محمد المسفر .. شيخ العقلاء .. !
أ.د.فيصل الرفوع
17-10-2011 03:29 PM
ألقى المفكر العربي القومي الأستاذ الدكتور محمد المسفر محاضرتين متكاملتين، الأولى جاءت بعنوان « الأردن ومجلس التعاون الخليجي»، أما الثانية فكانت تمثل نوعاً من الإستشعار عن بعد حول» العرب إلى أين؟».
ولأن المفكر محمد المسفر يحتل مكانة متميزة من بين المفكرين القوميين العرب، ويمثل نمطاً عقلانياً في الطرح والتحليل، وعادة ما تأتي إستقراءاته بناءً على معطيات علمية ومنهجية واضحة لا لبس فيها، فإن ما أثرى به مستمعيه في المحاضرتين قد جاء ضمن إطار المنطق والحقيقة، التي عادة ما تكون «مرة وغير مستساغة»، وبعيداً عن المفهوم الشعبوي - التضليلي الذي طالما إنقادت الجماهير العربية خلف بريقه، وقادها في النهاية وقادنا إلى ما نحن فيه اليوم من غياب للإرادة وتهميش وسقوط في «سلة مهملات» الأمم والشعوب. معيدين تقمص دور أجدادنا، المناذرة والغساسنة في آخر عهدهم قبل تحررهم من سطوة روما وفارس على أيدي العرب المسلمين.
لقد راى المفكر المسفر في انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي إثراءً واضحاً لا لبس فيه لمنظومة هذا المجلس، كما أشار إلى أن الأردن في هذا التوجه لن يكون « عالة» على المجلس، بقدر ما سيساهم في تعزيز مصلحة عربية- قومية مشتركة لهذه المنظومة، حيث يستطيع الأردن إثراء أشقائه في مجلس التعاون الخليجي بالكفاءات العلمية والثقافية والإنتاجية والعسكرية والأمنية، ويساهم في تحصين خط الدفاع الأول عن حدود الجزيرة العربية الشمالية من المتربصين في الأمة، خاصة جزيرة العرب.
وفي نفس الوقت تمثل هذه المشاركة القومية دعماً، اقتصادياً وسياسيًا للأردن، وتعزز جبهته الخارجية، وتجعل أمامه مجالاً ارحب في إغناء الأفق السياسي لثوابت مجلس التعاون الخليجي، خاصة، وهو يلتقي مع أشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي في الأبعاد كافة، السياسية والإجتماعية والثقافية والعقيدية، وقبل هذا ذاك، في الإمتداد العشائري والقبلي.
أما ما يتعلق في محاضرته حول «العرب إلى أين»، فبالقدر الذي «أحبط» فيه المستمع من الحقائق الكارثية التي حول الواقع العربي، وتحديداً إقليم الخليج العربي، بقدر ما يشعر مستمعه بنوع من النشوة الفكرية القومة حينما يستمع إلى الحلول المتاحة و« المقدور عليها» ولا تحتاج إلى عصاً سحرية. فقد أشار المفكر المسفر إلى الإستلاب الحضاري الذي تعيشه منطقة الخليج العربي، والمتمثل في الأخطار المحدقة لأكثر من ستة عشر مليون عامل أجنبي، والتي بالإضافة، إلى إستنزافها لأكثر من أربعين مليار دولار سنوياً كتحويلات إلى دولها، وعلى حساب اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي، فإن آثارها الكارثية لا تكمن في المال فحسب، بل تمتد إلى البعد السياسي والأمني والاجتماعي، بالإضافة إلى ظلامية الغد فيما يتعلق بمستقبل هذه العمالة» الخطرة» على النسيج الاجتماعي العربي- المسلم لجزيرة العرب بأسرها. خاصة في هذه الأيام التي نشهد فيها توجهاً أممياً لفرض ما يسمى بحقوق العمالة المهاجرة، وإمكانية إلزام الدول المستقبلة لها بمنح هذه الفئة الحقوق السياسية، تحت إطار ما يسمى ب» حقوق الإنسان». الأمر الذي إذا قدر له أن يرى النور، فإنه سيقود إلى تقويض الأركان التي بنيت عليها كثيراً من المجتمعات العربية الخليجية. موضحاً الدكتور المسفر، إلى أن البديل موجود لهذه العمالة، ولا يمثل أي نوع من الأخطار، وهو الأكثر كفاءة، والأقرب تماثلاً في الثقافة واللغة والدين والعقيدة، إنهم الثلاثون مليون عاطل عن العمل في الوطن العربي. لقد وضع المفكر المسفر الإصبع على الجرح فيما يتعلق بآهات الجماهير العربية وآناتها، وكان الأقرب إلى وجدانها بالتحليل والتمحيص لواقعها واستشراف قابل أيامها.
alrfouh@hotmail.com
(الرأي)