لفترة طويلة ساد الاعتقاد بأنها بعض فضلات الطيور، استخدم الباحثون الأشعة السينية للتعرف على سبب البقعة على نسخة اللوحة المرسومة عام 1893، الموجودة متحف النرويج الوطني.
بعد سنوات من التكهنات، استطاع العلماء في جامعة أنتويرب في بلجيكا أن يزيلوا الغموض المحيط بلوحة الصرخة للرسام المبدع إدفارد مونش، فكانت العلامة البيضاء الغريبة على النسخة الأولى من اللوحة مسحة من الشمع وليست فضلات طيور كما كان يعتقد نظرياً.
رسم مونش 4 نسخ من هذه اللوحة خلال تسعينات القرن التاسع عشر، إلا أن النسخة المرسومة في 1893 والمعروضة في متحف النرويج الوطني، كان عليها بقعة بيضاء مجهولة المصدر بالقرب من كتف الشخصية المرسومة في اللوحة.
بيعت إحدى هذه اللوحات بمبلغ 119922500 دولار في 2012، وعرضت في متحف الفن الحديث في نيويورك لبعض الوقت، في حين سرقت إحدى اللوحتين الموجدتين في متحف مونش بالإضافة لبعض الأعمال الفنية الأخرى، إلا أنها استردت في وقت لاحق.
كما تظهر الصور أن مونش كان يرسم لوحاته أحياناً في الهواء الطلق، فقد أحب أن تعبر لوحاته عن جمال الطبيعة، وقد صرح المتحدث باسم جامعة أنتويرب عبر موقعها على الإنترنت، أن هناك نظرية تفترض أن الطيور التي تحلق أثناء رسمه في العراء هي ما أكسب اللوحة بعداً فنياً آخر عبر هذه البقعة.
ليست فصلات طيور
إلا أن البروفيسور تين فرويسكر، الأستاذ بجامعة أوسلو، وكذلك ثيري فورد المسؤول عن لوحات المتحف الوطني، يريان أن هذه النظرية غير مقنعة، فقد صادف فرويسكر فضلات الطيور في جوانب أخرى من حياته المهنية، إذ يعتقد أن هذه البقعة البيضاء لا تبدو كفضلات طيور تحت المجهر، أما فورد فقد صرح عبر منشور الجامعة أن آثار فضلات الطيور معروفة، فقد تسبب التآكل أو التلف للكثير من المواد، ويمكن لأصحاب السيارات تأكيد هذه النظرية لما يعانونه من تلف سياراتهم بسبب فضلات الطيور، كما أن المادة الموجودة في أعلى اللوحة كان لابد لها أن تتآكل عبر السنين.
وصرح المتحدث باسم جامعة أنتويرب بأن التقنية الحديثة أثبتت عكس هذه النظرية، وأنهم يعتقدون أن مونش قد استخدم لوحة من الكارتون كطبقة تحتية ركيزة للرسم، كما أن المواد المستخدمة هشة ورطبة وسهلة التأثر والتلف، وعلى الأرجح كانت ستتلف إذا ما تركت في العراء.
في مايو الماضي، دُعي فريق من الباحثين، من معهد أنتويرب لتحليل الأشعة السينية والكيمياء الكهربية، إلى أوسلو لدراسة المواد المستخدمة في رسم لوحة الصرخة للتوصل لحل الخلاف القائم.
استخدم الباحثون الأشعة السينية لتحليل عينة من المادة البيضاء، وقال فريدريك فانميرت، طالب الدكتوراه في جامعة أنتويرب، إنه أدرك على الفور من خلال تحليل الأشعة السينية أن هذه المادة من الشمع، وذلك بناء على خبرته في تحليل اللوحات الفنية.
جمع الدكتور جيرت فان دير سنكت عينة من فضلات الطيور لتحليلها في محاولة لدحض نظرية فضلات الطيور، وصرَّح بأنه شعر "بالحرج" عند جمع هذه العينات أمام مجموعة من السياح. وبعد فحصها، أظهرت نتائج اختبار الأشعة السينية أن العينة مطابقة للشمع وليس لفضلات الطيور.
وأكد فان دير سنكت أن تركيب فضلات الطيور يتكون بشكل أساسي من المواد التي تتغذى عليها، وأنه من الصعب أن وجود الشمع في هذه الفضلات، وبالتالي يستبعد أن تكون لوحة مونش قد تعرضت "لفضلات الطيور التي ربما تحب أكل الشمع".
يعتقد الباحثون أن البقعة البيضاء على لوحة الصرخة سببها الشمع الموجود في مرسم مونش، وأكدوا أنه حان الوقت لإغلاق ملف قضية فضلات الطيور.
يعد لغز البقعة البيضاء أحد الألغاز الفنية التي تم حلها هذا الشهر، فقد حكمت المحكمة لصالح الفنان بيتر دويج مؤخراً في الدعوى المقامة لإثبات أنه لم يرسم لوحة موقعة باسمه. كما استخدمت الأشعة السينية لتحديد وجه آخر في لوحة إدجار ديجز لامرأة تدعى إما دوبجني كواحدة من أكثر نماذج الفن الانطباعي الفرنسي.
المصدر:
هافينغتون بوست.