بعد مقالي الأول حول حركة ذبحتونا الطلابية فوجئت بردة الفعل غير الموضوعية من بعض القائمين عليها من لغة اتهامية والادعاء بأن كل من يخالفهم ويمارس النقد الموضوعي لهم هو عدو للطلبة أو عدو للشعب والكادحين من أبنائه ،وللأسف الجديد لم يكن هناك أي حوار ومحاكمة موضوعية لتلك الأفكار ، ولكن وانطلاقاً من إيماني بأن العمل الطلابي هو مصلحة عليا للوطن وأن العمل الشبابي والطلابي هو أحد أدوات العمل العام الذي هو حق للجميع بإبداء الرأي فيه ومناقشته ونقده وعليه فإن من يتصدر للعمل العام عموماً والادعاء بتمثيله للشارع الطلابي بأن يكون ذو صدر رحب وألا يمارس ما يدعي بأنه يعيبه على الحكومة من قمع ورفض واتهامية . فالنضال الطلابي لم يكن يوماً ملكاً لتيار أو حزب أو اتجاه . فهو حق للطلبة جميعاً ولا يجوز أن يدّعي أحد بأنه يحتكر النضال والتضحيات الطلابية أو شهداء العمل الطلابي ، ولم يكن في الأردن يوماً أو في خارج الأردن ممارسة النضال الطلابي والكفاح والشهادة هدفاً لذاته . وإنما هو وسيلة لتحصيل الحقوق وتحقيق المشاركة والوصول إلى العدالة النسبية . فأنا أستغرب أننا في الأردن نعود إلى لغة الخمسينات من هذا القرن من مصطلحات الكفاح والنضال والشهداء ، وذلك في المؤتمر الصحفي للقائمين على ما يسمى بحركة ذبحتونا . فالأردن بفضل من الله قد تجاوز تلك السنوات والمراحل ، وصنعنا دولة القانون والمؤسسات وأصبح لدينا ثورة هائلة في التعليم والتعليم العالي تضاهي الدول المتقدمة وأستغرب بشدة تلك اللغة الطارئة في المؤتمر الصحفي لحركة ذبحتونا ، وأرجو أن يتسع صدر الأخوة القائمين عليها لبعض الملاحظات والاقتراحات من شخص يعتقد بأنه عاصر - وما زال - العمل الطلابي ومطّلع على تفاصيله وحريص على إنضاج التجربة الطلابية وإعادة صياغتها بشكل إيجابي وذو مردود حقيقي ومؤثر على قطاع الطلبة دون اصطناع للبطولات وتقديم التضحيات والشهداء فلا حاجة لنا بها ، وأرجو أن يكونوا قدوة ونموذج للحكومة وفق روايتهم في القدرة على تحمل الرأي الآخر وهي الآتي :
1.إعلان الحملة عن الانتهاء من حملة جمع تواقيع أكثر من سبعة آلاف طالب يطالب بخفض الرسوم الجامعية . وأقول أنا بأن لدينا اكثر من 5 ملايين توقيع تطالب بخفض الرسوم الجامعية ، فالشعب الأردني جميعه بلا استثناء يرغب وبشدة بتخفيض الرسوم الجامعية ابتداءاً من دولة رئيس الوزراء ومروراً بالسادة رؤساء الجامعات والقائمين على الجامعات وطلبتها وأولياء أمورهم فمن قال أن هناك سبعة آلاف فقط يريدون تخفيض الرسوم الجامعية فالأردن الرسمي والشعبي تتملكه الرغبة بتخفيض الرسوم ، فمن منا ليس له ابن أو أخ أو أختاً وقريب لا يدرس في جامعة . لا بل كلنا نتمنى أن يكون التعليم مجانياً ولكن هل ذلك ممكن هذا هو النقاش ، فالكل شريك وطرف والدولة أو الحكومة هي لنا ونحن جميعاً شركاء في الوصول إلى ما هو أمثل لبلدنا ودولتنا العزيزة علينا .
2.أستغرب من ذلك التضامن من مجموعة الهيئات والمؤسسات من خارج الجامعات فقط من أحزاب يسار وأندية رياضية وإعلاميين وللأسف الشديد غياب المؤسسات الطلابية الحقيقية الشرعية والممثلة للطلبة ، فكما قلت سابقاً أنني أدعو إلى تعزيز المؤسسية والشرعية وأن لا يجوز القفز عن تلك الهيئات الموقعية الطلابية الممثلة للطلبة والمنتخبة منهم والادعاء بتمثيل الطلبة والدفاع الحصري عنهم ، فلا يدافع عن الطلبة من لا يدافع عن شرعيتهم ومؤسساتهم فما هو التفسير لغياب المؤسسات الشرعية الطلابية عن تلك الحملة مع أنها – أي الهيئات – منتخبة هناك اتجاهات سياسية بعضها معارض مسيطر على تلك الاتحادات ، فأنا لست ضد القائمين على هذه الحملة أو مناكفاً لهم ، ولكن من غير المنطق ذلك الالتفاف الخارجي ، وغياب التضامن من القوى الطلابية من داخل الجامعات ، مع أن المطالب والشعارات المطروحة نقاط إجماع ولكن هناك رفض للمنهجية والأسلوب من قبل الجميع .
3.أما بالنسبة للاتحاد العام لطلبة الأردن وهو الحلم لكل طالب وطالبة بحيث تكون الممثل الطلابي والمعبر عن همومهم وقضاياهم فلم يكن من يوم من الأيام بتلك السهولة والبساطة ليتم مناشدة رئيس الوزراء لإخراجه إلى خير الوجود . فهذا المشروع الذي تم التوافق على صيغة الاتحادات الموقعية بديلاً عنه في مبادرة الوحدة الطلابية في العام 1991 كان السيناريو للقائمين على العمل الطلابي في حينه بأن يتم القبول بالاتحادات الموقعية كحالة انتقالية توافقية مؤقتة بعد الاستفتاء الطلابي عليها في حينه ليتم التدرج للوصول إلى الاتحاد العام لطلبة الأردن ، ونشأت ما يسمى باللجنة التحضيرية للاتحاد العام لطلبة الأردن وقد كنت عضواً فيها وهي هيئة تمثيلية لكافة الاتحادات الموقعية تلتقي وتنسق تمهيداً لصناعة مؤسسة الاتحاد العام لطلبة الأردن ، ولكن لمعطيات ومدخلات لا يتسع المجال لذكرها جمّدت الفكرة والتطبيق ، فما أود قوله حول الاتحاد العام بأنه لا يجوز لمن لا يلتف حول الاتحاد الموقعي المنتخب والشرعي في الجامعات بأن يقفز ليطالب بالاتحاد العام لطلبة الأردن ، وأنا صراحة شديدة أقولها بأن السعي للاتحاد العام بهذه الطريقة فيه ضرر وعودة إلى الوراء ، فالطريق نحو الاتحاد العام لطلبة الأردن يكون بالوصول إلى صيغة توافقية بين القائمين الشرعيين على العمل الطلابي والممثلين للمؤسسات الطلابية بين صانع القرار بما يحقق الغايات التي نتأملها من الاتحاد العام ، فهناك قوى سياسية وحزبية وطلابية تتشبث بفكرة الاتحاد العام لطلبة الأردن بين الفينة والأخرى لغايات المعارضة فقط دون حرص حقيقي على إخراج الاتحاد إلى حيز الوجود والتمثيل الطلابي وإخراج مؤسسة طلابية وشبابية تعني بقضايا الشباب والطلبة ، فالهدف نتفق عليه جميعاً بغض النظر عن المسمى لتلك المؤسسة فقد يكون اسمها اتحاد عام أو غير ذلك ، وأوجه رسالة للقائمين على العمل الطلابي والشبابي والمبادرين منهم على اختلاف مواقعهم ، بأن نفكر ملياً وأن نقدم المصلحة العليا للطلبة والشباب على المصالح الحزبية للوصول إلى أدوات تفاهم وتواصل تجسّر العلاقة مع أصحاب القرار لأننا جميعاً في مركب واحد والأردن لنا جميعاً وهو عزيز علينا وحريصين دوماً على نموه وعمرانه وهو أمن مستقر .
وحــفــظ الله الأردن
Sami@zpu.edu.jo