اعتصم تحصل على بلدية .. والثانية مجاناً
المحامي محمد الصبيحي
14-10-2011 04:19 AM
أنا لا ألوم الحكومة على استجابتها لكل طلبات الفصل والاستحداث لبلديات جديدة والتي فاقت حدود المقبول والمعقول، لأننا جميعا ندرك أن الحكومة وقوات الأمن تتجنب أي احتكاك قد تنتج عنه فوضى تودي بحياة مواطن، فهناك من يتوق إلى سماع نبأ سقوط (شهيد الحراك الوطني الأول)، ولو جرح مواطن كان (يقطع بطيخة) في اعتصام فهناك من سيلصق المسؤولية عن قطرات دمه بالحكومة والبطيخة معا.
أنا ألوم مجموعات المواطنين الذين وجدوها فرصة سانحة لابتزاز حكومة بلدهم وقوات أمنها، فحين تدرك مجموعة من طالبي المشيخة أن الاعتصامات تفضي إلى نتيجة فان ابتزاز الدولة كلها يصبح وسيلة للحصول على تلك المشيخة لمجلس بلدي مفلس مسبقا، حتى بات الامر نكتة على أفواه المواطنين (أعتصم وأحصل على بلدية والثانية مجانا)؟؟!!
وحين يدرك مجموعة من المواطنين أنهم حين يحملون أسلحة ويشعلون إطارات مستعملة لإغلاق شارع فان الامن والدرك لن يستعمل القوة ولن يطلق رجاله النار عليهم فإنهم بذلك يبتزون الدولة ويحطمون قواعد القانون بدون شعور بالمسؤولية تجاه البلد الذي أطعمهم وآمنهم.
وللأسف فان هناك من يغذي الشعور العام بأن الدولة ضعيفة وهيبتها تتزعزع وهناك من يوجه انتقادات لاذعة الى الحكومة ويطالبها باستعمال القوة المسلحة لفرض هيبة القانون، ولكنها دعوات غير بريئة في معظمها وتهدف الى توريط الحكومة والامن أما بهدف اسقاط الحكومة ضمن لعبة الكراسي المتحركة لأصحاب الصالونات واما خدمة لأطراف مجهولة تريد أن ترى كيف تتحول الحراكات السلمية الى حركة للمدرعات والجنود في المدن والقرى.
هناك قوى سياسية تريد جر الامن الى مصادمات من أجل تأجيج الحراك الشعبي ودفعه مرحلة الى الامام كما حصل في دول مجاورة.. ولكنهم يلعبون لعبة بالغة الخطورة في سبيل تحقيق أهداف سياسية، انها لعبة عود الثقاب بجانب برميل البارود، ولن يكون بمقدورهم السيطرة عليها وسيكونون أول ضحاياها.
الدولة الاردنية قوية، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم ويخطىء في تقدير قوة الجماهير الاردنية عندما تشعر بالخطر يحدق بالوطن، ويخطىء في تقدير حجم الالتفاف الشعبي حول العرش عند الضرورة، ومهما أحتج الاردنيون مطالبين بالاصلاح ومهما اعتصموا ضد الفساد وضد المظالم فان أي محاولة لاستغلال حراكهم السلمي خارج سياق ومظلة الدستور والعرش ستفشل فشلا ذريعا وسيكون ثمنها قاسيا على مرتكبيها.
أيها الاردنيون لا تنساقوا الى ظاهرة ابتزاز الدولة في ظرف تفرض فيه السياسة أعمال الحكمة والصبر من طرف أصحاب القرار، ولا تقبلوا دعوات الخروج على القانون لتحقيق مطالب ومكتسبات فليست كلها دعوات بريئة.
نعم تظاهروا واعتصموا وطالبوا بسلام واحترام وديمقراطية حضارية.. هذا حقنا جميعا، ولكن القانون يجب أن يكون أيضا سندنا جميعا.. والقضاء ملجأنا جميعا.. ومكتسبات الوطن لنا جميعا.. وحريات الآخرين مطلبنا جميعا
ومحاربة الفساد شعارنا جميعا، ولكن لا تنسوا للحظة واحدة أن الملك ملكنا جميعا.
(الرأي)