طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


الرئيس في دابوق


في مسجد قديم وصغيرتغطيه أشجار البلوط والصنوبروالزيتون في دابوق، وهو مسجد لايعرفه كثيرون، صليت فيه الجمعة أمس. دخلت الى المسجد قبل الأذان بدقائق، لأفاجأ برئيس الحكومة السورية المنشق، رياض حجاب يجلس في الصف الأخير، يتكئ الى الجدار، ومعه نجله وثلاثة من الحرس المدججين بالمسدسات، وإذ أرمقه بنظرة لأتأكد من هويته، يرمقني حرسه بنظرات طاردة. هو رياض حجاب إذن، ومعه نجله، وحجاب المرشح لرئاسة الحكومة السورية في المنفى، يقيم في عمان، على عكس المعلومات التي تسربت حول انتقاله الى الدوحة، والرجل الذي كان جزءاً من النظام السوري انشق ووصل الى الأردن، وهو يلقى معارضة من قبل المعارضة السورية التي تراه في بعضها انه شريك فيما جرى، فيما آخرون يحسبون له انه انشق ولم يقبل التورط بدم السوريين. لعل المفارقة تلخصت بطبيعة خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ السلفي، الذي امضى نصف ساعة وهو يتحدث عن الظلمة وقتل الشعوب، وحساب الله للظلمة، والمساكن التي باتت خاوية والقصور التي تركها اهلها، واستبداد السلطة وسفك الدماء وسرقة أموال الناس. لم أعرف اذا ما كان الشيخ يدرك هوية من يجلس في المسجد، أم لا، لأن الكلام الحاد الذي تحدث به، تحسبه موجها ضد نظام الأسد، وتارة تحسبه ضد الرئيس «حجاب»، واذ اتشاغل بوجه الرئيس «حجاب» في المسجد خلال الخطبة، لقراءة ردود الفعل على كل فقرة تنساب، اقرأ على وجهه ذات الحيرة التي انتابتني، فلا تفهم حصراً هل ُيقرّع الشيخ الرئيس في دابوق، ام ُيقرّع الرئيس في دمشق؟!. روى الشيخ قصة مؤثرة عن عجوز كانت تمتلك كوخاً من خشب، يجاور قصراً لسلطان ظالم، والسلطان يأمر بهدم الكوخ ضيقاً من شكله، خلال غياب العجوز، التي عادت ورأت كوخها مهدّما، فخاطبت الله بالقول: إذا كنت أنا غائبة عن كوخي عند هدمه، فأين كنت انت؟! فجاء الرد الإلهي وفقا لمنطوق الشيخ ان الله امرالملائكة بهدم قصر السلطان على من فيه. يريد الشيخ ان يقول إن السلطة تزول اذا حلّ الظلم، وان على صاحب السلطة ألا يظلم، وان من خسروا سلطتهم، وباتوا بلا سلطة او جاه، عليهم ان يستذكروا المظالم التي اوقعوها بالناس، فرب مظلمة تتأخر لكنها لا تلبث ان تتنزل استحقاقاتها ولو بعد حين. الخطبة دينية، إلا أن الاستماع اليها وانت تعرف ان رئيس وزراء سورية السابق، موجود في ذات الصلاة، يأخذ تفسيراً سياسياً. رياض حجاب الذي يمارس العمل السياسي، بعيداً عن الإشهار ويلتقي بمعارضين سوريين، وبشخصيات خليجية وروسية ودولية وأردنية، مطروح كرئيس وزراء لحكومة المنفى، غير ان السؤال يطرح نفسه، عن جدوى اقامة هكذا حكومة، في ظل بقاء النظام السوري، وانعدام اي مؤشرات على سقوطه الكلي حتى الآن؟!. توسط الاستغفار صلاتنا، فاستغفرنا، واستغفرالرئيس، ووجهه كان ينطق بكل صدق انه يستذكر كل ما يعرفه عن مظالم الشام، ولربما كانت نظراته تشي بالسؤال المحير حول مصير الشعب السوري في هذه المحنة، ومآلات البشر في الدنيا والآخرة. بقي السؤال يتردد في داخلي: هل يعرف الشيخ عن وجود الرئيس في المسجد، وجاء الجواب استنتاجاً، حين طلب الشيخ في خطبته من المصلين التبرع لإقامة مظلة تقي مرتادي المسجد من المطر، وعندها أحسست أن دعوة التبرع لمظلة توحي بعدم معرفة الشيخ لزواره. الشيخ يريد مظلة، والرئيس يريد مظلة ايضاً، فأي مظلة ستتوافر أولا؟ السؤال مفرود للإجابة. maher@addustour.com.jo الدستور

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/144402