عمون - جهاد جبارة - علامة دهشة بحجم نصلٍ حاد تخترق العقل، والروح معاً كلما لاح لناظري قلمٌ، وكلما لاح خنجر، فالقلم الذي أقسم الله به في سورة القلم «ن والقلم وما يسطرون»، هو الذي كان يُغمس بالمداد ليخط أرَقَّ، وأعذَبَ الشعر، والمفردات، بينما الخنجر يُغمس بين الضلوع ليخرج الدم الذي تكتبُ به قصة الغدر!
والقلم الذي صنعه السومريون من أغصان الاشجار نحو 3500 قبل الميلاد لينقشوا لنا به علمهم هو ليس الخنجر ذي النصلين الذي اغتال به «ابو لؤلؤة فيروز» الفاروق عمر رضي الله عنه عام 644 للميلاد.
وريشة الطائر التي كانت بمثابة القلم عند الإغريق نحو 500 قبل الميلاد لم تكن الخنجر الذي غدَر به «بروتوس» سيده «غايوس يوليوس قيصر» في آذار من عام 44 قبل الميلاد.
وقلم الحبر السائل الاول والذي ابتدع فكرته «المعز لدين الله الفاطمي» عام 969 في القاهرة، لم يكن خنجراً للذبح والتباهي بالدم المسفوح.
ولقلم الحبر الشهير الذي اخترعه «لويس أديسون ووترمان» بائع عقود التأمين عام 1884 حكاية، فحينما كانوا يغمسون رؤوس الأقلام المدبّبة آنذاك بالمداد، إندلق الحبر على أوراق عقد كان يطمح «ووترمان» بتوقيعه مع احد العملاء فاتلفه، مما حدا به التفكير مطولاً لاختراع قلم يحتوي على أنبوب مملوءٍ بالحبر، ونجح في ذلك ليصبح ذلك القلم يحمل الاسم الاشهر في عالم الأقلام.
والخنجر الذي صُنّف كي يكون سلاحاً أبيض يُعتبر لدى الكثيرين رمزاً للغدر والخيانة، في حين ان آخرين يعتبرونه رمزاً للإقدام، والهيبة التي يتحلى بها الفرسان، حتى أنه أصبح شعاراً لديهم، وصار يُقدّم كجائزة تكريمية للمبدعين، في حين نجد ان بعض «الكريكتوريين» المشهورين قد ابرزوا في رسوماتهم أقلاماً محطّمة، أو ملجومة الرؤوس كدلالة لأسر حرّية الكلمة!.
ولعل الذين صنعوا الأقلام في بداية الأمر من أغصان الاشجار اليانعة الصغيرة، او من ريش اجنحة الطيور، او من أعواد اشواك حيوان «النيص»، ثم من مواد اخرى كالحديد، والنحاس، والبلاستيك لم يكونوا يعلموا بان اؤلئك المفتونين بالخناجر قاموا بصناعة مقابضها من الفضة، والذهب، بل أنهم كانوا يقتلون الزرافات ليصنعوا من قرونها مقابض، ويفتكون بالخرتيت ليصنعوا من قرنه مقبضاً، وكانوا يردون الأفيال قتلى لانتزاع انيابها ليحيلوا منها مقابض للخناجر، ولم يكتفوا بل أنهم إقتلعوا أشجار الصَندَل وصنعوا من اخشابها مقابض تفوح منها رائحة عطر الصندل التي مهما كانت عَطِرة فإنها لن تطغى على رائحة الغدر التي يتصف بها الخنجر!
أما علامة السؤال الاكبر من حجم نصل الخنجر فهي التي انغرزت في العين، لدى مشاهدة هذه الشجرة التي التفَّ ساقاها ليُظهران خنجراً حاداً!
أتُراه لتذود به عن وجودها أمام زحف حاملي الفؤوس، أم لتقول لهم فقط حذارِ؟!
(الرأي)