الخصاونة والشوبكي .. دلالات التزامن في التغيير
فهد الخيطان
18-10-2011 05:14 AM
الاثنان عادا من الغربة إلى داخل مليء بالتحديات والمخاطر .
في يوم واحد طال التغيير اهم منصبين تنفيذيين في الدولة ورئيس الوزراء ومدير المخابرات العامة, وفي ذلك دلالات ينبغي التوقف عندها, لكن المفارقة ان الرئيس المكلف عون الخصاونة ومدير المخابرات الجديد فيصل الشوبكي عائدان من الخارج وامضى كل منهما سنوات ليست قليلة في مهمات خارجية, الأول كان عضوا في ارفع محكمة دولية, والثاني سفيرا في المغرب وشهد خلال وجوده هناك سنوات التحول الديمقراطي وانجاز أهم تعديلات دستورية في تاريخ المغرب العربي.
لكن سنوات "الغربة" لكلا الرجلين لا تعني انهما بلا تاريخ في بلدهما, فالخصاونة كان رئيسا للديوان الملكي في عهد الملك الراحل ودبلوماسيا من قبل في الخارجية, والشوبكي ضابط محترف في دائرة المخابرات العامة تولى مواقع متقدمة في عهد المرحوم سعد خير وكان حسب من عمل معه من ألمع الضباط واذكاهم لكنه لم يكن في ذلك الحين من المتحمسين للتحول الديمقراطي.
بالنسبة لاغلبية الرأي العام فالانطباعات عن الرجلين محدودة, خاصة الخصاونة, لكنها ايجابية في الغالب, فخلال السنوات الماضية كان بعيدا عن اجواء السياسيين في عمان ومناكفاتهم, وهذه ميزة توفر له هامشا واسعا من المناورة وممارسة مهامه من دون خصومات مع اطراف اللعبة السياسية. بيد ان الرجل الذي عمل من قبل خلف الكواليس سيكون من الان وصاعدا في واجهة الاحداث حيث ينتقل من عالم القضاء الدولي إلى عالم السياسة الصاخب في مرحلة حساسة وخطيرة تتطلب اداء استثنائيا وحلولا خلاقة لوضع داخلي معقد وصعب.
المهمة الاولى والرئيسية التي اوكلها الملك للخصاونة هي انجاز حزمة تشريعات الاصلاح السياسي, لكن النجاح في هذه المهمة يتطلب اعادة بناء الثقة مع قوى المجتمع الحية وتجسير فجوة الثقة بين الدولة والمجتمع, ومعالجة تركة ثقيلة من الملفات العالقة وفي مقدمتها ملف البلديات. وفي المحصلة الاخيرة تأمين الاستقرار الداخلي للوصول إلى المحطة الاخيرة في المرحلة الانتقالية وهي مرحلة الانتخابات النيابية, التي شدد الملك في كتاب التكليف على ان تكون حرة ونزيهة وشفافة.
يتضح من كتاب التكليف ومن الظروف التي احاطت بعملية تغيير الحكومة التداخل الكبير بين المهمات السياسية والامنية في المرحلة المقبلة, وذلك هو الذي استدعى تغييرا متزامنا في الحكومة والمخابرات التي سيتكفل مديرها الجديد حسب مصادر رسمية اطلاق برنامج شامل لتحديث اعمالها واعادة ترسيم دورها من جديد بحيث تلعب الدور المأمول في دعم عملية الاصلاح السياسي.
هل ينجح الرجلان في العمل بروح الفريق الواحد? هذا ما سيتبين في الايام المقبلة.
المهم ان تتمتع الحكومة الجديدة بكامل الصلاحيات الدستورية وتبسط ولاياتها على جميع المؤسسات, وان يختار الخصاونة الفريق الوزاري الذي يستحق ان يكون صاحب ولاية عامة فعلا, يدافع عنها ويوظفها في خدمة المصلحة العامة, لأن البلاد لا تحتمل المزيد من التجريب.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)