كان واضحا منذ توقيف نشطاء الطفيلة، ومن بعد 'الدوار الرابع'، أن الجهات الرسمية لا تملك تصورا للخطوة التالية. إذ يسود الاعتقاد أن الهدف هو 'تأديب' من تطاولوا على الرموز الوطنية، وليس تقديمهم إلى المحاكمة. وقد نجد فيما تعرض له الموقوفون من معاملة دليلا على ذلك.
لكن على فرض صحة هذا الاعتقاد، فإن النتائج تبدو مغايرة. من يلتقي النشطاء في 'الموقر' ينقل عنهم شعورا كبيرا بالقهر والحقد جراء ما تعرضوا له من إهانات. وعلى مستوى الشارع، مد توقيف النشطاء حراكَ المحافظات بطاقة إضافية، تعبر عنها مسيرات الجمعة. ويوم أمس نفذ أهالي الموقوفين اعتصاما أمام سجن الموقر، وكانت المطالبات بتكفيلهم حاضرة في مسيرات الكرك والطفيلة ووسط البلد. ولم يتردد بعض المشاركين في تلك المسيرات في تجاوز الخطوط الحمراء.
التوقيف، إذن، لم يحقق غاية الردع، واستمراره لم يعد يحقق أي غرض، سوى المزيد من التأزيم في العلاقة بين الدولة والحراك، والإساءة لسمعة الأردن في الخارج.
لم يلتفت المسؤولون بعد إلى أن استمرار توقيف النشطاء بتهم إطالة اللسان والعمل لتقويض النظام، سيترك انطباعا في الداخل والخارج، بأن الحراك في الأردن ضد الملك، ويتبنى شعار تغيير النظام. وقد لاحظت بالفعل أن معدي التقارير عن الأردن، من باحثين وصحفيين غربيين، يستندون أحيانا إلى أمثلة من هذا النوع للتنبؤ بثورة ضد النظام في الأردن.
إنها بالطبع انطباعات خاطئة؛ فحتى أولئك الذين رددوا شعارات بسقف مرتفع لا يفكرون في تبنيها جديا. وشباب الحراك يدركون أكثر من غيرهم المخاطر المترتبة على دعوات مراهقة كهذه.
إن دائرة الصراع السياسي في الأردن محددة وواضحة، ولم يفكر أي من الفاعلين داخلها في الخروج عن قواعد اللعبة. ويتعين على مراكز صناعة القرار أيضا تجنب الخشونة مع القوى الصاعدة، وأن تحافظ على أوسع هامش للمناورة لتفادي الصدام.
كان بوسع الحكومة أن تحتوي في وقت مبكر التداعيات السلبية المترتبة على توقيف النشطاء، وذلك بتعجيل خطوات تكفيلهم بدل هذه المماطلة. بيد أن من كان يتابع تصريحات كبار المسؤولين عن 'الجهود' التي يبذلونها للإفراج عن النشطاء يخيل له أنهم معتقلون في دولة أجنبية، وليس في سجن تحت ولاية الحكومة الأردنية.
الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة لمسار الإصلاح السياسي في الأردن. ولا يمكن لمؤسسات الدولة أن تدير عملية انتقالية ذات مصداقية، وأن تقنع الرأي العام بجدية خطواتها الإصلاحية، بينما هي تعتقل في سجونها شبانا يحملون نفس المطالب.
في الشارع الأردني ضجيج، وأحيانا صراخ يتجاوز حدود الإصلاح المطلوب، تماما كما هو الحال على مدرجات جمهور مباريات كرة القدم. ولو أن اللاعبين في الميدان أرخوا آذانهم لما يسمعون من شتائم واستفزازات، لما تمكنوا من اللعب دقيقة واحدة. أصحاب القرار السياسي بحاجة إلى التركيز الشديد دائما، وعدم الالتفات إلى الأمور الصغيرة، خاصة في الدقائق الأخيرة من المباراة.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد.
كان واضحا منذ توقيف نشطاء الطفيلة، ومن بعد 'الدوار الرابع'، أن الجهات الرسمية لا تملك تصورا للخطوة التالية. إذ يسود الاعتقاد أن الهدف هو 'تأديب' من تطاولوا على الرموز الوطنية، وليس تقديمهم إلى المحاكمة. وقد نجد فيما تعرض له الموقوفون من معاملة دليلا على ذلك.
لكن على فرض صحة هذا الاعتقاد، فإن النتائج تبدو مغايرة. من يلتقي النشطاء في 'الموقر' ينقل عنهم شعورا كبيرا بالقهر والحقد جراء ما تعرضوا له من إهانات. وعلى مستوى الشارع، مد توقيف النشطاء حراكَ المحافظات بطاقة إضافية، تعبر عنها مسيرات الجمعة. ويوم أمس نفذ أهالي الموقوفين اعتصاما أمام سجن الموقر، وكانت المطالبات بتكفيلهم حاضرة في مسيرات الكرك والطفيلة ووسط البلد. ولم يتردد بعض المشاركين في تلك المسيرات في تجاوز الخطوط الحمراء.
التوقيف، إذن، لم يحقق غاية الردع، واستمراره لم يعد يحقق أي غرض، سوى المزيد من التأزيم في العلاقة بين الدولة والحراك، والإساءة لسمعة الأردن في الخارج.
لم يلتفت المسؤولون بعد إلى أن استمرار توقيف النشطاء بتهم إطالة اللسان والعمل لتقويض النظام، سيترك انطباعا في الداخل والخارج، بأن الحراك في الأردن ضد الملك، ويتبنى شعار تغيير النظام. وقد لاحظت بالفعل أن معدي التقارير عن الأردن، من باحثين وصحفيين غربيين، يستندون أحيانا إلى أمثلة من هذا النوع للتنبؤ بثورة ضد النظام في الأردن.
إنها بالطبع انطباعات خاطئة؛ فحتى أولئك الذين رددوا شعارات بسقف مرتفع لا يفكرون في تبنيها جديا. وشباب الحراك يدركون أكثر من غيرهم المخاطر المترتبة على دعوات مراهقة كهذه.
إن دائرة الصراع السياسي في الأردن محددة وواضحة، ولم يفكر أي من الفاعلين داخلها في الخروج عن قواعد اللعبة. ويتعين على مراكز صناعة القرار أيضا تجنب الخشونة مع القوى الصاعدة، وأن تحافظ على أوسع هامش للمناورة لتفادي الصدام.
كان بوسع الحكومة أن تحتوي في وقت مبكر التداعيات السلبية المترتبة على توقيف النشطاء، وذلك بتعجيل خطوات تكفيلهم بدل هذه المماطلة. بيد أن من كان يتابع تصريحات كبار المسؤولين عن 'الجهود' التي يبذلونها للإفراج عن النشطاء يخيل له أنهم معتقلون في دولة أجنبية، وليس في سجن تحت ولاية الحكومة الأردنية.
الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة لمسار الإصلاح السياسي في الأردن. ولا يمكن لمؤسسات الدولة أن تدير عملية انتقالية ذات مصداقية، وأن تقنع الرأي العام بجدية خطواتها الإصلاحية، بينما هي تعتقل في سجونها شبانا يحملون نفس المطالب.
في الشارع الأردني ضجيج، وأحيانا صراخ يتجاوز حدود الإصلاح المطلوب، تماما كما هو الحال على مدرجات جمهور مباريات كرة القدم. ولو أن اللاعبين في الميدان أرخوا آذانهم لما يسمعون من شتائم واستفزازات، لما تمكنوا من اللعب دقيقة واحدة. أصحاب القرار السياسي بحاجة إلى التركيز الشديد دائما، وعدم الالتفات إلى الأمور الصغيرة، خاصة في الدقائق الأخيرة من المباراة.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد.
كان واضحا منذ توقيف نشطاء الطفيلة، ومن بعد 'الدوار الرابع'، أن الجهات الرسمية لا تملك تصورا للخطوة التالية. إذ يسود الاعتقاد أن الهدف هو 'تأديب' من تطاولوا على الرموز الوطنية، وليس تقديمهم إلى المحاكمة. وقد نجد فيما تعرض له الموقوفون من معاملة دليلا على ذلك.
لكن على فرض صحة هذا الاعتقاد، فإن النتائج تبدو مغايرة. من يلتقي النشطاء في 'الموقر' ينقل عنهم شعورا كبيرا بالقهر والحقد جراء ما تعرضوا له من إهانات. وعلى مستوى الشارع، مد توقيف النشطاء حراكَ المحافظات بطاقة إضافية، تعبر عنها مسيرات الجمعة. ويوم أمس نفذ أهالي الموقوفين اعتصاما أمام سجن الموقر، وكانت المطالبات بتكفيلهم حاضرة في مسيرات الكرك والطفيلة ووسط البلد. ولم يتردد بعض المشاركين في تلك المسيرات في تجاوز الخطوط الحمراء.
التوقيف، إذن، لم يحقق غاية الردع، واستمراره لم يعد يحقق أي غرض، سوى المزيد من التأزيم في العلاقة بين الدولة والحراك، والإساءة لسمعة الأردن في الخارج.
لم يلتفت المسؤولون بعد إلى أن استمرار توقيف النشطاء بتهم إطالة اللسان والعمل لتقويض النظام، سيترك انطباعا في الداخل والخارج، بأن الحراك في الأردن ضد الملك، ويتبنى شعار تغيير النظام. وقد لاحظت بالفعل أن معدي التقارير عن الأردن، من باحثين وصحفيين غربيين، يستندون أحيانا إلى أمثلة من هذا النوع للتنبؤ بثورة ضد النظام في الأردن.
إنها بالطبع انطباعات خاطئة؛ فحتى أولئك الذين رددوا شعارات بسقف مرتفع لا يفكرون في تبنيها جديا. وشباب الحراك يدركون أكثر من غيرهم المخاطر المترتبة على دعوات مراهقة كهذه.
إن دائرة الصراع السياسي في الأردن محددة وواضحة، ولم يفكر أي من الفاعلين داخلها في الخروج عن قواعد اللعبة. ويتعين على مراكز صناعة القرار أيضا تجنب الخشونة مع القوى الصاعدة، وأن تحافظ على أوسع هامش للمناورة لتفادي الصدام.
كان بوسع الحكومة أن تحتوي في وقت مبكر التداعيات السلبية المترتبة على توقيف النشطاء، وذلك بتعجيل خطوات تكفيلهم بدل هذه المماطلة. بيد أن من كان يتابع تصريحات كبار المسؤولين عن 'الجهود' التي يبذلونها للإفراج عن النشطاء يخيل له أنهم معتقلون في دولة أجنبية، وليس في سجن تحت ولاية الحكومة الأردنية.
الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة لمسار الإصلاح السياسي في الأردن. ولا يمكن لمؤسسات الدولة أن تدير عملية انتقالية ذات مصداقية، وأن تقنع الرأي العام بجدية خطواتها الإصلاحية، بينما هي تعتقل في سجونها شبانا يحملون نفس المطالب.
في الشارع الأردني ضجيج، وأحيانا صراخ يتجاوز حدود الإصلاح المطلوب، تماما كما هو الحال على مدرجات جمهور مباريات كرة القدم. ولو أن اللاعبين في الميدان أرخوا آذانهم لما يسمعون من شتائم واستفزازات، لما تمكنوا من اللعب دقيقة واحدة. أصحاب القرار السياسي بحاجة إلى التركيز الشديد دائما، وعدم الالتفات إلى الأمور الصغيرة، خاصة في الدقائق الأخيرة من المباراة.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد.
التعليقات
كلام رائع جداً وانا معك فيما ت قوله والشر من شرارة لا تنطفئ بالنار انما بالماء البارد وكبرها بتكبر وصغرها بتصغر
كلام حكيم
كلام رائع جداً وانا معك فيما ت قوله والشر من شرارة لا تنطفئ بالنار انما بالماء البارد وكبرها بتكبر وصغرها بتصغر
كلام حكيم
مبدع يااستاذ فهد الخيطان تحليل سليم ومقنع كل الاحترام لعقليتكم المنطقيةوالنيرة
مالك الشوشان
متألق وموضوعي في تحليلكم للامور والمسألة ليست كسب للوقت وعرض للعضلات, باستخدام هذه الأساليب القمعية ضد من يطالبون بالاصلاح وزجهم بالمعتقلات, معتقدين بأن هذه نهاية القصة بكل بساطة ،متناسين بأن الوطن أكبر من كل هذه التصرفات ولا بديل عنده ،غير الانتصار لترسيخ المسار الديمقراطي ودولة القانون والمؤسسات دون استخفاف بتطلعات الارادة الشعبية وحقها بالتغيير وتنسم هواء الحرية والعدالة والمساواة التي حرمت منها لعقود طويلة, ولم يعد هنالك مجال للمماطلة والتسويف واللبيب بالاشارة يفهم!
عبدالله السوالقة
كلام جميل وواقعي ومقنع
محمد الجباشنه
كلام جميل وواقعي ومقنع
محمد الجباشنه
كلام جميل وواقعي ومقنع
محمد الجباشنه
wait and see
America will decide
نعم المسؤلون يحاولون اقناع الحكومة ...... بما تقوله وتتوسل اليهم ولكنهم يخذلونهم كما حدث بقضية ملف جمعية المركز الاسلامي القرار الى الأن بيد الجهات الأمنية
خالد الحموري
ضجيج في المدرجات
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
ضجيج في المدرجات
كان واضحا منذ توقيف نشطاء الطفيلة، ومن بعد 'الدوار الرابع'، أن الجهات الرسمية لا تملك تصورا للخطوة التالية. إذ يسود الاعتقاد أن الهدف هو 'تأديب' من تطاولوا على الرموز الوطنية، وليس تقديمهم إلى المحاكمة. وقد نجد فيما تعرض له الموقوفون من معاملة دليلا على ذلك.
لكن على فرض صحة هذا الاعتقاد، فإن النتائج تبدو مغايرة. من يلتقي النشطاء في 'الموقر' ينقل عنهم شعورا كبيرا بالقهر والحقد جراء ما تعرضوا له من إهانات. وعلى مستوى الشارع، مد توقيف النشطاء حراكَ المحافظات بطاقة إضافية، تعبر عنها مسيرات الجمعة. ويوم أمس نفذ أهالي الموقوفين اعتصاما أمام سجن الموقر، وكانت المطالبات بتكفيلهم حاضرة في مسيرات الكرك والطفيلة ووسط البلد. ولم يتردد بعض المشاركين في تلك المسيرات في تجاوز الخطوط الحمراء.
التوقيف، إذن، لم يحقق غاية الردع، واستمراره لم يعد يحقق أي غرض، سوى المزيد من التأزيم في العلاقة بين الدولة والحراك، والإساءة لسمعة الأردن في الخارج.
لم يلتفت المسؤولون بعد إلى أن استمرار توقيف النشطاء بتهم إطالة اللسان والعمل لتقويض النظام، سيترك انطباعا في الداخل والخارج، بأن الحراك في الأردن ضد الملك، ويتبنى شعار تغيير النظام. وقد لاحظت بالفعل أن معدي التقارير عن الأردن، من باحثين وصحفيين غربيين، يستندون أحيانا إلى أمثلة من هذا النوع للتنبؤ بثورة ضد النظام في الأردن.
إنها بالطبع انطباعات خاطئة؛ فحتى أولئك الذين رددوا شعارات بسقف مرتفع لا يفكرون في تبنيها جديا. وشباب الحراك يدركون أكثر من غيرهم المخاطر المترتبة على دعوات مراهقة كهذه.
إن دائرة الصراع السياسي في الأردن محددة وواضحة، ولم يفكر أي من الفاعلين داخلها في الخروج عن قواعد اللعبة. ويتعين على مراكز صناعة القرار أيضا تجنب الخشونة مع القوى الصاعدة، وأن تحافظ على أوسع هامش للمناورة لتفادي الصدام.
كان بوسع الحكومة أن تحتوي في وقت مبكر التداعيات السلبية المترتبة على توقيف النشطاء، وذلك بتعجيل خطوات تكفيلهم بدل هذه المماطلة. بيد أن من كان يتابع تصريحات كبار المسؤولين عن 'الجهود' التي يبذلونها للإفراج عن النشطاء يخيل له أنهم معتقلون في دولة أجنبية، وليس في سجن تحت ولاية الحكومة الأردنية.
الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة لمسار الإصلاح السياسي في الأردن. ولا يمكن لمؤسسات الدولة أن تدير عملية انتقالية ذات مصداقية، وأن تقنع الرأي العام بجدية خطواتها الإصلاحية، بينما هي تعتقل في سجونها شبانا يحملون نفس المطالب.
في الشارع الأردني ضجيج، وأحيانا صراخ يتجاوز حدود الإصلاح المطلوب، تماما كما هو الحال على مدرجات جمهور مباريات كرة القدم. ولو أن اللاعبين في الميدان أرخوا آذانهم لما يسمعون من شتائم واستفزازات، لما تمكنوا من اللعب دقيقة واحدة. أصحاب القرار السياسي بحاجة إلى التركيز الشديد دائما، وعدم الالتفات إلى الأمور الصغيرة، خاصة في الدقائق الأخيرة من المباراة.
fahed.khitan@alghad.jo
الغد.
التعليقات