نشهد منذ ثلاثة اسابيع تشددا وغلوا في بعض هتافات المسيرات السلمية التي كان آخرها في عمان امس الاول عندما هتف بعض المتحمسين من الشباب في مسيرة الجبهة الوطنية للاصلاح قائلين: "شعب الاردن ما بينضام قادر يسقط هالنظام...إس إس إس تصلح والا نكملها" وفي الهتافين تهديد بمباشر بالاولى, ومبطن في الثانية, حيث ان (إس) المقصودة هي اول احرف إسقاط النظام.
فهل شعار إسقاط النظام مطروح ومقبول لدى الاردنيين? وهل الامر بهذه السهولة ?
لا اعتقد, ان الامر مطروحا, بقدر ما نسمع "فلتات لسان" من شاب متهور او متحمس هنا او هناك, فالقوة السياسية الرئيسية في الشارع - جماعة الاخوان المسلمين - اعلنت ان سقف مطالبها "إصلاح النظام" ولا مصلحة للاردنيين في مثل هكذا شعارات متهورة لا نعرف الى اين تأخذنا.
بكل بساطة ان من يدعو للمسيرة يتحمل وزر هتافاتها وتصرفات المشاركين فيها, وبالتالي فعلى الجميع ان يعمل بكل جد من اجل ان "لا يأخذنا الجهلة الى حيث لا نريد افرادا او مجموعات" ولا يجوز لاحد او مجموعة اشخاص ان يعتقدوا ان هتافاتهم تعبر عن مصالح الاردنيين وتمثل توجهاتهم, فالهتاف ضد الظلم او الاستبداد يجب ان لا يقود الى استبداد من نوع اخر, ومن يستلم "الميكريفون" يجب ان لا يعتقد ان الجماهير انتخبته للتو لقيادتها لمهمة تاريخية ملهمة!
ان التشدد والغلو في الشعارات يضر بالحراك الشعبي اولا, ويجعل الكثيرين يقفون ضده او ينفضون عنه, ويعطي مبررا للتأزيم والعبث الداخلي, وواجب السائرين في الصفوف الامامية ان يمنعوا الانزلاق نحو الفتنة.
فالمطالب الشعبية تتدرج , فاذا تم إغلاق حق التعبير السلمي والاستجابة لمطالب الجماهير, وتحركت الدبابات في الشوارع وعلا القناصة اسطح البنايات وسال الدم في الشوارع, فمن حق الجماهير الانتقال الى الاحتمالات الأسوأ, لكن في الحالة الاردنية فان حق التعبير ما زال مفتوحا ولم يُعتقل متظاهر مع ان هناك شعارات مسيئة خرجت على الاهداف وتجاوزت كل الحدود.
من حقنا جميعا ان نرفع شعارات محاربة الفساد والفاسدين وان نتهم الحكومات بانها لم تنجز شيئا في هذا الملف بل "نسمع جعجعة ولا نرى طحينا" ومن حقنا ان نطالب بالمشاركة وبالعدالة والمساواة والحرية ورفع القبضة الامنية ومحاربة مؤامرة الوطن البديل, لكن ليس مقبولا على الاطلاق أن يجرنا البعض الى شعارات مغامرة تقسم الاردنيين الى اغلبية عاقلة واقلية متهورة.
بكل بساطة ان رفع شعار"إسقاط النظام" هو وصفة لحرب اهلية.
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)