شاليط وفشل المقاربة الأمنية
د .حسن البراري
17-10-2011 03:39 AM
بالرغم من الضغوطات الهائلة وسنوات من الحصار وتواطؤ أطراف عديدة مع الموقف الإسرائيلي إزاء حماس إلا أن الأخيرة صمدت وتمكنت من تحقيق أهدافها، فالصفقة لم تأت فقط لأن حماس أرادتها بل جاءت بعد أن فشلت تل أبيب استخباريا وعسكريا في التعامل مع ملف شاليط برمته. فإسرائيل شنت حربا في نهاية 2008 وبداية 2009 بهدف كسر شوكة حماس وتحرير الجندي الإسرائيلي الذي وقع اسيرا لدى حماس قبل خمسة أعوام، وقامت إسرائيل بقتل أكثر من 1500 فلسطيني في تلك الحرب، ومع ذلك لم تخضع حماس لمطالب إسرائيل بتحرير الإسير شاليط.
اللافت أن موقف حماس لم يعجب قيادات في السلطة الفلسطينية، وسمعت مرة من محمود عباس في بيت السفير الفلسطيين في عمان انتقادا عنيفا لحماس، وقال عباس بالحرف الواحد: «شاليط كلفنا أكثر من 1400 قتيل.» بطبيعة الحال يمكن فهم موقف عباس في سياق المنافسة مع حماس وتجذر الانطباع العام الذي يفيد بأن سياسة عباس تجاه الإسرائيليين لم تجلب نفعا للفلسطينيين ولا لقضيتهم العادلة.
حماس نجحت فيما أخفقت فيه السلطة الفلسطينية، وقد كتبت غير مرة ما يفيد بأن تغيير موقف الحكومة الإسرائيلية بشأن العملية السلمية هو أمر غير ممكن دون رفع الكلفة السياسية على رئيس الحكومة الإسرائيلي وهو ما فعلته حماس ولم تقم به السلطة الفلسطينية، فتحمل الفلسطينيين بقيادة حماس لسنوات من الحصار وابداء الاستعداد لفداء القضية أوصل الإسرائيليين إلى أزمة كان لا بد في نهاية المطاف من حلها حتى لو جاء ذلك على حساب المقاربة الأمنية الإسرائيلية.
فإسرائيل تبنت وما زالت فلسلفة الحائط الحديدي كتكتيك لتثبيط عزيمة ومعنويات خصومها، ومن أهم مقومات هذا التكتيك الصهيوني الكلاسيكي هو الحاق هزائم متتالية بخصومها حتى يقبلوا بالأمر الواقع، وبهذا المعنى كانت تل أبيب تأمل أن تفقد حماس الأمل توطئة لفرض الشروط الإسرائيلية، وإذا نجحت هذه السياسية مع الأنظمة العربية في غير مناسبة فهي أخفقت مع المقاومتين الفلسطينية واللبنانية.
باختصار، ما يجري يثبت أن المقاربة الأمنية الإسرائيلية لم تحقق أهدافها وبذلك تتمكن حماس- بصمودها- من توجيه ضربة كبيرة لعقيدة الأمن الإسرائيلي. فالحكومة الإسرائيلية التي تخشى الشارع الإسرائيلي المحبط والقابل للانفجار تريد أن تسجل نقطة لصالحها وبخاصة في ظل تراجع مكانة وشعبية نتنياهو نتيجة الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية الجديدة في إسرائيل.
hbarari@gmail.com
(الرأي)