المسيرات الشعبية والشبابية الكبيرة التي شهدتها العاصمة ومدن كبيرة في الشمال وفي الجنوب ينبغي ان تنظر اليها الحكومة ومجلسا النواب والاعيان بالجدية اللازمة وبعين الحسبان والشفافية ..

فالذي يقرأ اللافتات ويسمع ما ينطق من الحناجر من شعارات يجب ان يتوقف مليا عندها جميعا ليقرأ ما بين وما خلف هذه الشعارات وما هو مسطر بعناية واهتمام وتركيز على اللافتات ..

ان حكومتنا يجب ان تولي اهتماما كبيرا لما يقوله الجمهور ، وحتى لما يفكر فيه ولم يقله بعد ..

فالجمهور يركز اليوم على الفساد والفاسدين والمفسدين ويطالب باجتثاث بؤر الفساد ومطاردة وملاحقة الفاسدين والمفسدين .. مؤكدا انه لا اصلاح حقيقيا بدون تنظيف مؤسسات ودوائر واجهزة الدولة من الفساد المالي والاداري ، وبدون مساءلة الفاسدين والمفسدين ، ووضع حد لدورهم الخبيث الذي ينجز في جسد المجتمع .. نعرف ان انجاز هكذا مهمة ليس بالأمر اليسير .. حيث الفساد مستشري على نطاق واسع ... وحيث للفاسدين مراكز قوى منظمة وتتمتع بامكانات كبيرة وتسندها رموز نافذة ..

ان خروج آلاف المواطنين في العاصمة وفي المحافظات الى الميادين والى الشوارع انما يعني انهم فقدوا الثقة بالحكومة أو كادوا ...

كما فقدوا الثقة بمجلسي النواب والاعيان او كادوا معتبرين ان لا جدية في تحقيق الاصلاح وفي تهيئة المناخ الملائم للحياة الديمقراطية ولاطلاق الحريات العامة طالما ان الفساد ورموزه في امن وامان ، ولا تطالهم الذراع القادرة على شل نشاطهم وكشفهم امام الشعب ليرى رايه فيهم.. وبعدئذ تفعيل القوانين في مساءلتهم ..

ان نظر المسؤولين الى هذه المسيرات والاعتصامات الشعبية والشبابية على انها شغب او لمناكفة الحكومة ومحاكمتها خطا فادح ..

فهذه المسيرات لها اهداف نبيلة ومشروعة وعادلة فالناس يخرجون للتعبير عن همومهم ومشكلاتهم ومعاناتهم.. وللتعبير على تطلعاتهم وامانيهم في العيش في مجتمع نظيف خال مما يعيق تقدمه ونهوضه وخطوات ازدهاره.. وللتعبير عن حقهم في التعاطي مع وسائل اعلام حرة وصحافة وطنية جادة ونزيهة وتتمتع بمهنية لائقة .. وهذا كله لن يتحقق الا من خلال مشاريع وخطط اصلاح ناجعة تقوم على انقاض الفساد الذي ينبغي كنسه من مؤسسات ودوائر واجهزة دولتنا الى غير رجعة .. فمسيرات ابناء شعبنا الابي ليست هواية ولا غواية ، بل انها للفت نظر المسؤولين الى ما يريدون ..