لمن يفزع الوطن؟ .. ومن يفزع للوطن؟
د. وليد خالد ابو دلبوح
09-10-2011 06:09 PM
سلام عليك أيها الوجه الأسمر الجميل, سلام عليك أيها الوجه العربي المشرق, سلام عليك أيها الصرح العالي المنيع, سلام عليك أيها الحضن الدافئ الكبير, سلام عليك أيها الجبل الصابر المحتسب, سلام عليك أيها الثغر الباسم.... السلام عليك يا وطني... السلام عليكم وحمة الله.
يفزعنا ويؤلمنا حقيقة ما يمر به وطننا اليوم. لست هنا بمعرض الحديث عن أصاب هذا أو أخطأ هذا أو أنتقد سياسة ما أو أجمّل أخرى, لعلّي أجد متسعا لأخط قلمي لشيء أهم وأجلّ. وليست بالمكان لأن ألوم هذا أو أمتدح ذاك وانتقد الاخر لانتصر فلان على حساب الاخر... لأننا اليوم "كلنا في الهم شرق". يكفينا التفنن في النقد والشتيمة والتقلب والتشقلب والتلوّن والتهكم لا لشيء سوى لتعميق الجراح لا لؤدها وزرع الفتن لا لدفنها. أين العاقل فينا؟! أين العاقل في خطاباتنا ومنتدياتنا وكتاباتنا وحواراتنا ومجالسنا؟ يكفينا سجالا ومناكفة وحقدا واحتقانا. ان الحديث عن التدافع في "حب" الوطن أمر يستوجب اعادة النظر في فهم ثقافة "الحب" و"الوفاء" لهذا الوطن العزيز المعطاء. ما يؤرقني ويقلق الكثيون هو تدني تلك الاصوات المعتدلة والمستنيرة في الوقت الذي تعلو فيه ضجيج زوابع الصخب السياسي الذي تمر به البلاد. لقد ضاق صدر الوطن ذرعا بنا و "بمحبيه" من شدة التدافع وغلّو في الازدحام.
لمن يفزع الوطن؟ ومن يفزع للوطن؟ في الوقت الذي يصرخ الجميع "حبا" في وجه الوطن! كل الأصوات تكاد تعلو حبا فوق صوت الوطن, والذي كاد هو الاخر بدأ صوته يخفت يوما بعد يوما! من سترضي ولمن ستصغي وكيف ستنصف وتعدل بين الجميع ... اليوم قبل الغد!! فكل له منطقة وفلسفته ونظرته وفكره وطريقته الخاص به في فرض حبه على الناس وعلى الوطن على حدّ سواء. الكل يشد عباءة الوطن يمنة ويسره ومن هنا وهناك علّ الوطن يسعفهم ويشد من أزرهم. علّهم لو عقلوا أن يعلموا بأن الوطن في هذه الايام بحاجة اليهم اكثر مما يحتاجون اليه. لقد أصغى الينا الوطن وحملنا على أكتافه سنين وأوفى بعهده لعقود وعقود ...و الان قد حان الوقت أن ننصت ونصغي اليه. لن يسمع الصراخ مسامع الوطن ولن يسوي التدافع والتزاحم مسلكا مستقيما يليق به.
بغض النظر عن السبب والمسببات التي اّلت اليه البلاد, فلننحي خلافاتنا الشخصية جانبا ونصبر على أمرنا وعلى أنفسنا وليحتمل منا الاخر ولنمسك ونشد بذراع الوطن. كيف وأين المخرج ... وماذا بعد؟؟ لا يعني هذا اطلاقا أن نقلل من أهمية الاصلاح أو أن نصغّر من أهمية الدفع نحو التنمية والتطور والازدهار أو أن نقلل من أهمية الحراك الشعبي وأهميته, فهم منا ونحن منهم, لاسيما وأن جلّ هذه المطالب لا يختلف عليها ولا يحيد عنها أحد. ولكن, ومما لا ريب فيه, نحن الان بأمس الحاجه الى رجال وقياديون معتدلوا الفكر والخطاب يستوعبون جوامع التناقضات وشتى الاتجاهات والتوجهات بحصافه وتدبر وتعقل, يحيطون بالوطن وتطلعاته برؤيه رشيده ونظرة مستنيرة بروّية وثبات. رجال متسامحون, كاظموا الغيظ, يكاد حبهم للوطن يغتزل كل ضغينة واساءه من أجل عيون الوطن لأنه يستحق ذلك الثناء, ليركبوا به فوق المصاعب والشدائد والتحديات وليبلغوا به بر النجاة. نحن فعلا بحاجة الى رجال ... من الرجال الرجال!
أكثر ما أخاف عليك يا وطني من الغلّو والمزاودة والتبعية والعصبية في الوقت الذي اختلط علينا وعليك وجوه الكثير. ولكننا نقسم لك بأننا لا زال الكثيرون لا يرون وجها الا وجهك الجميل. لقد اعتدنا عليه وأحببناه, ومضينا وأقسمنا لأجلك ومن أجلك مئات والاف المرات. وطني يا عماد مستقبلنا ومبلغ أمانينا ومستودع عزّتنا وعزوتنا, نحن منك ولك واليك مهما تبدلت حوادث الدهر وعاديات الأيام. نعوذ بالله أن نكون يا وطني ممن خذلوك أو تخاذلوا لحظة واحدة لأجلك. نأمل من الله الواحد الاحد أن يعيينا على تحمل مسؤولياتنا وأن يحفظ هذا البلد امنا مطمئنا وأن يديم ويحفظ ويعين ملك البلاد وقائدها عبدالله الثاني ابن الحسين لنصرة الحق والأخذ بها نحو مزيد من التقدم والرفعة والرقي والمنعة.
Dr_waleedd@yahoo.com