فكر جديد ام رئيس جديد و كفى؟
18-10-2011 12:16 PM
*الظهور الأول للرئيس هو الامتحان الأهم حيث ان غالبية الأردنيين لم يطلعوا يوماً على فكره او توجهاته السياسية و لم يسبق للكثيرين منهم ان سمعوا صوت الرئيس من قبل, اذاً فلا يمكن التنبؤ بقدرته على ادارة الملفات او اتخاذ القرارت او حتى ادارة الأزمات.
التغيير الحكومي جاء في وقت مهم بلا شك, حيث أن الحالة التي وصلت اليها الأوضاع مؤخراً كانت تنذر بخطر قادم في حال استمرار حالة التشرذم السياسي و انعدام القدرة على ضبط الأمور. و الرئيس الجديد هو واحد من الأقلاء المنتمين لدوائر صنع القرار الذين لم تطالهم دوامة الفساد, فلم يكن البعد عن المشهد في السنوات السابقة نقمة, بل كان عدم وجود تصور سلبي او حتى ايجابي لدى الناس عنه بحد ذاته نعمة. و لو ان شبكات التواصل الاجتماعي من فيس بوك و تويتر امتلأت منذ الأمس بالتعليقات التي ترفض او ترحب بالرئيس, فكثيرين رفضوا شخصه بسبب ارتباطه باتفاقية وادي عربة الى الحد الذي و صل بالبعض لتسميته "مهندس وادي عربة" بينما اعتبر اخرون ان منصبه الاخير مقاضي دولي يؤهله لتسلم منصب الرئيس و اعتبروا ان موقفه من قضية الجدار العازل على سبيل المثال هو بمثابة رد على الاتهامات بارتباطه الوثيق بوادي عربة.
على اية حال فان الارث الذي يتسلمه الرئيس اليوم هو ارث شائك, قضايا متشابكة و معقدة و حالة من انعدام الثقة و اختفاء المصداقية. و قد يكون لخلفية الرئيس المهنية و القانونية جانبا مطمئناً للكثيرين الذين اعتبروا أن منصبه كقاضي دولي في لاهاي سيلعب دوراً مهماً في تفكيره خصوصاً فيما يتعلق بعدالة كثير من القضايا الداخلية التي يُنتظر أن يُبت فيها.
مما رشح لنا جميعاً يبدو أن الرئيس المكلف أصر على مبدأ الاستقلالية بعيداً عن الضغوط و ممارسة سلطاته الدستورية دون تدخل قوة خارجية, و هذا يؤكد أن الرئيس معني باعادة تثبيت مبدأ الولاية العامة فلا مجال هنا للتعذر باي تدخلات بعد اعطاءه كل الضمانات, والرئيس معني ايضاً باثبات هذا على أرض الواقع, حيث أن الجميع اليوم يستعد للحكم على الرئيس من هذا المبدأ, و خصوصاً على العلاقة مع الأجهزة الأمنية و ضبط ايقاع الأمور, فهل يكون الرئيس قادراً على تسيير هذه القوى ام العكس؟
تصريحات الرئيس المكلف الأولية تشيع حالة من الطمأنينة و جاءت بطريقة الدبلوماسية الناعمة و التي تدرك حساسية المرحلة. فالرغبة بالانفتاح على القوى الشبابية هو مفتاح مهم لانجاح المسيرة الحكومية و تصريحات الرئيس لقناة بي بي سي العربية "ان الاصلاحات في الأردن لم تكن كافية و انه يؤمن بان مجلس الوزراء هو صاحب الولايةالعامة و بانه لن يسمح بتغول اي سلطة على الأخرى" ان وجدت مكانها على أرض الواقع ستشكل حالة تحول حقيقية في النهج الحكومي و ستساهم بشكل كبير بالوصول الامن الى محطة التغيير. و لا شك أن دعوة الاخوان المسلمين للمشاركة في الحكومة تشكل تقدم لافت في الفكر الحكومي و خصوصاُ اننا شهدنا في السنوات الأخيرة سيادة للفكر الاقصاءي الذي اشتهر برفض الاخر و الانفراد في القرارات.
يبقى التشكيل الوزاري الخطوة الأهم التي ستشكل بداية العلاقة بين الأردنيين و الرئيس المكلف, حيث أن شكل الفريق الوزراي سيلعب الدور الأكبر في رسم صورة الرئيس و حكومته, و لهذا نتمنى ان تشكل هذه البداية صورة ايجابية حقيقية تكون قادرة على ارسال رسائل تطمينية للشارع المحتقن اصلاً. و قد يكون في كلام الامام علي بن أبي طالب للرئيس أفضل نصيحة في هذه المرحلة, حيث قال أن :" الة الرئاسة سعة الصدر" فليتسع صدر الرئيس للجميع و لنبدأ مرحلة جديدة ترفض الاقصاء و تُبنى على فكرة استيعاب الجميع دون استثناء.
د.عامر السبايلة
http://amersabaileh.blogspot.com