التايتانيك تُبحر إلى إسرائيل
د.حسن عبد الله العايد
06-10-2011 04:03 AM
يقول ميراف اورلوزوروف في مقالة له بعنوان : التايتانيك تُبحر إلى فلسطين ، نشرة مؤخرا في صحيفة هاآرتس ،إن نهاية التايتانيك مسجلة جيدا في تاريخ نظرية إدارة المخاطر. وقد تعلم العاملون في إدارة المخاطر كارثة التايتانيك أن مسألة احتمال تحقق الخطر غير ذات صلة. أما ذوو الصلة فهو فقط القدرة على تجاوز خطر يتحقق. وبعبارة أخرى: لم يكن مهما ما هو احتمال أن تغرق تايتانيك بل السؤال المهم حقا ما هي احتمالات أن يبقى ركابها إذا تحقق خطر أن تغرق غير المحتمل.
ويعترف الكاتب إن دروس نهاية الأسبوع في الأمم المتحدة تدل على انه قد قيل كل شيء عن «معركة الخطب» التي تمت في نيويورك سوى الأشياء المهمة حقا. لم يبلغ الجدل السياسي في إسرائيل بعد قضايا إدارة مخاطرات، ويطرح أسئلة جوهرية ؛ ما هي المخاطرات القصوى في كل واحد من الخيارات التي تواجه إسرائيل، وهل الدولة قادرة على تجاوز هذه الأخطار وكيف؟
ويبين إن النقاش الدائر في إسرائيل ينحصر دائما تقريبا في عرض مزايا الموقف الذي يأخذ به كل واحد من أطراف الجدل. لكن المزايا غير مهمة ولا تدفع بالنقاش الى الأمام.ويردف إن سفينة التايتانيك كانت مبنية بناء محكما واعتُبر احتمال غرقها صفرا، لكن لم يكن لذلك أية صلة بالتباحث في تأمينها. وكانت نقائصها فقط – وفي مقدمتها عدد قوارب الإنقاذ القليل – هي ذات صلة. لكن نقاط الضعف هي الشيء الوحيد الذي لم يبحثه ربان التايتانيك وربابين إسرائيل أيضا.
ويقول إن إسرائيل حائرة بين خيارين متطرفين هما: الاستمرار في حكم المناطق الى الأبد، أو النزول عن المناطق والتمكين من إنشاء دولة فلسطينية مستقلة. وفي كل واحد من هذين الخيارين مزايا لكنها غير مهمة. يجب أن ينحصر النقاش بنقائص الخيارين أو الأخطار القصوى الكامنة فيهما.
ويقر بان النقيصة الكامنة في خيار الاستمرار في حكم المناطق الى الأبد هي تحول إسرائيل الى دولة منبوذة على الصعيد الدولي، وانتقاض التأييد الداخلي والدولي للدولة وربما حرب شاملة من الدول العربية عليها. ونقيصة الانسحاب من المناطق هي إن سيناريو غزة قد يتحقق في يهودا والسامرة أيضا اللتين ستصبحان «دولة حماس»، وستجد إسرائيل نفسها في حال حرب دائمة مع الفلسطينيين تشتمل على صواريخ على مراكز المدن.
ومن السيناريوهين أعلاه نجد أن إسرائيل أمام خيارات جيواستراتيجية تستفيد منها المنطقة وتؤمن العيش للجميع من خلال الموافقة على إقامة دولة فلسطينية ، فالأفضل لها أن تتعامل مع دولة ذات سيادة ودستور ومؤسسات وقوة وطنية تحمى كيانها أفضل لها من أن تتعامل مع حركة تحرر وطني فاقدة للأمل ومشبع بالإحباط ،في ظل ظروف تتضاءل بها الوسطية والاعتدال بين النخب والشعوب في المنطقة ، وبسبب الربيع العربي، و بسب ازدواجية المعايير الأممية والأمريكية تحديدا.
إن البديل موجود ويعزز نموذجه على ارض الواقع ؛ وبدل المثال الواحد هناك أمثله استطاعت التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال اللغة التي تفهمها وتستخدمها، كما فعل حزب الله وحماس .
وقد يبرز نموذج آخر قريب ألا وهو انتقال النموذج الحمساوي الى الضفة الغربية في حال تخلي أبو مازن عن السلطة الوطنية أو إعلان إلغائها لتعود الأمور الى الفوضى من جديد ، وتجنيد قوى أخرى وتعبئتها لصاح واحد من النماذج المطروحة.
وبعد وبلغة حساب المخاطر التي تحدث عنها الكاتب هل دارست إسرائيل جميع السيناريوهات المحتملة ؟ أم أنها وضعت رأسها في الرمال؟ في جميع الأحوال لن تكون خسارة إسرائيل صفر في اللعبة الصفرية التي تلعبها بخصوص إعلان الدولة الفلسطينية ، فالبدائل لا توحي بذلك ، إذا أين تتجه التايتانيك وتبحر ؟ الجواب هو ؛ تُبحر إلى إسرائيل . دون احتمل احتساب المخاطر.