النقابات المهنية تغتال الديمقراطية وتمشي في جنازتها
المحامي محمد الصبيحي
13-10-2011 03:43 AM
من كان يظن أن نقاباتنا المهنية تمارس الديمقراطية فقد وقع ضحية خدعة كبرى.
وبصريح العبارة فان النقابات لا تعرف من الديمقراطية الا الشعار الذي ترفعه في وجه الحكومة أو عندما يقيد حقها في التعبير، بينما هي في الواقع أكثر مؤسسات المجتمع المدني دكتاتورية وإرهابا فكريا.
وحتى نصل الى توضيح لما نقول فاننا نطرح السؤال التالي: عندما أنتخب كمحام أو طبيب النقيب وأعضاء مجلس النقابة وفق احكام قانون حدد مهمات واختصاصات مجلس النقابة فهل من حق النقيب والمجلس التعبير باسمي سياسيا فيعلنون دعم النظام السياسي الفلاني واستنكار أعمال نظام سياسي آخر ؟ هل من حق مجلس النقابة - على سبيل المثال - أن يعلن دعم النقابة لجبهة أصلاح أو ائتلاف أحزاب معارض نيابة عني وأنا - أيضا على سبيل المثال - في صف ائتلاف موال أو مؤيد لبرنامج الحكومة ؟
أليس من حق أي مجموعة من أعضاء النقابة إصدار بيان مناقض لبيان وموقف المجلس ؟ نظريا نعم , ولكن عمليا سيجري التشهير بهم واتهامهم بالعمالة للحكومة والنظام وقد يحالون إلى المجلس التأديبي.
حاول كنقابي أن تتخذ موقفا فرديا مناوئا لمواقف مجلس نقابتك وأنتظر ما سيحل بك من تهميش وتشهير وإرهاب فكري ! وأنظر كيف يفوز ممثلو اتجاه سياسي في مجلس نقابتك وراقب قراراتهم المنحازة الى زملائهم من ذات الاتجاه في اللجان والنشاطات والسفرات !
حاول أن تطرح موضوعا للحوار واتخاذ قرار وأنظر كيف يتضامنون بالحق وبالباطل ! ثم فكر وتأمل مزايا الديمقراطية النقابية!
كطبيب أو محام او مهندس أتساءل: هل من الديمقراطية مصادرة رأيي وموقفي السياسي ببيان يصدره مجلس نقابتي وفق توجهه السياسي؟ انهم يمثلوننا مهنيا ويمثلوننا سياسيا ويمثلوننا ثقافيا ويتصرفون بأموالنا خارج نطاق النظام المالي لكل نقابة ولا نستطيع أن نقول لا حتى لو كانت قرارات تكبد النقابات خسائر مالية أو نفقات غير ضرورية وغير قانونية وفي وقت سابق أثارت النقابات أزمة كبرى حين لمست توجها لتكليف ديوان المحاسبة بتدقيق بياناتها المالية ولكنها كنقابات ترفض أن تكون دوائر الدولة بدون رقابة مالية وتطالب بضبط النفقات الحكومية ومحاربة الفساد المالي والإداري شريطة ألا يشملها ذلك الضبط والتدقيق !
والمشكلة أنك كعضو نقابة سيكون توجهك السياسي هذا العام مع الاخوان المسلمين وربما بعد عام أو أثنين ستجد أن توجهك السياسي مع القوميين، وبعده مع التوجه الحكومي أو ربما مع اليسار الماركسي , وكل هذا حسب التيار الذي يفوز بمنصب النقيب ما دام يمثلك سياسيا ومهنيا وثقافيا. فأين هي الحرية والديمقراطية السياسية ؟
وما يؤسف له أن النقابات المهنية هي الجهة الاكثر ضيق صدر بالصحافة والنقد ويا سواد ليل الكاتب الذي ينتقد نقابة فالاتهامات جاهزة وقد تتعرض للطرد من جنة مبنى مجمع النقابات وستصنف (غير وطني) حتى وفاتك.
لا يجبر المواطن الاردني أن يكون عضوا في حزب سياسي، ولكنه ملزم ومكره كطبيب أو محام أو مهندس.. الخ أن يكون عضوا في نقابة تمارس عليه ولاية المهنة وأبوية التوجه السياسي، ومن لا يعجبه يشرب البحر..
(الرأي)