياب أي تصور لكيفية مشاركة النواب في تقرير التشكيل الوزاري، حتى بدون مشاركتهم الشخصية في الحكومة؛ فهل تنسب كل كتلة بعدد من الأسماء، أم يعرض الرئيس من جانبه قائمة أولية مقترحة تخضع للمناقشة والتوافق، أم يمكن الخلط بصورة ما بين الصيغتين؟ في الحقيقة، لم يكن الموقف واضحا، ولم تقدم أي كتلة تصورا محددا لهذا الأمر. أما الذي كان يحدث على الأرض، فهو أن بعض النواب تسابقوا بصورة فردية لتزكية أسماء تعنيهم مباشرة للرئيس، أو تبني عرائض يأخذون عليها عشوائيا تواقيع نواب لتوزير هذا الشخص أو ذاك. أي أنهم ضربوا سلفا بعرض الحائط أي صيغة مؤسسية للمشاركة في تقرير التشكيل الوزاري. والرئيس من جهته ظلّ مترددا، يسير بخطى حذرة جدا؛ لا يغامر ولا يثق بأي صيغة. ولا يمكن لومه إذا كان النواب أنفسهم لم يظهروا أي قدرة على بلورة صيغة للمشاركة.
وعليه، لم أجد من جهتي، بصراحة، اقتراحا يمكن الضغط من أجله بجدية على الرئيس. وقد اكتفيت في النهاية بأن اقترح على الرئيس أن يطلب من كل كتلة على الأقل أن تقترح رزمة أسماء غير ملزمة. ولا أعرف كم من الكتل فعلت ذلك، لكن بعض الأسماء التي سمعت عنها كانت تجعلك تقول: أفضل ألف مرة أن نترك للرئيس أن يقرر.
أعترف -والاعتراف بالحق فضيلة- أن تشكيل الحكومة البرلمانية بالطريقة التي بنيناها في ذهننا كان فرضية غير واقعية، ولا أجزم ما إذا كان بالإمكان أحسن مما كان! فالواقع لم يكن يزكي التفاؤل بأي صيغة محترمة للتشاور حول التشكيل، أي حول الأسماء. مع ذلك، لو كنت مكان الرئيس، لبذلت نصف وقتي على نسج خطة مبدعة لتحقيق فكرة التشاور حول التشكيل، ولما حسمت الأمر منفردا في أربع وعشرين ساعة، لأذهب بالقائمة مباشرة لحلف اليمين، جاعلا من شهر اللقاءات المضنية شيئا لا يختلف من حيث النتائج عن المشاورات الشكلية لنصف ساعة مع كل كتلة يتم إنهاؤها في يوم واحد.
مهما يكن، لم يذهب هباء كل الحراك البرلماني الذي شهدناه. فلدينا تجربة نفكر فيها، ولدينا وقت لتقييم وتقويم الأداء، ووضع تصور محكم لجولة مقبلة.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد
التعليقات
تحليل منصف فعلا.يجب أن يكون التناغم أكثر في المرات القادمة بين أعضاء المجلس أنفسهم قبل أن يطلبوه من دولة الرئيس. لهذا أرى أن لا نستبق البيان الوزراي بالإعلان عن عدم إعطاء الثقة للحكومة مسبقا. خاصة و نحن الأردنيين من طلّعنا المثل القائل " الخيّر بقول و بغيّر". ما أتمناه أن نصل الى حالة وفاق وطني حقيقي أكثر من تسجيل مواقف، فلا نملك ترف الوقت.
طلال الخطاطبه
النائب الفاضل جميل النمري اظن ان الكرة الآن في ملعب النواب من حيث المبدأ فالوزارة اليوم على عاتقها احمال جسيمة لابد من مراقبة الأداء فيها وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح
عمر
الاخ جميل النمري المحترم اكن لك كل الاحترام والاعجاب سواء كان بشخصك او بحوارتك او مقالاتك وبوطنيتك ممكن اختلف معاك في هذا المقال حيث انني اثق بشخص الرئيس واختياره للوزراء منذ عهد المرحوم وصفي لم يأتي مثل هذا الرئيس نتمنى منك وزملاءك الشرفاء لدعم هذة الوزاره
عبدالمهدي غنيمات
الاخ جميل النمري المحترم اكن لك كل الاحترام والاعجاب سواء كان بشخصك او بحوارتك او مقالاتك وبوطنيتك ممكن اختلف معاك في هذا المقال حيث انني اثق بشخص الرئيس واختياره للوزراء منذ عهد المرحوم وصفي لم يأتي مثل هذا الرئيس نتمنى منك وزملاءك الشرفاء لدعم هذة الوزاره
عبدالمهدي غنيمات
كلام موضوعي وجميل..
علوش
دائما أنت موضوعي سعادة النائب
معارض
استاذ جميل شايفك مغير خطك في الفتره الاخيره شو القصه
فريد الهلول/الطفيله
مستوز ......
جمال
نعتذر
روساني ظهري
فشل الجميع في التاقط اللحظه لغياب الرؤيه الشامله .وتغليب المصالح الخاصه على العامه وهذا شأن الفريقين المتحاورين كل يبحث عن مصالحه سمسره. وكلوا كمبارس.امافيما يتعلق بمقال سابق فئليك الرد.الغريب ان النائب المحترم يطلب حلاجريئالمشكله اللاجئين بدل ان يقدم حلا.ام انه يريدا تدخلا دوليا ومنطقه عازله للاراهبين والمتمردين والمرتزقه الذين استحضرتهم دول الخليج واقامه مشروع دوله حوران الذي تملك مقومات الحياه وتمتد من البقعه جنوباالى مخيم اليرموك شمالا والكماله عندك.اما اذا اردت حلا وقف الموامره .الحوار
المتنبي ---الجنوب
جميل النمري لك كل الاحترام
رائد
ما كان بالإمكان أحسن مما كان؟!
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
ما كان بالإمكان أحسن مما كان؟!
حكومة تكنوقراط مختصرة، مع لمسة إصلاحية وتقدمية يمثلها بعض الوزراء الجدد، لكن أيضا مع خطأ مؤسف؛ التضحية ببعض الوزراء السابقين الذين كانوا جديرين بالبقاء في مناصبهم. ولو كان لنا دور، لنصحنا بذلك، من أجل مصلحة الإصلاح ومستقبل القطاع الذي يديرونه. لكن مشاورات حقيقية حول التشكيل لم تحدث. وظهر كما لو أن رئيس الوزراء، عبدالله النسور، قام بالإحماء ثم ركض المسافة الطويلة حتى أصبح أمام عارضة القفز العالي، فاستدار في الدقيقة الأخيرة متخليا عن القفزة الخطرة.
إن ماراثون اللقاءات مع النواب انتهى بالطريقة التقليدية في تشكيل الحكومات. والنتيجة الأخيرة هي أن مشروع الحكومة البرلمانية سجّل فشلا. وللإنصاف، لا أستطيع تحميل الرئيس المسؤولية.
فهل كان يمكن للأمور أن تسير بطريقة مختلفة؟! بعد هذه التجربة، لا أستطيع أن أغامر بافتراض أي سيناريو ناجح للتشاور والتوافق حول الأسماء مع الكتل. فالتجربة أظهرت وضعا أكثر تعقيدا وسوءا. وفي منتصف المسافة ونحن نتابع اللقاءات الكتلوية، لم نعد نثق باقتراح أي صيغة لتشاور حقيقي حول التشكيل.
ابتداء، لم ننجح في توفير أغلبية نيابية حول اسم رئيس مفترض. وحتى تنسيبات الكتل منفردة كانت هشّة، تفتقر للقناعة والالتزام. وبسبب واقع مجلس النواب وواقع الكتل، ظهر هناك رأي قوي بعدم توزير النواب، ثم ظهر غياب أي تصور لكيفية مشاركة النواب في تقرير التشكيل الوزاري، حتى بدون مشاركتهم الشخصية في الحكومة؛ فهل تنسب كل كتلة بعدد من الأسماء، أم يعرض الرئيس من جانبه قائمة أولية مقترحة تخضع للمناقشة والتوافق، أم يمكن الخلط بصورة ما بين الصيغتين؟ في الحقيقة، لم يكن الموقف واضحا، ولم تقدم أي كتلة تصورا محددا لهذا الأمر. أما الذي كان يحدث على الأرض، فهو أن بعض النواب تسابقوا بصورة فردية لتزكية أسماء تعنيهم مباشرة للرئيس، أو تبني عرائض يأخذون عليها عشوائيا تواقيع نواب لتوزير هذا الشخص أو ذاك. أي أنهم ضربوا سلفا بعرض الحائط أي صيغة مؤسسية للمشاركة في تقرير التشكيل الوزاري. والرئيس من جهته ظلّ مترددا، يسير بخطى حذرة جدا؛ لا يغامر ولا يثق بأي صيغة. ولا يمكن لومه إذا كان النواب أنفسهم لم يظهروا أي قدرة على بلورة صيغة للمشاركة.
وعليه، لم أجد من جهتي، بصراحة، اقتراحا يمكن الضغط من أجله بجدية على الرئيس. وقد اكتفيت في النهاية بأن اقترح على الرئيس أن يطلب من كل كتلة على الأقل أن تقترح رزمة أسماء غير ملزمة. ولا أعرف كم من الكتل فعلت ذلك، لكن بعض الأسماء التي سمعت عنها كانت تجعلك تقول: أفضل ألف مرة أن نترك للرئيس أن يقرر.
أعترف -والاعتراف بالحق فضيلة- أن تشكيل الحكومة البرلمانية بالطريقة التي بنيناها في ذهننا كان فرضية غير واقعية، ولا أجزم ما إذا كان بالإمكان أحسن مما كان! فالواقع لم يكن يزكي التفاؤل بأي صيغة محترمة للتشاور حول التشكيل، أي حول الأسماء. مع ذلك، لو كنت مكان الرئيس، لبذلت نصف وقتي على نسج خطة مبدعة لتحقيق فكرة التشاور حول التشكيل، ولما حسمت الأمر منفردا في أربع وعشرين ساعة، لأذهب بالقائمة مباشرة لحلف اليمين، جاعلا من شهر اللقاءات المضنية شيئا لا يختلف من حيث النتائج عن المشاورات الشكلية لنصف ساعة مع كل كتلة يتم إنهاؤها في يوم واحد.
مهما يكن، لم يذهب هباء كل الحراك البرلماني الذي شهدناه. فلدينا تجربة نفكر فيها، ولدينا وقت لتقييم وتقويم الأداء، ووضع تصور محكم لجولة مقبلة.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد
التعليقات