طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


"الحكومة البرلمانية "


لاشك أن تجربة ما يسمى الحكومة البرلمانية جديدة وتتطلب مزيدا من الوقت والتراكم وصولا إلى ترسيخ أعراف وتقاليد مستقرة لآليات تشكيلها وبلورة مفهومها بشكل محدد. كنت منذ بدايات عمر المجلس من المتخوفين من أن إطالة أمد المشاورات وعدم التقدم بخطى ثابتة وآليات محددة وصولا إلى نتائج جيدة سيستهلك شيئا من رصيد المجلس في الشارع،وسيظهره عاجزا عن إنجاز المطلوب منه. المهم أن فكرة الحكومة البرلمانية تعرضت للتمحيص والنقد والاختبار عبر الأسابيع المنصرمة من عمر المجلس.ودار جدل طويل حول المصطلح ،حتى أن مجموعة من النواب تقدمت اليوم بطلب جلسة مناقشة عامة حول الفكرة والتجربة . وفي كل الأحوال كان من الواضح أن الفكرة تعني فيما تعنيه وفقا للحالة الأردنية الراهنة ولادة حكومة من رحم المجلس رئيسا وأعضاء،أو مشاركة الائتلاف النيابي الداعم للرئيس المكلف في الحكومة ،أو في صياغة برنامج عمل الحكومة ،وتحديد طاقمها من الوزراء في حالة عدم توزير النواب . لكن فكرة تشكيل الائتلاف النيابي من عدد من الكتل التي ترشح الرئيس وتشاركه في التشكيل وتساند حكومته تعثرت ولم تتمكن الكتل البرلمانية من بلورة الائتلاف المطلوب ،فجاء ترشيح الرئيس النسور وفقا لرغبة أغلبية نيابية عابرة للكتل وللمستقلين . وأخيرا،وصلنا للحظة تحديد اسم الرئيس المكلف ،فبدأ مشاوراته مع الكتل ،وقدم خطابا متحركا ومتطورا في لقاءاته مع الكتل ،وساد خطابه نبرة عاطفية تستهدف ملامسة عواطف النواب بمنحهم الأمل بدعم مجلس النواب والدفاع عنه والوعد بعدم استهدافه والعمل من أجل إطالة عمره وحماية هيبته !! وجرى حديث عن برنامج اقتصادي ومالي عموده الفقري هو تطبيق بنود التفاهم مع صندوق النقد الدولي.ولم يتم التطرق لكثير من المتطلبات المتعلقة بالإصلاح السياسي، والحوار الوطني ،وقانون الانتخاب ،والهوية الوطنية ،وتنمية المحافظات ،والانتخابات البلدية ،وبرامج التشغيل ومكافحة البطالة ،ومكافحة الفساد ،وإنقاذ التعليم بشكل واضح يعبر عن رؤية الحكومة القادمة للتعامل مع هذه الملفات. وجرى بطبيعة الحال حديث خجول عن توزير النواب مع إشارات مغلفة بجمل دبلوماسية مفخمة إلى تفضيل الرئيس المكلف لفكرة عدم توزير النواب حاليا، وصولا إلى مرحلة يكون فيها جميع الوزراء من النواب بعد أربع سنوات . وبرر الرئيس النسور موقفه هذا بضرورة توفر شرطين هامين قبل توزير النواب وهما ضمان ترشيح كفاءات برلمانية ،وضمان تماسك الكتل البرلمانية. وارتقى الخطاب لاحقا الى الوعد بتوزير من يثبت مع الأيام حسن سيرته وسلوكه وقدراته من النواب، عبر التعديلات الوزارية المقبلة !! وبالرغم من كون عدد من الكتل النيابية التي رشحت دولة النسور حددت في البند الأول من كتب الترشيح المرسلة إلى دولة رئيس الديوان الملكي أنها تشترط المشاركة في تشكيل الحكومة ؛فقد تبين مع نهاية الجولة الأولى من مشاورات الرئيس مع الكتل أن فكرة الحكومة البرلمانية عنده تعني عدم توزير النواب ،كما قد تعني عدم استشارة الكتل البرلمانية بمن يوزرون من خارج مجلس النواب ،ولا أحد يعرف حتى هذه اللحظة فيما إذا كانت تعني عدم استشارة الكتل الداعمة لترشيح الرئيس النسور في البيان الوزاري ؟ قد يكون الرئيس المكلف بحاجة إلى جولة جديدة للتباحث مع الكتل بهدف تحديد ملامح الائتلاف النيابي الداعم للحكومة ومطالبه واشتراطاته .ومن الواضح أن المشهد النيابي أسفر اخيرا عن تساؤلات حول الفائدة من تورط النواب في دعم حكومة برلمانية لم يشاركوا فيها ،ولم يستشاروا بمن فيها من وزراء ،ولم يساهموا في صياغة بيانها ؟ وهناك تساؤلات نيابية محقة حول مبررات تقديم النائب الدعم لحكومة تواجه مشكلات مع قواعده الانتخابية بسبب قراراتها وسياساتها غير الشعبية في الجانب الاقتصادي والمالي وإغلاقها لأبواب التعيين والتوظيف ؟ وبات كثير من النواب يتطلع إلى التأسي بتجربة النائب السابق دولة الدكتور النسور بمواصلته حجب الثقة عن أربع حكومات متتالية محافظة على صلاته مع قواعده الشعبية !!

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/148314