وماذا عن «جمعة التفكير والتخطيط»؟
باتر محمد وردم
10-10-2011 04:12 AM
في كل يوم جمعة منذ 9 أشهر تخرج المظاهرات والمسيرات في الأردن، تقودها عشرات الجهات والتيارات السياسية التقليدية والجديدة وترفع مئات الشعارات التي تنادي بالإصلاح وسلطة الشعب ومكافحة الفساد وتعزيز الحريات وانتقاد ضعف الحكومة والنواب وكافة المؤسسات الأردنية تقريبا. ومع أن هذا الجهد مهم ويساهم في إبقاء الزخم الشعبي المحوري في استمرار المطالبة بالإصلاح فلا يوجد مانع في أن تقرر هذه الجهات والتيارات ذات الإبداع في تصميم الشعارات والمطالبات أن تصنع يوم جمعة مختلفا تماما عما سبقه بل وتقدم نموذجا في الحراك الشعبي العربي وذلك عن طريق تخصيص يوم جمعة واحد للتفكير والتخطيط.
المقصود بذلك أنه بدلا من المظاهرات والمسيرات والهتافات لماذا لا تتفق كافة التيارات السياسية والشعبية في المحافظات على تخصيص 4 ساعات للمناقشة والتفكير في واحد من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأردن وكيف يمكن التعامل معها وإدارتها وتقديم الحلول المناسبة لها. مثلا يمكن لمسيرة الجامع الحسيني الكبيرة أن تختص في مناقشة الطريقة الأفضل لتأسيس أحزاب وتجمعات سياسية قادرة على تحمل مسؤولية الحكم في مرحلة الحكومات النيابية والتحول من حالة المعارضة الفردية والشعاراتية الحالية إلى المعارضة المؤسسية والتي تعتبر قادرة على استلام الحكم في مرحلة ما. وفي مسيرة ثانية يمكن مناقشة أفضل السبل لمواجهة التزايد المرعب في عجز الموازنة العامة وكيف يمكن تحقيق التوازن ما بين زيادة الإنفاق الحكومي لإرضاء الطلبات والضغوط الشعبية المتزايدة وما بين حماية المستقبل الاقتصادي والمالي للأردن من الوقوع في هاوية من الإفلاس في حال استمرت التوجهات الحالية في إدارة الاقتصاد.
ويمكن لمسيرة ثالثة أن تناقش كيف يمكن تواجه هذه النزعة العجيبة في المطالبة بتأسيس بلديات صغيرة تحتاج إلى خدمات وبنى تحتية ومعدات لا تستطيع خزينة الدولة تقديمها وبالتالي كيف يمكن تحسين اللامركزية والخدمات البلدية بدون إرهاق الموازنة العامة. ويمكن لمسيرة رابعة أن تناقش مشاكل البطالة وكيف يمكن تشجيع الشباب الأردني على الإنخراط في العمل المهني والقطاع الخاص وإنشاء الشركات الصغيرة بدلا من الإنتظار الطويل لوظيفة حكومية بدأت تتلاشى. ويمكن لمسيرة خامسة أن تناقش كيفية تأمين مصادر الطاقة المناسبة والمستمرة وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة بدون الإضطرار إلى رفع اسعار المشتقات النفطية.
في مكان سادس يمكن مناقشة تحدي المياه وكيفية الاستخدام الأمثل لمياه الشرب والزراعة لحماية حقوق الأجيال القادمة من العطش، وفي مكان سابع يمكن مناقشة العنف الاجتماعي وخاصة بين الشباب والطرق الأسلم لمنعه، وفي موقع ثامن يتم التفكير بحلول مناسبة لتراجع الخدمات الصحية وكيفية توفير التأمين الصحي الملائم لكافة المواطن كما يمكن أن يحظى قطاع التعليم بنقاش موسع بين المتظاهرين في موقع تاسع أما في الموقع العاشر فلا بد من مناقشة كيفية تعزيز الإنتاج الزراعي وتحقيق أفضل مستوى من الأمن الغذائي في ظل الظروف المائية والمناخية والاقتصادية السائدة حاليا.
لا يوجد اسهل من تصميم الشعارات والهتافات، ولكن التحدي الأصعب هو في تقديم البدائل والحلول، وعلى الجهات التي تضع نفسها في موقع قيادة الرأي العام والادعاء بتمثيل «ما يريده الشعب» أن تبذل الجهد الكافي للتفكير خارج الحكمة التقليدية وتقديم أفكار وبدائل منطقية تجعل الرأي العام يثق بأن هذه الجهات تملك برامج يمكن أن تنقل الأردن إلى مرحلة أفضل في حال أتيحت لها الفرصة لتسلم إدارة الدولة في مراحل مقبلة.
batirw@yahoo.com
(الدستور)