دهشة الخريفابراهيم غرايبه
14-10-2011 04:33 AM
يأتي (كان يأتي.. ما الذي تغير؟) محملا بالوعود والانتظار والإنجاز.. قصص الحب التي سوف تكتمل، بيع المحصول وشراء الملابس والهدايا، تخزين القمح والفريكة والبرغل والرمان والجميد والسمن والجبنة واللبنة، زيت الزيتون والمخلل (الرصيع) والصبر والتين والعنب والنبق والبلوط والخبيصة والسماق والزعتر والمربى (المعقود) والقطين والزبيب، والنبيذ.. وانتظار الشتاء، ترقب المطر، رائحة الغبار المغسول بالندى وحبات المطر، كأنه يوم الحساب، ولكنه جنة فقط بلا نار ولا جهنم.. ثم يختم بحراثة الأرض، وتعفيرها بالبذور، وبيات شتوي طويل! ليس فيه غير استهلاك الخزين ومراقبته، وتسيير الحياة في حدها الأدنى، السبات اللذيذ لو لم تكن مدرسة! المكافأة العظيمة على العمل الشاق في الربيع والصيف، والألم والسهر، الراحة الأبدية لولا انحباس المطر، الطمأنينة السلبية لولا ترقب الموسم القادم، والخوف على الحلال والمواشي من الجوع والبرد والثلج، الدعاء الخالص للرب بنجاة البقرة، وإن كان لا بد من قربان فليكن الحمار وليس البقرة، لأن الناس خرجت من الخريف بلا شيء تقريبا، فقد نفد كل شيء في البيت، لأن الطعام خزن بمقدار محسوب بدقة وقلق، لبيع الفائض، وقد بيع بالفعل واشترينا ملابس وأحذية وسكرا وشايا وتمرا وملبسا مخشرما وكعكبانا، وسددت حسابات وديون والتزامات أخرى كثيرة ومرهقة تحتاج إلى أضعاف المحصول، لا ينقذهم من العدم سوى البقرة عندما تلد.. ما معنى أن تموت البقرة في ذلك الصقيع والعدم؟ فلترحميهم يا سماء! كيف احتملوا بعد بيع الخيل الأصيلة والبنادق للإنفاق على علاج يائس ونبيل لمرضى السل والملاريا؟ كيف سيحتملون بعد ذلك الجوع الحقيقي الطويل؟ كيف يصبرون بلا أمل؟ معالجة مرضى السل كانت تحتاج إلى سفر طويل للمستشفى الإيطالي البعيد في طبريا والناصرة ثم عمان، وتدبير الطعام النادر عزيز المنال، التفاح والموز واللحم!
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة