الإصلاح الإقتصادي الإجتماعي، إلى أين؟
د. عادل محمد القطاونة
08-10-2011 05:27 AM
بين إرتفاع غير مسبوق في حجم المديونية الأردنية ، وتضخم في معدلات الفقر والبطالة ، وإنخفاض لنسب النمو الإقتصادي في العديد من القطاعات ؟ وتشريع ضريبي مؤقت ؟ وواقع جمركي محير ؟ وجهاز حكومي مثقل ؟ وتطبيقات محاسبة حكومية غير واضحة المعالم في كثير من حالاتها ؟ نطرح التساؤل التالي إلى أي مدى وصل إصلاحنا الإقتصادي الإجتماعي ؟؟ وهل إنعكس هذا الإصلاح على المواطن الأردني الذي يترقب في صبيحة كل يوم آثار الإصلاح الإقتصادي على نواحيه الإجتماعية من زيادة في راتب تآكل مع إرتفاع أسعار السلع الغذائية وزيادة غير مسبوقة في حجم النفقات المنزلية والعائلية لأي أسرة أردنية.
لقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني في أكثر من مره أنّ الإصلاح الاقتصادي الإجتماعي يندرج في صلب أولوياته. لكن الإصلاح المنشود لا يزال يصطدم بمجموعة من التحديات الكبيرة فهو يفتقر من جهة إلى الدعم اللازم من العديد من الأطياف الاقتصادية وحتى السياسية منها، في مقابل ذلك فإن الحكومة تواجه العديد من التحديات في سبيل تطبيق إصلاح إقتصادي إجتماعي مقنع وذا جذور عميقة وأرضية صلبة يمكن الوقوف عليها لبناء إقتصادي متين.
في هذا السياق، يشكك العديد من الإقتصاديين ورجال الأعمال والمستثمرين الأردنيين والعرب في الإصلاحات الاقتصادية الإجتماعية الحالية حيث يرى البعض أنّ الجهود الحكومية السابقة أخفقت في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية التي تؤثِّر في غالبية المواطنين، في مقابل ذلك تلقى جهود الإصلاح مقاومة شديدة من بعض النخب التي تستفيد من بعض الترتيبات الاقتصادية بين الحين والآخر !
لقد حفلت مسيرة الإصلاحات الاقتصادية الإجتماعية التي انطلقت منذ أكثر من سنة في ظل ظروف اقتصادية وسياسية حادة في الأردن بالعديد من الأمور ذات الأهمية التي عملت الحكومات المتعاقية على مواجهتها بكافة الوسائل والطرق ، ولكن هذه المسيرة تقدمت بوتيرة بطيئة وانتقائية بنقصها في كثير من الحالات للتنسيق والتخطيط الشمولي الإستراتيجي، وعلى الرغم من نجاح المملكة في ترسيخ استقراره الاقتصادي عبر السنوات السابقة إلا أنه لم يفلح في إيجاد حلول مستدامة للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المملكة، لقد عولت المملكة ومنذ فترة ليست بالقصيرة على دخول القطاع الخاص كشريك إستراتيجي في عملية الإصلاح الإقتصادي الإجتماعي والحد من ظاهرتي الفقر والبطالة، بيد أن ذلك لم يدفع بالإصلاح الاقتصادي الإجتماعي إلى الأمام !!!
يتعين على الحكومة أن تواجه الحقائق الإقتصادية والإجتماعية بنظرة شمولية، فالفقر والبطالة والدين العام ومعدلات النمو الاقتصادي وتنمية المحافظات والمعدلات الضريبية والحوافز الإستثمارية والنمو السكاني والناتج المحلي ومخرجات التعليم العالي والمساعدات الخارجية وغيرها من الأمور يجب أن يتم النظر إليها بشكل شمولي مترابط وليس بمعزل عن بعضها البعض !! فالفشل في مواجهة هذه التحديات قد يهدد الاستقرار الإقتصادي الاجتماعي والسياسي في المملكة لا سمح الله ، ولاسيما إذا أخذنا الإحباط السياسي في كثير من الحالات والناجم عن المشاكل العالقة والمتزايدة في منطقة الشرق الأوسط ، وليس أقل من ذلك الصراع الدائر في كل من سوريا واليمن وفلسطين وغيرها من الجوانب التي لا تسهم في تحقيق الدعم لأي إستقرار إقتصادي إجتماعي.
يتعين على الحكومة أن تدعم الإصلاح الإقتصادي الإجتماعي بشكل أكثر واقعية وجدية وعدم الدخول في بعض المغامرات التي تؤدي لخسارة الخزينة دون مبرر وليس أقل من ذلك مشروع الباص السريع !! وبعض المشاريع الأخرى التي إستنفذت العديد من الموارد دون ان تضيف لبنة في مشروع الإصلاح الإقتصادي الإجتماعي ، كما يفترض أن يتم إعطاء إهتمام أكبر إلى شبكة الضمان الإجتماعي والمشاريع الإستثمارية المنبثقة عن ذلك وتطوير المزيد من البرامج الموجَّهة إلى المجتمعات المحلية الفقيرة في المحافظات وتعزيز دور القطاع الخاص في المشاريع التنموية من أجل تمكين الشباب الأردني من لعب الدور الصحيح الملقى على عاتقه في بناء المجتمع المعاصر القادر على مواجهة التحديات بخطوات جرئية ثابتة.