طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


التراجع عن الخطأ فضيلة !


إذا كان يحق لقوى المعارضة الأُخرى،الحقيقية والوهمية، أن تخطئ في التقديرات والحسابات فإنه لا يحق للإخوان المسلمين أن يروا الأمور بعيون مُعمشة وحولاء وأن يصيغوا مواقفهم ويحددوها وفقاً لرغباتهم وليس على أساس الحقائق والواقع فهم أصحاب خبرة طويلة وهم بقوا ولسنوات قريبة أحد أعمدة هذا النظام، الذي حقق تقدماً لا يمكن إنكاره على مستويات كثيرة قياساً بما كانت عليه الأمور في ستنيات وسبعينات القرن الماضي وحتى عام 1989، بينما كانت القوى اليسارية والقومية إمّا مشردة في الداخل والخارج وإما أن بعض قياداتها كانت من نزلاء السجون التي لم تعد لا قائمة ولا موجودة. ما كان على «الإخوان»،سامحهم الله، أن يتخذوا موقفاً من التسجيل للإنتخابات البرلمانية على أساس رغباتهم ووفقاً لحسابات بعض قياداتهم وما كان عليهم أن يطلقوا أحكاماً مسبقة بأن الشعب الأردني بغالبيته سيقاطع هذه العملية فالمفترض أنهم أكثر الناس معرفة بالأردنيين وأنهم من خلال تجربتهم الطويلة يعرفون أن هذا الشعب قد يتذمر في بعض الأحيان،بل في الكثير من الأحيان، وقد يغضب كثيراً لأسباب متعددة كلها موضوعية لكنه عندما يجدُّ الجد لا يلبث أن يعود وبسرعة الى معدنه ولا يلبث أن يقدِّم الأهم على المهم.. والأهم بالنسبة للشعب الأردني في هذه الفترة التاريخية هو ان يحافظ على وطنه وعلى المكتسبات التي تحققت وألاّ يركب أمواج المزايدين فيخسر هذا الوطن ويخسر هذه المكتسبات «القليلة»!! التي تحققت والكثيرة التي ستتحقق فنحن في بداية مشوارٍ كُنَّا قد بدأناه قبل غيرنا في العام 1989 وعلينا أن نكمله ونحقق ما نصبو إليه ونريده بالتفاهم وبعيداً عن العنف وبالتسامح والحوار وباستمرار البناء على ما تم إنجازه مرحلة بعد مرحلة. ثم وما كان على «الإخوان»،نسأل الله أن يُفتِّح عيونهم على الحق وعلى ما فيه خيرٌ لهذا البلد ولشعبه الذي يستاهل ويستحق كل الخير، أن يختاروا الإستمرار بالتحدي،بعد أن تيقنوا من أنهم خسروا معركة «التسجيل» للإنتخبات النيابية التي من المتوقع أن تتجاوز نسبتها السبعين في المائة، من خلال الدعوة الى تظاهرة بـ»خمسين ألف» إنسان فحقيقة أن هذا لا يليق بهم لأنهم يعرفون أنه بالإمكان وعشائرياً حشد أضعاف هذا العدد الذي لو أنهم لم يقعوا في الأخطاء التي وقعوا فيها والتي وضعتهم في هذه العزلة التي لا يمكن إنكارها لكان من المفترض أن يحشدوا وبدون استعراض عضلات ولا عنتريات وتحديات مائة ألف مواطن وأكثر. وهنا ولأن التراجع عن الخطأ فضيلة ولأن هناك ضرورة وطنية لطيِّ صفحة الماضي القريب وفتح صفحة جديدة عنوانها التسامح والتصافي والحوار الهادف والبنّاء وتغليب العام على الخاص ووضع نهاية لإتخاذ المواقف السياسية على أساس الرغبات الحزبية والشخصية وليس وفقاً للواقع الموضوعي ولمصلحة هذا الوطن الذي يقف الآن في قلب العاصفة وبين تقاطع أسنة الرماح... فإن المتوقع ألاّ تكون مظاهرة الخامس من هذا الشهر لا مظاهرة تحدٍّ ولا استعراض استفزازي ولا مبارزة كسر عظم وأن تكون تعبيراً عن وجهات النظر بأسلوب حضاري وبدون تحديد ارقام خيالية ومع الحرص كل الحرص على إغلاق كل السبل والأبواب في وجوه الذين جرت العادة أن يصطادوا في المياه العكرة الذين قد يحاولون وهم سيحاولون اختطاف هذه «المسيرة» وإخراجها عن خطِّ سيرها وإقحامها في شغبٍ مفتعل وتعديات على رجال الأمن والسعي لإستفزازهم. إن التظاهر السلمي وبأي أعداد حقٌ للأردنيين وبالطبع حق للإخوان المسلمين ولأي جماعة أو مجموعة إن هي في صف الموالاة أو في صف المعارضة لكن المرفوض وغير الجائز هو أن يكون مثل هذا التظاهر عبارة عن استعراضات قوة ومحاولات لاستفزاز المخالفين في الرأي واستهداف هيبة الدولة والتطاول على القوانين النافذة والتعدي على رجال الأمن وعلى الممتلكات العامة والخاصة وحقيقة أنه لابد من القول إن «الإخوان» ورغم اهتزاز مواقفهم وأوضاعهم التنظيمية في السنوات الأخيرة فإنهم بصورة عامة «جماعة» لا يمكن إنكار أنها لا تزال، ورغم كل ما طرأ عليها من تغييرات وتحولات سلبية قياساً بالماضي وبما كانت عليه أيام القيادات الحكيمة وغير المغامرة، عاقلة وراشدة. والآن وبينما لم يبادر «الإخوان» الى هذه الخطوة عندما انفضّ حلفاؤهم من حولهم وتركوهم يواجهون هذا الإختبار الصعب لوحدهم فإن المفترض طالما أنه لا تزال هناك مهلة وإنْ هي قصيرة أن تكون هناك مبادرة لإلغاء مظاهرة يوم الجمعة المقبل ومن قبيل التهدئة وفتح صفحة جديدة فالتراجع عن الخطأ فضيلة وبخاصة إذا كان مثل هذا التراجع من اجل هذا الوطن العزيز علينا كلنا. الرأي

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/133133