ما فائدة القربان بعد فوات الأوان
05-10-2011 05:30 PM
عمون - كتب د.عامر السبايلة - عادة ما كان يقدم القربان من أجل تقرب أو تحقيق غاية ، و من سمات القربان أنه يقدم عندما تتملك الإنسان رغبة جامحة للحصول على أمر ما تاقت نفسه اليه.
ضمن التحولات الأخيرة في العالم العربي وخصوصا في نماذج الثورات العربية كان الشعارالذي طغى على المرحلة هو " تقديم القربان قبل فوات الأوان" ، فيبقى فيه الحاكم يدور ويناور ويحاور ويتهرب من الإستحقاقات القادمة، فتراه يستخف بالمطالب ومن ثم يواجهها بالأساليب البالية المعتادة و يرخي اذانه لأزلئك الذين يعلمون علم اليقين أن التغيير و الاصلاح يعني لهم الاقصاء فلا مجال أن يكون لهم مكان ضمن تركيبة نزيهة أو حتى اصلاحية ذلك أن كل المحيطين بالحكام لا يتقنون الا فن الفساد و الافساد و هم أبعد ما يكونوا عن العلم او النظرية و هم لم يحتلوا أما كنهم بسبب قدرتهم على التحليل بل بسبب اتقانهم لفن التهليل. فأهم نصائحهم تتمحور حول الأعطيات التي لا تذكر أو محاولات شق الصفوف أو إختلاق الفتن .......الخ من كل الأفكار السطحية و التي تناسب قدرتهم العقلية, ذاك أنه و كما أثبت التاريخ المعاصر على وجه الخصوص أن كل هذه المحاولات لن تبوء إلا بالفشل ذلك لأنها لا تأخذ بعين الإعتبار التحولات الحقيقية التي تعيشها الشعوب.
فيأبى الحاكم فهم التاريخ بمفاهيمه الجديدة ، لذا يبدو وكأنه يعيش حالة من المقاومة التاريخية التي تشير اما الى عدم الرغبة بالتنازل أو عدم فهم لهذه المرحلة ، فهو أعتاد أن يكون الآمر الناهي الذي يسأل ولا يُسأل ويظلم ولا يُظلم وغيرها من الصفات التي تجعله غير قادر على فهم هذه التحولات أو تقديم التنازلات.
اذاً فالنتيجة الحتمية هي كلمة " أنا فهمتكم" و أصبحت مستعداً لتقديم كل الطلبات وتحقيق كل الرغبات .
تختلف السيناريوهات، وتتغير الصور، وتتبدل الاماكن، وتظهر نماذج جديدة مشابهة في حقيقتها للنماذج السابقة و ستشابه في حالها أيضاً النماذج اللاحقة ، ففي النهاية الأساس في الحبكة هو واحد " عدم التعامل مع الأمور بجدية وعدم إتخاذ إجراءات حقيقية على أرض الواقع ترقى إلى طموحات الشعوب" و الأدهى أن أساس النهاية يكمن بالبحث عن تبريرات للتأخير ومحاولات إقناع النفس بأن سحابة الصيف ستمر على خير ، لذا ما لنا إلا إضاعة الوقت والرهان أن رغبات الشعوب ستموت .
تنسى أو تتناسى الطبقة الحاكمة التي تفكر بهذه الطريقة أن كثيرا من الحواجز إذا كسرت لا يمكن بناءها و أن الشعوب إذا عبرت محطات لا يمكن أن تعود إليها وتختزل النهاية بالكلمات التالية : "من لا يقدم القليل ليبقى ، قد يضطر أن يقدم أكثر من الكثير و لكن بعد الرحيل " .
كل من لا يفهم نظرية التحولات يرشح نفسه ليكون الراحل القادم، و من لا يدرك أن تصالحه مع شعبه هو الأساس سينضم لركب زين ومبارك بلا شك.
و كل من يعتقد أن وجوده أساسي لخدمة مشاريع كبرى و الحفاظ على الإستقرار يغبن نفسه ويخدعها قبل أن يخدع غيره .
لا أحد مهم هو شعار المرحلة ، اذاً فتعزيز الحاكم لموقعه يكون بإتخاذ قرارات جريئة وحاسمة، و إقصاء الشخوص العفنة ، وبداية مرحلة حقيقية من النزاهه والشفافية ، و التخلي عن الأدوات البالية والسياسات العقيمة الي تنتمي إلى حقبة إنتهت ولا يمكن الرجعة إليها .
لذا يتعطش الناس إلى التغيير ، ولكن لنتذكر أن العطش لا يستمر ويتغلب عليه الناس إ ن خدعوا بالسراب في كل مرة يبحثوا فيها عن الماء, و استخام الحيل المستهلكة يزيد المور سوءاً.
د.عامر السبايلة
http://amersabaileh.blogspot.com