نقل (الحراكات) من العشوائية الى برنامج وطني
نبيل غيشان
04-10-2011 06:18 AM
لا يمر اسبوع من دون تسجيل براءة اختراع لـ "حراك شبابي او عشائري". فغدت المسميات كثيرة وتتداخل مع بعضها, ابتداء من 24 اذار الى 15 تموز الى حراك شباب ذيبان ومليح واحرار الطفيلة وتجمع عشائر بني حسن وعشائر بني صخر وبيان 36 والملكية الدستورية والحقيقة السوداء وحراك الكرك ومعان وغيرها واخيرا حراك العياصرة في بلدة ساكب الذي استضاف السبت الماضي ليث شبيلات.
لا ننكر اهمية تلك الفعاليات في تحريك المياه الراكدة, ودورها في دفع عمليات الاصلاح الى الامام, لكن في المقابل فان ثمة فوضى واختلاط الحابل بالنابل في الشارع, حتى ان الاشخاص انفسهم قد يكونون مشاركين في اكثر من حراك او تجمع او بيان.
تؤكد النظريات السياسية ان بين الديمقراطية والنظام القبلي والعشائري عداء متأصل, لأن لكل منهما سماته واهدافه ولا يمكن بناء الديمقراطية على رابطة القرابة والدم, ولا نريد ان نذهب مع المنظرين لنقول بان الديمقراطية لا تقوم الا على انقاض انهيار سلطة القبيلة وقيام دولة المواطنة, فالامر ليس بهذه الحدة من التنافر.
لكن هل يمكن "للثوار الجدد" ان يركبوا على العشائرية والثورة في آن واحد وهل يمكن للثوار ان يختطفوا العشائر واحتكار تمثيلها في عملية سياسية يمكن وصفها بالديمقراطية, وهل يجوز للعشائر ان تختطف الديمقراطية?
لا شك ان عمليات الخلط الجارية تولد حساسيات بين العشائر والمناطق والاشخاص نتيجة المسميات المتداولة, فالاحتجاج حق فردي وليس جماعيا وليس من حق الافراد احتكار المناطق وتمثيل العشائر, اضافة الى ما تولده بعض المسميات من حساسية بين العشائر التي ترفض استغلال اسمها في القضايا السياسية او الحزبية وقد شاهدنا الكثير من الاعتراضات او الصدامات.
هل من المعقول بقاء تلك الفوضى? كيف يمكن عدم اهدار فرصة التغيير? كيف يمكن الاستفادة من تلك الحراكات ودمجها? هل من الصحي ان يبقى تشكيل الحراكات الشبابية مرهونا بالاصدقاء والمعارف لا بالبرامج?
قد يكون من أولى ثمرات "الربيع العربي" انها اسقطت حاجز الخوف لدى الشعوب وقلصت او أسقطت دور الاحزاب التقليدية والنظريات السياسية في إدارة الثورات او تحريك الشوارع وجلبت أدوات جديدة للتعبير تلخصت في وسائل الاعلام الجديدة (الفيسبوك والتويتر) وغيرها بقيادة أشخاص ليس لهم علاقة بالايديولوجيات والنظريات والتجارب الحزبية.
بكل بساطة إن ما يجري في الشارع هو عمل سياسي وليس عملا طوعياً او خيريا او شخصيا, لذلك لا بد من انهاء حالة الشرذمة والمزاجية والاستعراض وتوحيد كل أدوات التعبير وأشكاله والتوافق على برنامج وطني واقعي قابل للتنفيذ.
nghishano@yahoo.com