عمان التى نريدها لا التى يدمرونها
د.عبدالفتاح طوقان
05-09-2007 03:00 AM
عمان الجديدة لا تحتمل ان تكون هدية حكومية لمجلس مهما بلغ حجمه العددي او شخصياته المعينة فهي ليست عمان 1948 التى احتضنت اللاجئين و لا عمان السيعينات و لا عمان التسعينات ، بل يجب ان تكون عمان 2050.غاصت بنا الصحف في الاسابيع الماضية تحلل و تهاجم و تؤيد و تفند الاعضاء و اعلانات المباركة للفائزين كانت صدمات متتالية و قاسية لمجتمع لم يعد يرى الا العشوائيات و طرق المسوؤليين و تغيير نمط استخدام شوارع محددة ، في ظاهرة عرفت بشوارع " ابناء الحكومة الجدد " و مشاريع المفاجأت .
لقد بدا واضحا ان " عمان" ليست مشروعا استرايتيجا ضمن خطة و نهج و معايير ، بل باتت "عمان " نظرة الى الجيوب حتى و ان امتلئت بالعيوب .
"عمان " لم تعد عنوان الاردن الاول ، و سبق العمران فيها التخطيط ، و اساء البعض التعامل معها و النظر الي جماليتها المعهودة .
الخطاء الاول الذي وقع فيه المتعاملون مع "عمان " هو النظرة اليها كبقرة حلوب ، يجبى منها المال ، و تكبر و تمتد لتشمل و تأكل جيرانها من البلديات الصغيرة في زحف سطحي ينقض على جيوب الفقراء لاجل رفد خزنيتها بالمال .
لقد ازداد عدد سكان عمان بشكل مفاجيء ، نتيجة هجرات متتالية ، و مع غياب استراتيجيات التوسع العمراني المحسوب انتشرت "عشوائيات منظمة " ، و غاب النسق المعماري الذي وفر لعمان المدينة هويتها عبر العصور ، و تم الهجوم على معالمها القديمة، و هو خطاء ثاني و قاتل.
و "عمان " الحبيبة اليوم تقف مجروحة بين يد مجلس امانة جديد ، فهل يرى المجلس الجديد " عمان " و يعرف ماذا يريد لها ، ام فقط حضور و انصراف و وجاهة العضوية و التفاخر ؟.
هنالك مشاريع كبيرة مفقودة منذ زمن ، مثل مترو الانفاق بين الدوار السابع و المطار ، و الحدائق الزراعية التى تخطط من قبل مهندسي الحدائق العالمية لا مجرد مجموعات متناثرة من الحشائش و المساحات الخضراء، والاعمدة الحديثة للانارة ذات طابع يغلف المدينة بانوار تاريخية ، ومشروع شبكة جديدة لمجاري عمان ، و مناطق مخصصة للدوائر الحكومية ، واخرى للمدن الصناعية ، و منطقة المدارس و الجسور و مناطق الابنية العالية ، و غيرها .
هل هنالك من يعرف كيف خطط لمدينة عمان ان تكون؟ هل هنالك من درس حركة المرور و الطرق و قدم الحلول الكاملة و الشاملة في خطة على مستوى المدينة بالكامل لا نقاط الاختناق فقط ،هل هنالك من فكر في ايجاد مداخل و مخارج جديدة لمدينة عمان؟ .
هل هنالك مهندس عالمي خطط و قدم تصورا لعمان 2050 او حتى عمان 2020 ، ام مجرد " عمان " هي استغلال لاموال مواطنيين في مهرجانات و خطابات و اعلانات و دعم لفئات دون الاخرى .
هل هنالك مخططات لمناطق المشاريع و العقارات الجديدة ، ام ان كل متنفذ له حق تغيير النسيج و زرع شبه مدينة في داخل رحم المدينة ؟.
هل هنالك دراسة عن الاراضي و كيفية استخداماتها و السعة الاجمالية للمدينة و كم تحتمل و الوزن الديمغرافي في معادلة الكثافة و الحجم ؟ .هل هنالك تصور ما اذا كانت "عمان " ابهى بالحجر ام بالهياكل الحديدية و المبان الزجاجية ؟ ، هل "عمان" بحاجة الى " دار اوبرا " ومتى يبداء العمل في تجهيزها ؟ ، هل الصوت و الضوء في المدرج الروماني على الاجندة ؟ هل الحفاظ على و احياء البيوت و القصور القديمة استرايتيجة قادمة ام ان الحفارات جاهزة للانقضاض و اقامة العمارات على قطع الاراضي .
القادم الى عمان يرى بناء عشوائي سريع ، و رخص تقدم على عجل دون شرايين و مواصفات تخدم مستقبل المدينة ،و دون اي مشروع قومي او استراتيجي لتطوير "عمان ".
لقد ظهرت اراض جديدة و شركات تقاسيم عقارية هدفها ان تقتسم مع الحكومة الربح العائد من الضرائب دون مراعاة رونق و جمالية "عمان".
لقد ظهرت انتكاسات في الجانب العمراني في مساحات و مناطق اضرت بخط النظر الجمالي ، فهل للمجلس الجديد دور ام فقط " خذني جيتك " و هات سبعمائة دينار اخر الشهر و كل عام و انت بخير .
"عمان " بحاجة الى جمالية تحافظ على ثوبها العمراني الاصيل و نوافير مياه وشوارع متناسقة وطابع يميز الاحياء و نوادي رياضية اجتماعية وساحات شعبية و خدمات محلية تليق بالسائحين لا الى "مجمع اداري " لردم ثقافة و حضارة الاجيال .
هل بالامكان ان ينظر الى و يدرس بدقة تاريخ التطور للمدينة من خلال شكل خارطة عشرية لمدينة عمان 1948 ، عمان 1985 ، عمان 1968 ، عمان1987، وصولا الى عمان2008 و من ثم يتم وضع استرايتيجة عمان 2020 او 2050 .؟
لقد اصبحت عمان مختنقة ، رغم انها تزينت بمجوعات من الابنية ، و لكن هذا الاختناق انعكس على اهلها و يهدد مستقبلها ، و الحل في "عمان " للجميع ضمن استراتيجية و تخطيط لا تجاوزات او محسوبيات او بيروقراطية متوزرين في مهب الريح .
aftoukan@hotmail.com