طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


التوطين : أسئلة لا بد منها


ردة الفعل الهزيلة و الهزلية تجاه سُعار التوطين و المحاصصة المتصاعد هذه الأيام لا يختلف عن ردة الفعل المتمثلة بشهقة إستغراب و تعجب تجاه خبر تسرب أسئلة التوجيهي او خبر إنقلاب شاحنة على الطريق الصحراوي لا أكثر ! و كأن الموضوع هامشي و لا آثار جسيمة له و لا يمس وطن محتل و وطن سيحتل لاحقا بعد أن مهد الفساد درب تفككه ! إستيائي الشخصي من ردة الفعل السطحية لا يفصل على مقاس منبت أردني دون الأخر , بمعنى – و بوضوح أكثر – أني لا أدهش فقط من التغاظي عن الوقوف بوجه تلك الهجمة من ردة فعل الأجهزة الأمنية التي 'يفترض ' أنها حريصة على بنية البلد الاجتماعية و الديمغرافية من جهة و' أبناء العشائر ' من جهة اخرى في حين اني اعف منها ' شتى الاصول و المنابت ' – بحسب التقسيمات الدارجه لا بحسب قناعتي . فالمهمة واحدة و فرصة لإمتحان تماسك كل الاردنيين و توحدهم و سانحة ميدانية تؤكد ان المواطنة ليست حقوق فحسب بل واجبات ايضا و منها التصدي لإغراق البلد سكانيا و الاخلال ببنيتة الاجتماعية التي سيؤدي لخلل سياسي و أمني مدمرين . يجب ان يتوحد كل الاردنيين على مواجهة دعوات التوطين و المحاصصة من اجل مسألتين أساسيتين الاولى منع تصاعد التوتر الديموغرافي في المجتمع الاردني سيما في ظل تهميش ابناء المحافظات ' بأستثناء عشرات من ورثة المناصب ' و تردي أحوالهم المعيشية و إنسداد أفق الحياة الكريمة و الإحساس المرير بسرقة وطنهم منهم من قبل منظومة الفساد التي لا أصول و لا منابت لها حتما و الثانية عدم تقديم خدمة العمر للكيان المحتل المستلذ بتفريغ الضفة الغربية من أهلها الشرعيين سيما في ظل تراجع خيارات المقاومة المسلحة و خبو روح المقاومة الشعبية التي يتحمل جزء كبير منها العرب خارج فلسطين و ترسخ ثفافة الإنقسام الفلسطيني و تناحر الفصائل و نقل حقوق الفلسطينين من وطنهم الام الى الوطن الذي يمكن ان يحملوا جنسيته بحجج و ادعاءات قانونية حتى و إن لم تكن صحيحه ! و انا هنا لا أتحدث عن ' الاردنيين من اصل فلسطيني ' الذي نالوا الجنسية منذ زمن و انخرطوا مع اخوانهم شرق النهر في بناء الأردن لا بل عن ملايين ' الفلسطينين' من حملة البطاقات المقيمين في الاردن و يضاف لهم مئات الالاف من أبناء الأردنيات يضاف لهم مخرجات الحالة السورية المتمثلة بفلسطيني مخيم اليرموك ! يظن البعض ان مهمة الوقوف بوجهة التحالف التوطيني المريب و المعيب يستجلب شبهة ألاقليمية الاردنية مع ان عدم حدوث ذلك يستجلب شبهة العمالة لمشروع الكيان في تفريغ الأرض من أهلها و في إفتعال بؤر توتر حقيقي في المجتمع الاردني يمكن من خلالها النفاذ الى إحتراب داخلي يبقي البلد واهنة ما يعطي الكيان قدرا اكبرا من الراحة و الاحساس بالامن . ما أن وضعت الإنتخابات النيابية اوزراها و افرزت نتائجها الدامية المتمثلة بوصول المقاولين و اصحاب الفضائيات و غيرهم من الاشخاص غير المؤهلين سياسيا و المرتبكين فكريا حتى تأجج لهيب الحديث التوطيني مدعوما بكتائب المنظمات غير الحكومية المعروف انها اذرع و واجهات للمخابرات الخارجية التي يعمل معظمها بتناسق لصالح سياسات الاستعمار . ' داع المصلحة العليا ' مصطلح معروف في السياسية و يبيح للدول أن تتخذ قراراتها السياسية الكفيلة بصيانة المصلحة العامة و العليا للبلد حتى و إن تناقضت تلك القرارات مع النصوص القانونية و المواثيق . اليوم يشعر دعاة التوطين بأنتعاش كبير و يعبر أحد اجنحتهم المتمثل ب ' تجنيس أبناء الأردنيات ' بنشوة بالغة بعد ان حظي بدعم المنظمات المشبوهة اياها و بدعم ' اللي فوق ' أيضا . خصوصا انهم يستندون الى كليشهات حقوق الانسان و حقوق المواطنه و الغريب انهم يقفزون فوق حقيقة ان اهم حق للانسان الا يسلب منه وطنه و ان من حقه البقاء على ارضه و عدم انتزاعها منه بالقوة و ان المواطنه ليست حقوقا فحسب ! كوطني يساري اجتماعي اردني فانا منحاز بالمطلق للحريات و حقوق كافة المواطنين الدينية و السياسية و المدنية دون تمييز لكن حينما يتعلق الامر بتجنيس ما لا يقل عن ربع مليون من الفلسطينيين و اغلبهم من قطاع غزة من ابناء الاردنيات و معهم نحو نصف مليون من الفلسطينيين اللاجئين في سوريا فأن هواجسي السياسية اولى و اهم من قناعاتي الفكرية و هي ما تحتم على ضميري الوقوف بوجهة التجنيس بلا هواده . و بذات العزم الذي يدفعني لرفض تجنيس ابناء الاردنيات بسبب تعقيدات الوضع مع الضفة الغربية فأني مع اعطاء ابناءهن و ازواجهن كافة الحقوق المعيشية الممنوحة للمواطنين لحين ايجاد مخرج سياسي . البعض يتمسك – بجهل – بمقولة ان الاردن بلد المهاجرين و الانصار على قاعدة اننا استقبلنا بكل محبة اخوتنا الفلسطيننين في اعقاب الحروب العربية – ' الاسرائيلية ' وهذا لا يعني ان تصبح بلدنا ' بلد المهاجرين بدون الانصار ' ! في ظل تفوق سكاني 'للمهجرين ' و ليس المهاجرين بالمناسبه لانهم اخرجوا مرغمين و لم يهاجروا كما حدث في دول اخرى مثل كندا و استراليا ! يضاف لذلك ان كل الدول العربية المجاورة لفلسطين استضافت اللاجئين فلما لا يقال عنها ذات المصطلح الذي يوظف لغايات غير بريئه بشعارات قومية و حقوقية ؟! الدستور المصري يتيح للمرأة المصرية إعطاء ابناءها الجنسية لكن بشروط أهمها الا تكون متزوجة من فلسطيني لغايات تتعلق بالإساس بالوضع الفلسطيني فهل يمكن وصف المصريين بالإقليمية و هل يمكن التشكيك بعدالة قوانينهم ؟! لدينا وضع معقد مع الضفة الغربية و يجب ترتيبة بعقلانية و بدون تشكيك و بروح الاخوة و نريد الإجابة على اسئلة لا بد من طرحها رغم نفورنا و تهربنا و منها : هل الضفة الغربية ما تزال ارضا أردنية ؟ إن كانت كذلك فهذا مخالف لقرار مؤتمر الرباط 1974 الذي أعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا و وحيدا للفلسطينيين امتثالا لرغبة الفلسطينيين انفسهم ! طيب إن كنا سنخالف قرارات فك الارتباط الصادرة عن مؤتمر الرباط 74 و قرار الملك الراحل عام 88 الممتثل للقرار السابق فما الموقف من السلطة الوطنية الفلسطينية – اي اللا اردنية – على تلك الارض .. او جزء منها للانصاف ؟! هل نقبل بارض اردنية تحت حكم غير اردني سواء كان صهيوني او سواه ؟ هل ارض الضفه ' فلسطينية ' و سكانها فقط ' اردنيون ' ؟! قرار فك الارتباط لا يعني سحب الجنسيات ممن حازها قبل فك الارتباط من جهة الملك العام 88 فلماذا لا يحظى بالقبول الكافي ؟! و لماذا لا يشكل قاعدة الاصلاح بالاردن التي على اساسه يمكن البدء بالحديث عن المواطنه الكاملة حقوقا و واجبات و يصون كافة الحقوق و نتفرغ لمواجهة منظومة الفساد التي تستفيد من حالة المواطنة الضبابية و التشكيك المتبادل تتخذها ممرا امنا للهروب ؟! اذا كان فك الارتباط غير دستوري و غير اخلاقي فهل الإرتباط ذاته كان دستوريا و اخلاقيا إذا ما علمنا انه تم دون استشارة الشعبين الشقيقين و حظي بمعاداته و لم يعترف به لا دوليا و لا عربيا ؟! هل نريد كأردنيين من كافة أصولنا أن نفرغ الضفة من سكانها أم علينا واجب دعم صمودهم ؟! و هل يجب التفكير دوما بمصلحة اي دولة اخرى قبل التفكير بالمصلحة الوطنية الاردنية ؟! بالاجابة على هذه الاسئلة تستطيع ان نعرف بدقة ان كانت الشعوب هي الخائنه و العميلة ام الانظمة التي اتهمناها دائما و تبين انها أشرف منا !

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/146195