طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات


«3» اشكاليات بحاجة الى حسم


حين دعوت، امس، الى ضرورة جراء مصالحات وطنية لم يخطر ببالي ابدا –كما فهم بعض من هاتفني معلقا- طيّ صفحة “الاصلاح” او تأجيله وتعطيله، وانما العمل على تسوية “الارضية” الاجتماعية او -ان شئت- تهيئة التربة المناسبة لاستقبال مشروع الاصلاح وضمان نموه واستمراره، والحيلولة دون اعادة “المنتج” السياسي القديم لملء الفراغ الذي سينشأ في المرحلة الانتقالية. ما ذكرتهُ حول خطورة محاولة “تنزيل” الاصلاح على انقاض مجتمع متعب ومنهك اقتصاديا وسياسيا ونفسيا ايضا، يستدعي –بالضرورة- التفكير بمنطق جديد يتجاوز “شعارات اللحظة” المتعلقة بالاصلاح السياسي الى “قرارات” عميقة لما حدث في مجتمعنا –على الاقل منذ عام ونصف العام- فنحن –بالتأكيد- لا نسعى لتغيير اشخاص واستبدالهم بأشخاص آخرين من “العلبة” ذاتها، وليس لدينا اية “ثارات” شخصية مع احد، وانما المهم هو تغيير او اصلاح المعادلات السياسية القائمة واستحداث قيم جديدة “للدولة” تتناسب مع طموحات الناس وحاجاتهم. اذا سألتني عن اهم القواعد التي يمكن ان تنطلق منها المصالحات الوطنية كطريق ضروري “لتمكين” الاصلاح وتثبيت جذوره في الارض فلدي ثلاثة اساسات: اولاها حسم قضية “المواطنة” وثانيها اعادة حساب معادلة توزيع الثروة والسلطة، واخرها فتح ملفات الفساد من جديد تمهيدا لاغلاقها قانونيا وسياسيا. يحتمل كل عنوان من هذه العناوين نقاشا واسعا، ويحتاج الى توافقات وطنية ويستلزم تقديم ما يلزم من تنازلات، ومهمتنا الآن هي توجيه النقاش العام حول كل مسألة، والتنبيه الى ضرورة وجود “اطار” قانوني وسياسي تنهض به شخصيات متخصصة وموثوق فيها، واذا ما استطعنا انجاز المهمة في شهرين –مثلا- فان فتح ابواب “الاصلاح” من خلال الذهاب الى انتخابات برلمانية في هذا العام سيكون مجديا وجديا ومقنعا ايضا. كل يوم نتأخر فيه عن انجاز الاصلاح سيكلفنا اجتماعيا وسياسيا المزيد من الخسائر، خذ مثلا هذه السجالات المحتدمة التي تدور بين “فرقاء” الاصلاح وخصومه: من يدفع ثمنها؟ المجتمع بالطبع، وخذ مثلا آخر هذه “الفزاعات” التي ننبشها من القبور لتخويف الناس وضربهم ببعض، من يتحمل كلفتها الباهظة؟ اليس هو مجتمعنا الذي اصبح منقسما على نفسه ولا يعرف الى اين يتجه.. ولا ماذا يراد له او يريد. دعونا نتعلم من تجارب الآخرين: صورة المجتمع المصري وقبله الليبي والآخر السوري.. كل هذه المجتمعات التي “تعرضت” لأسوأ انواع التقسيم والتفكيك تحولت اليوم الى “قبائل” متناحرة، حتى النخب فيها عجزت عن “ملء الفراغ” والاسباب بالطبع معروفة واهمها ان “التغيير” نزل على مجتمع غير متصالح مع نفسه ووجد نخبا انعزلت عن الجماهير وانشغلت بحساباتها السياسية. اذا اردنا “للاصلاح” ان يسير على سكة السلامة فلا بد ان نبدأ بمصالحات وطنية تحسم الجدل حول هذه العناوين والقضايا الاشكالية، اذ لا يمكن للاصلاح ان يتحقق الا اذا تجاوزنا الغامها وعبرنا “دروبها” الشائكة. الدستور

جميع الحقوق محفوظة
https://www.ammonnews.net/article/122761