كان اللواء فيصل الشوبكي قد غادر موقعه في دائرة المخابرات قبل سنوات، واليوم يعود الأمر لنصابه، والمهم عودة الاعتبار لكل المؤسسات عبر شخوص محترمين، والأهم رد الحق لكل من اقصي وكل من أخرج بطريقة لا تليق بتقاليد الدولة التي تعلمها الأردنيون ودرسوها، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة تشويها متعمدا لبعض الناس واغتيالا للشخصيات، وهو ما حدا بالملك التذكير مرارا بأن مكافحة الفساد تحتاج لتيقن وتوفر الدلائل الوافية، ومع أن ملف الفساد كان يمكن ان يكون بوابة النجاة والعبور للبلد من أزماته إلا أنه كان وئيدا ومملا ولم يقدم نتائج كبيرة او ذات ثقل يذكر.
التغيير الذي حصل في رأس جهاز المخابرات والحكومة امس، لم يكن دون دراسة وتفحص وجلسات استماع من قبل الملك لمجموعة من الشخصيات ذات الخبرة، إذ أن الملك التقى ثلاثة مدراء مخابرات سابقين.
الشوبكي كان منافسا حسب ما تقول مصادر عملت معه، وهو واسع الخبرة في العمل الاستخباري، وهو حين غادر الجهاز ظل محل احترام رفاقه، وحظي بتجربة العمل الدبلوماسي في دولة مثل المغرب تتمتع بفاعلية سياسية وحراك سياسي متعدد، وهذا ما قد يعطيه ميزة للمرحلة القادمة.
رئيس الحكومة المكلف عون الخصاونة، قانوني وعالم لا يُشك بخبرته، عُرفت عنه النزاهة، وفي التجربة السياسية التي عمل بها، يمكن القول انه حظي باحترام الجميع، وهو خالٍ من الخصومات ونأى بنفسه عن المعارك وإكراهات الصالونات العمَّانية، فالرجل مثقف عارف بالأدب التركي والفارسي، بامتياز، ومطلع على كافة الملفات المحلية، ولم يكن من اصحاب البزنس وليس في تاريخه أي شائبة.
وعون الخصاونة اليوم ليس خيار تهدئة، بل خيار مرحلة إصلاحية، لذا يعول عليه الكثير بها، والاختيار يمكن ان يعيد للناس الثقة بمؤسسة دار الرئاسة التي تراجعت هيبتها، وفي شكل الحكومات وتشكيلتها، وفي البنية الاجتماعية وحاصل الخبرة في الوزراء.
ليس المطلوب من عون الخصاونة ان يعيد الناس المحتجين لبيوتهم، فهذه ليست مهمته، بل المهم القيام بعمل يقنعهم بشكل عقلاني بان الإصلاح أوله وجود فاسدين في السجن وتحقيق العدالة الاجتماعية وانهاء التهميش ومراجعة الكثير من القرارات الخاطئة التي جرى تمريرها والوصول للناس بمناطقهم.
ختاما، يمثل التغيير الذي حصل جزءا من الاستجابة لمطالب الناس، لكنه في جوهره ليس تنازلا، بل محاولة حقيقية لاستعادة الثقة مع اطراف المطبخ واولهم الإسلاميون الذين رفضوا الدخول باي حوار في ظل وجود الحكومة السابقة.
Mohannad974@yahoo.com
(الدستور)