يقولون ان ما يجري في العالم العربي من حركات شعبية هدفها ان تعيش شعوب هذا العالم بكرامة وعزة واحساس عال بالانسانية المهدورة بين عدة اطراف ان كل ما يجري عبارة عن مؤامرة حاكتها اياد خارجية تريد النيل من صمود هذا القطر العربي او ذاك بسبب مواقف هذه الدولة من العدو الصهيوني والامبريالية الامريكية وغيرها من العداوات المدعاة ظاهرا ولكنها في الباطن صداقات لا يمكن ان تخطئها العين المجردة.
كيف يمكن ان يقوم طالب في الصف الرابع الابتدائي بالاتصال بسفارات الدول المبرمجة للربيع العربي ويخرج بعدها يصدح بحنجرته الغضة فيطالب باعلى صوته ما نسمعه كل يوم في الشوارع العربية وكيف يمكن ان يتم تصوير ودبلجة صور من مظاهرات ومسيرات في الهند والسند لاظهار ان ما يجري هو في عاصمة عربية بعينها ثم يخرج علينا مسؤولون يضحكون بملء اشداقهم على دبلجة بائسة وهم يعرفون انهم يضحكون على انفسهم وان ما يتم عرضه هو في عقر دار عاصمة هذه الشخصية وستظهر الحقائق ولو بعد حين.
والسؤال الذي يطرح نفسه ببساطة هو كيف يمكن لشخصية دينية او علمية اوثقافية او اقتصادية او اجتماعية او حتى بهلوانية ان تشيد بالربيع العربي في بلد ما ويصف ما يجري هناك بانه انتفاضة وخروج على الحاكم الظالم المستبد وفي المقابل يصف ما يجري في بلد اخر بان من يقومون به مجموعة من الرعاع الذين فقدوا توازنهم واتزانهم وانهم كسيرون من قبل الطواغيت الغربية التي لا تريد لهذا البلد خيرا بل تريد له الخراب والدمار لا لشيء وانما لانه عصي على الكسر من قبل الدول الغربية التي تريد ان تستولي على مقدرات الامة؟.
«طيب» ..كيف يمكن ان يستمر حاكم في منصبه عشرات السنوات وندعي الديمقراطية؟ وكيف يمكننا ان نفهم استمرار مسؤولين في مناصبهم لسنوات طويلة وندعي تبادل السلطات؟ وكيف يمكن ان يكون هناك احساس بالكرامة وانت ترى استباحة الدم الانساني في العواصم العربية وكأن الذين يقتلون خراف بل ان الخراف نفسها اصبح هناك من يدافع عنها اذا ما تم ذبحها بصورة غير لائقة ولكن لا عزاء لدم عربي يسيل بغزارة وعلى يد من؟ على يد من في الاصل يجب ان يحموه وان يصونوه اناء الليل واطراف النهار؟ وكيف يـأمن المواطن على نفسه عندما ياتيه الغدر ممن يجب ان يؤمن له العيش بكرامة وراحة بال؟ وكيف تستباح الاعراض ونقول ان البلاد والعباد بخير؟ وكيف ندعي صون الحريات والسجون تملأ عن بكرة ابيها بالشباب الجامعي وطلاب المدارس بعد تحويل الملاعب والمستوصفات الطبية والمراكز الصحية وساحات المدارس الى سجون مفتوحة تعج بعشرات الشباب الذين كان يجب ان يكونوا الان في مدارسهم وجامعاتهم ومشاغلهم؟ وكيف يمكن ان نصدق ان يدا تستطيع ان تقاوم» المخرز» الذي يبطش في كل الاتجاهات ولا يتردد في استهداف العيون والقلوب؟.
نحتاج الى لحظات صدق مع الذات والى امة تصحو على حكام يرحمونها من المزاودين والمنتفعين الذين اكثر ما يؤذون سادتهم ولكنهم لا يعلمون.
hamdan_alhaj@yahoo.com
(الدستور)