تعرض الاردن لسلسلة من الاحداث الدموية تضمنت العديد من الاغتيالات لحكامه ومسؤولية احاول في هذه الحلقة التعرض لاهم تلك الاحداث التي رافقت الاغتيالات ومحاولات الاغتيال داخل الاردن وخارجه .وقد كانت اهم وابشع الاغتيالات في الاردن اغتيال الملك المؤسس عبد الله الاول بن الحسين الذي دأب على التردد المنتظم على المسجد الأقصى للمشاركة في أداء الصلاة، ففي يوم الجمعة 20 تموز يوليو 1951، وبينما كان يدخل المسجد الأقصى في القدس لأداء صلاة الجمعة قام رجل فلسطيني يدعى مصطفى شكري عشي وهو خياط من القدس باغتياله، حيث أطلق الرجل المسلح ثلاث رصاصات قاتله إلى رأسه وصدره، وكان حفيده الأمير الحسين بن طلال إلى جانبه والذي تلقى رصاصة أيضًا ولكنها اصطدمت بميدالية كان جده قد أصر على وضعها عليه، مما أدى إلى إنقاذ حياته. وكان إلى جانب الملك عبد الله في أثناء الدخول إلى المسجد الشيخ عبد الحميد السائح والشيخ عبد الله غوشة، والشيخ حسام الدين جار الله. وعلى الفور بادر قائد المنطقة العقيد صبحي السعدي ومساعده الى إطلاق النار على مصطفى عشو فأردياه. وكان مصطفى عشو أحد عمال الخياطة في القدس، وله صلة بشخص من أنصار الحاج أمين الحسيني يدعى عابد عكة.
تألفت محكمة عسكرية من الفريق عبد القادر الجندي والعقيد حابس المجالي والعقيد علي الحياري. وبعد الاستماع إلى شهادة محمود عنتبلي، وهو أحد أعضاء مجموعة مصطفى عشو، بعدما انقلب من متهم إلى شاهد، وبعد الاستماع إلى اعترافات عابد عكة صدر الحكم بعد تسعة أيام فقط وقضى بتبرئة الأب ابراهيم عياد من المشاركة أو التخطيط لعملية الاغتيال، وتبرئة داود الحسيني وتوفيق الحسيني وكامل عبد الله كالوتي، وبإعدام عبد الله التل الحاكم العسكري السابق لمدينة القدس والذي كان في القاهرة في أثناء المحاكمة، وإعدام موسى أحمد الأيوبي من السلط وعابد عكة وشقيقه زكريا عكة وعبد القادر فرحات وموسى عبد الله الحسيني، ونفذت الأحكام بالمتهمين. وهكذا أصدرت المحكمة حكماً بالموت على ستة من العشرة وبرأت الأربعة الباقين، وقد صدر حكم الإعدام غيابا على العقيد عبد الله التل وموسى أحمد أيوب وهو تاجر خضار وذلك بعد هروبهم إلى مصر مباشرة بعد عملية الاغتيال. كما تمت إدانه موسى عبد الله الحسيني وزكريا عكة وهو تاجر مواشي وجزار، وعبد القادر فرحات وهو حارس مقهى وجميعم مقدسيون.
أما موسى عبد الله الحسيني الذي عاش في برلين إبان الحرب العالمية الثانية وتزوج من امرأة ألمانية، فقد بدأ نجمه يلمع منذ سنة 1949، وصار صديقاً لعبد الله التل. وبعتقد البعض ان البريطانيين هم من دبر عملية الاغتيال لمنع الملك عبد الله من توحيد الأردن والعراق. وفي هذا السياق يروي علي أبو نوار في كتابه «حين تلاشت العرب» حكاية اغتيال الملك عبد الله كالتالي: «كان الدكتور موسى وزوجته الألمانية على علاقة وثيقة بغلوب باشا والعقيد والش قائد الفرقة الأردنية في فلسطين وكان كثير اللقاء بهما. ولم يكن يمر أسبوع دون أن يزور قيادة الفرقة مع زوجته لتناول الشاي مع قائد الفرقة ومساعده البريطاني سنة 1949. ونحن الضباط العرب في قيادة الفرقة وأنا أكبرهم مسؤولية، كنا نرى بعض الفلسطينيين وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة يزورون هذه القيادة ويتحدثون مع الزعيم والش بين فترة وأخرى، وغيرهم يلتقون غلوب باشا في عمان أو في مدن الضفة الغربية وعلى سبيل المثال لا الحصر: أحمد الخليل، جمال طوقان، سليمان طوقان، حافظ الحمد الله. تلك اللقاءات كانت مفتوحة ومعروفة للجميع شأنها شأن مقابلات بعض وجهاء الضفة الشرقية مع قائد الجيش.
لكن علاقة موسى الحسيني كانت تتخذ طابع التكتم والسرية على الضباط العرب، فإذا زار قيادة الفرقة استقبله ضابط بريطاني وأدخله وزوجته إذا كانت برفقته، إلى مكتب القائد ليمضي وقتاً أطول من المعتاد في خلوته مع موسى.وموسى الحسيني إذا صادفني أو أحد الضباط العرب أثناء دخوله أو خروجه من القيادة تجاهلنا. وكنا نستغرب ان يرتبط أي من عائلة الحسيني بعلاقة مع القادة البريطانيين الذين لم يكفوا يوماً عن مهاجمة الحاج أمين الحسيني.
أحد تلك الاجتهادات كان توجيه التهمة إلى الحاج أمين الحسيني وعبد الله التل اللذين ساعدهما أو حرّضهما الملك فاروق، وهو الاجتهاد الذي أعلن إعلاميا ونظرت فيه الحكومة الأردنية.
والاجتهاد الثاني الذي أصبح حديث الكثرة من المحللين والسياسيين الأردنيين، يلقي بالتهمة على بريطانيا بالرغم من ان البعض تحدثوا همساً بالاحتمال هذا سنة 1951.
أصحاب هذه النظرية وأنا واحد منهم يستدلون بواقعة أساسية، هي ثبوت التهمة على الدكتور موسى الحسيني الذي دبّر عملية الاغتيال، وقد وصفت علاقته بقيادة الجيش من البريطانيين وبعده فكراً وسياسة عن الحاج أمين الحسيني.التقيت عبد الله التل سنة 1957 في القاهرة عندما لجأت إليها، وتباحثت معه في التهمة التي وجهت إليه وأقسم لي أنه بريء ولا علاقة له باغتيال الملك عبد الله .
ويضيف ابو نوار : بعد الاغتيال كنت أتردد في العطل الأسبوعية على عمان كي أستطلع الأخبار، إذ كنت معنياً بجدية متناهية بعودة الأمير طلال وتنصيبه ملكاً، فرأيت الكولونيل والش أحد مساعدي غلوب باشا يتناول الغداء مع زوجة موسى الحسيني في زاوية من مطعم فندق نادي عمان. وقد كنت جالساً مع عبد الحليم النمر نائب البرلمان عن السلط وشفيق ارشيدات نائب البرلمان عن إربد، وكانت دهشتنا كبيرة في المرة الأولى التي صادفنا بها الضابط البريطاني مع زوجة الحسيني. وقد لفت شفيق رشيدات نظرنا إلى الصدفة قائلا: عجيب ان يكون ضابط بريطاني في الجيش العربي بصحبة زوجة موسى الحسيني الذي ثبتت عليه تهمة الاغتيال.
ولما صادفت الكولونيل والش مرة ثانية بصحبة تلك السيدة استفسرت من موظفي الفندق، وعلمت ان هذا الضابط يزورها كل يوم تقريبا ويتناول الغداء أو العشاء معها. ورسخت في ذهني قناعة بأن بريطانيا رسمت خطة للتخلص من الملك عبد الله قبل ان يتخلص منها، ومنعا لتنفيذ محاولته لتوحيد الأردن والعراق الكفيلة بالاستغناء عن بريطانيا وإحياء فكرة الوحدة في المشرق.
ويضيف ابو نوار قائلا: علمت وغيري من الضباط، بما لا يقبل الجدل، ان موسى الحسيني طلب من قائد معسكر المحطة، وقبل ساعة من إعدامه، ان يستدعي اللواء عبد القادر باشا الجندي ليعترف له بكامل الحقيقة. اتصل عبد القادر بغلوب باشا ليبلغه الخبر، وبدلا من الاستجابة للطلب أمر غلوب قائد المعسكر بتنفيذ الإعدام فوراً بموسى الحسيني ورفاقه. أما قائد السجن فروى عجبه لهدوء الحسيني، خلال فترة محاكمته والحكم عليه، كأنه متهم بجنحة حتى علم بجدية حكم الإعدام عليه فتغيرت أوضاعه ونفسيته عما كان عليه قبلاً.
السؤال الذي يرد هنا هو: هل كان الكولونيل والش هو الذي يوحي لموسى بالطمأنينة عن طريق زوجته؟ قناعتي الوجدانية منذ تلك الأيام ان الانكليز استعملوا موسى الحسيني ليسهل ربط الجريمة بالحاج أمين وعبد الله التل ؟ .
وفي السبعينيات من القرن الماضي عقدت المنظمات الفدائية عزمها بعد اخراجها من الاردن عام 1971 على تنفيذ عدد من الاغتيالات بحق كبار رجال الدولة الاردنية وانشأت جهازا خاصا بذلك ، تحت اسم ( منظمة ايلول الاسود ) برئاسة صلاح خلف ( ابو اياد) رئيس جهاز الامن فيها . وقد كان وصفي التل اولى ضحايا هذا المخطط ، واعقبته محاولة اغتيال زيد الرفاعي سفير الاردن في لندن في 15 كانون الاول عام 1971 وقد اصيب بطلقة بيده ، وفي اليوم التالي تم الاعتداء على البعثة الاردنية في جنيف بسويسرا ، وفي 19 شباط 1972 جرت محاولة خطف طائرة اردنية ، فقد ارسلت الجبهة الشعبية الديموقراطية احد منتسبيها وهو صالح مهدي المستوفي الذي يحمل الجنسية العراقية ، فحاول خطف طائرة ركاب اردنية في مطار القاهرة ، ولكن رجال امن الطائرة تمكنوا من احباط محاولته ، وتلتها اربع محاولات فاشلة لخطف طائرات اردنية .
وتعرض الاردن لمضايقات من الاشقاء العرب خاصة سورية فقد اغلقت سورية حدودها نهائيا مع الاردن ، ومنعت مرور الطائرات والسيارات والقطارات وقد قطعت سورية حدودها مع الاردن لمدة ستة اشهر متتالية ( من 25/7/1971 الى 30 /11/1972 ، فاصبح الاردن في عزله عن العالم الخارجي ، وتوقف الطيران بين عمان وبيروت لمدة عامين ، وتوقف تصدير الفوسفات الى لبنان وتركيا ويوغسلافيا ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا .
وقد رافق ذلك بعض الحركات المحلية تضامنا مع الدول العربية فقد اكتشفت اجهزة الامن ان الرائد رافع الهنداوي ركن الادارة في كتيبة المدرعات الاولى اجرى اتصالا مع الوزير السابق سعيد جودت الدجاني نائب مدير عام بنك الاردن ومحمود توفيق الخليلي مدير احد فروع البنك في عمان وكان هؤلاء الثلاثة على اتصال مع منظمة فتح ، وقد مثل الثلاثة امام محكمة امن الدولة ، فقد تلقى الهنداوي دعما ماليا لتجنيد اخرين ، وقد ادانتهم المحكمة بالتآمر على نظام الحكم وحكمت عليهم بالاعدام ثم خفضت الى السجن المؤبد ، وصدر عفوا عن رفيقية في ايلول 1973 بينما خفض الحكم على الهنداوي الى عشر سنوات ، وبعد سنتين صدر عفو خاص عنه في 20/10/1975 فتم اطلاق سراحة .
وفي شباط 1973تم اكتشاف محاولة اللقيام بعمل ارهابي قادها محمد داوود عودة ( ابو داؤد) عضو المجلس الثوري في فتح ، والذي كان قائد الميليشيا المسلحة في الاردن من 1968- 1970 ، ومعه 16 شخصا من منتسبي فتح ، حيث تمكنوا من دخول الاراضي الاردنية بجوازات سفر سعودية وعمانية مزورة ، عن طريق الحدود العراقية والسورية ، وتمكنت قوات الامن الاردنية من القبض عليهم في 8 شباط 1973 ، واحيلوا الى محكمة امن الدولة ، فاعترفوا انهم كانوا يعدون لمهاجمة مبنى رئاسة الوزراء واحتجاز رئيس الوزراء احمد اللوزي والوزراء واخذهم رهائن . واصدرت المحكمة في 5 اذار 1973 قرارا بالحكم عليهم بالاعدام . وتوسط الملوك والرؤساء العرب لمنع الاعدام ، فوافق الحسين وتم في 14 اذار 1973 تخفيض حكم الاعدام ، وجاء والدا محمد داؤود من سلوان لشكر الملك الحسين ، وغادر ابو داوود وجماعته الى سورية ، وقد اعترف ابو داوود ان التخطيط للعملية تم بالتخطيط مع صلاح خلف ( ابو اياد) ومحمود عباس ( ابو مازن ) وخليل الوزير ( ابو جهاد ) . وقد قامت عناصر من منظمة ايلول الاسود بمحاولة لاطلاق سراح ابو داوود ورفاقه ، حيث قام مجموعة من السيطرة على السفارة السعودية في الخرطوم واعتقال القائم بالعمال الاردني والاميركي والبلجيكي ، وطالبوا بالافراج عن ابي داوود وجماعته ، وعندما لم يستجب احد لمطالبهم قاموا بقتل القائمين بالعمال الميركي والبلجيكي .
واثناء تلك الاحداث اعلن الحسين مشروع المملكة العربية المتحدة ، ذلك انه بعد الحرب العالمية الاولى اخذ مفهوم القطرية والاقليمية يظهر جليا في منطقتنا ، ولم تكن وحدة الضفتين ناجحة وفق هذا المفهوم ، فقد كان الفلسطيني يتوق للاعتزاز بهويته الفلسطينية ، ولم يخطر ببال الملك المؤسس ان يترسخ مفهوم الاقليمية اكثر منه قبل وحدة الضفتين ، وقد وجد الملك الحسين نفسه امام هذا الواقع المر خاصة بعد شرخ ازمة ايلول 1970 فحاول اصلاح الخطأ الغير مقصود في وحدة الضفتين التي تمت عام 1950 ، محاولا ارضاء طموحات الفلسطينيين ، بعدم البقاء على وحدة الضفتين وفق تصور جديد .
في 15 اذار 1972 طرح الملك الحسين بن طلال " مشروع المملكة المتحدة " بعد استفتاء الشعب وباشراف دولي ، وذلك وفق احدى خيارات ثلاث هي ؛ الوحدة الاندماجية كما كان الحال قبل 1967 او اقامة نظام فدرالي تحت اسم "المملكة العربية المتحدة" او اقامة دولة فلسطينية مستقلة .
طرح الملك الحسين المشروع في الديوان الملكي الهاشمي بحضور 400 شخصية من اعيان البلاد وقادة الراي في الاردن ، حيث القى بيانا ضمنه الصيغة المقترحة لبناء العلاقة المستقبلية بين الضفتين بهدف اعادة تنظيم البيت الاردني – الفلسطيني . وقد وقع الاختيار على الخيار الثاني ، على اساس التكامل بين القطرين فلسطين والاردن في مملكة واحدة ، وقد تضمن المشروع 12 بندا ، بحيث تتكون المملكة من قطري الاردن وفلسطين وعمان عاصمة مركزية وعاصمة قطر الاردن والقدس عاصمة قطر فلسطين ، ويرأس الدولة الملك ، ويتولى السلطة التنفيذية في كل قطر حاكم من ابنائه ، ومجلس وزراء قطري ، ويتولى السلطة التشريعية في كل قطر " مجلس الشعب" الذي يتبع الى مجلس الامة المركزي .
وقد اكد الحسين ان المشروع يشكل وفاء لعهد كان قطع للفلسطينيين لاعطائهم حق تقرير مصيرهم ، ويقوم المشروع على اساس الاتحاد وليس الوحدة ، للحفاظ على الهوية الفلسطينية ، وقد استهدف المشروع تقوية معنويات سكان الاراضي المحتلة ، وقتل فكرة الوطن البديل .
وقد ارسل الحسين اربعة من رؤساء الوزارات السابقين برسائل الى الملوك والرؤساء العرب ، لشرح ابعاد المشروع لهم فقد ارسل بهجت التلهوني الى مصر والسودان ودول الشمال الافريقي ، والشريف حسين الى دول الخليج العربي ، وسعد جمعة الى السعودية واليمن ، وعبد المنعم الرفاعي الى سورية والعراق والكويت ، وقد رفضت ليبيا والعراق استقبال معبعوثي الملك الحسين . وقد اعلنت المنظمات الفلسطينية معارضتها لمشروع المملكة العربية المتحدة ، وتوعد ياسر عرفات بان حركة فتح ستعمل على اسقاط النظام في الاردن ، وفي اليوم التالي قرر مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية ( مصر وسورية وليبيا ) رفض المشروع بحجة ان المشروع يكرس الاقليمية ، وقد اعلنت العراق والجزائر والكويت واليمن الجنوبي وتونس رفضها للمشروع . فيما اعلنت اسرائيل بدورها انها لا توافق عليه . وخرجت المنظمات بمظاهرة حاشدة في بيروت اشترك فيها 25 الفا احتجاجا على المشروع . ورفعوا لافتات تقول : " الطريق الى تل ابيب تمر عبر عمان " .
وفي 6 نيسان 1972 عقد المجلس الوطني الفلسطيني اجتماعا استثنائيا في القاهرة لبحث المشروع ، واعلن السادات اثناء افتتاحه الاجتماع قطع مصر لجميع علاقاتاتها مع الاردن ، ذلك ان الرئيس السلادات منذ ان تولى السلطة في مصر ربط علاقات بلاده بالاردن بمواقف المنظمات الفلسطينية وليبيا . واقترح الشقيري خطة ثورية لمواجهة المشروع ، وقد اصدر المجلس بيانا دعى الدول العربية لقطع علاقاتها مع الاردن وقطع العلاقات الاقتصادية وقطع المساعدات عن الاردن وتحويلها الى منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية الاردنية .
وقد وصف الملك الحسين خطوة مصر بانها : " حلقة جديدة في سوق المزايدة باسم الشعب الفلسطيني ... وان مأساة السادات انه يسعى ان يكون شخصية اكبر من عبد الناصر .
ولم يقف موقفا معتدلا من المشروع الا اربع دول هي السعودية والمغرب والسودان ولبنان . ووجد الاردن نفسه مضطرا لطي المشروع ، وما ان مر عام حتى اعادت مصر وسورية علاقاتهما مع الاردن .
وقد تحدث جلالة الملك عبد الله الثانى في مذكراته التى صدرت فى كتاب بعنوان "السلام فى زمن الخطر" عن أسرار تعرض والده الملك حسين بن طلال إلى 18 محاولة اغتيال متهما جمال عبد الناصر بالتورط مرتين فى هذه المحاولات، كما انتقد فيها الرئيس ياسر عرفات وحركة التحرير الفلسطينية، مشيرا إلى أنهم كانوا أحد أسباب زعزعة الاستقرار فى الأردن خلال سنوات طويلة.
أكد الملك عبد الله فى أحد فصول الكتاب الذى نشرته جريدة "الشرق الأوسط" أنه خلال عقد الخمسينات ومطلع الستينات من القرن الماضى كان الأردن فى وضع هش، قائلا "ما بين السنة التى كان فيها والدى (الملك حسين) فى الـ18من عمره وتولى خلالها مسؤلياته ملكا على الأردن والسنة التى بلغ فيها الثلاثين من عمره بلغ عدد المحاولات الموثقة التى تعرض فيها للاغتيال 18 محاولة بما فيها اثنتان ارتكبهما خائنان داخل الديوان الملكى كانا عميلين لجمال عبد الناصر والجمهورية العربية المتحدة (مصر- سوريا).
وأوضح الملك عبد الله أن المحاولة الداخلية الأولى كانت بواسطة "الاسيد" حيث كان الملك حسين آنذاك فى أواسط العشرينات من عمره وكان يعانى من التهاب فى الجيوب الأنفية يداويه بتنقيط سائل مالح فى أنفه بانتظام وقام شخص ما لديه صلاحية الدخول إلى حمامه الخاص بتبديل السائل المالح بحامض الهيدروكلوريك لكن بحركة خاطئة وقعت الزجاجة التى تحتوى هذه المادة فى المغسلة مما أنقذ حياة الملك حسين.
وتحدث الملك عبد الله عن محاولة اغتيال أخرى تعرض لها الملك حسين كانت بواسطة السم حيث حاول أحد مساعدى رئيس الطباخين فى القصر الملكى الهاشمى وضع السم له فى الطعام.
وفى الفصل الثالث من الكتاب أشار الملك عبد الله إلى أن عمان لم تكن عام 1968 من المدن الآمنة تماما متهما الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات ومقاتليه بزعزعة الأمن فى الأردن قائلا "ياسر عرفات ومقاتلوه كانوا يشنون هجماتهم على إسرائيل انطلاقا من الأراضى الأردنية وكان الجيش الإسرائيلى يرد على هذه الهجمات بين الحين والآخر موجها ضرباته إلى أهداف داخل الأردن، مضيفا أن ياسر عرفات الذى فتح له الملك حسين الأردن بعد الحرب عام 1967 لم يقابل المعاملة الكريمة بالمثل بل أخذت قواته تزعزع أركان الدولة بإقامة الحواجز على الطرقات وجباية الضرائب وانتهاك القوانين والأنظمة.
وتعرض الملك حسين لمحاولة جديدة لاغتيال ولكن هذه المرة من قبل المقاتلين الفلسطينيين فى سبتمبر من عام 1970وأشار الملك عبد الله إلى انه بعد هذه الواقعة بدا واضحا أن الأردن لم يعد قادرا على التعايش مع مقاتلى عرفات.
وتؤكد المذكرات الملكية أنه فى السادس من سبتمبر من العام نفسه خطفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثلاث طائرات عالمية، وبعد مرور ثلاثة أيام على هذه الحادثة خطفت طائرة مدنية أخرى، وطلب الفدائيون إطلاق صراح رفاق فلسطينيين لهم معتقلين فى سجون أوروبية، وعندما رفض مطلبهم عمدوا فى الـ12 من سبتمبر وتحت أنظار وسائل الإعلام العالمية إلى تفجير الطائرات الثلاث بعد إطلاق سراح ركابها وبعدها بيومين دعت منظمة التحرير الفلسطينية إلى إقامة سلطة وطنية فى الأردن.
وكانت هذه الدعوة كانت بالنسبة للملك حسين بمثابة "القشة التى قصمت ظهر البعير" وبعد ذلك بـ8 أيام أصدر أوامره للجيش للتحرك بمنتهى الشدة ضد الفدائيين فى عمان والمدن الأردنية الأخرى، معتبرا أنه من الخطأ اعتبار هذه الهجمة حربا أهلية بين الأردنيين والفلسطينيين مبررا ذلك بأن العديد من الأردنيين من أصل فلسطينى قاتلوا بشجاعة فى صفوف الجيش كما أن بعض الأردنيين من الضفة الشرقية التحقوا بالفلسطينيين وقاتلو ضد الجيش.
ويقول الملك عبد الله قائلا أن القتال فى هذه المعركة كان على قدر كبير من الشراسة متهما سوريا بالمشاركة فى هذه الحرب، ولكن فى النهاية استطاعت القوات الأردنية المسلحة أن تحسم القتال لمصلحتها.
وأضاف "بعد ذلك علم والدى والشريف ناصر أن عرفات كان مختبئا فى السفارة المصرية فى عمان والتى كانت تستضيف بعثة من الجامعة العربية ، وكان متخفيا مع هذه البعثة فى زى امرأة فى محاولة للهروب، مضيفا أن الشريف ناصر رئيس أركان الجيش الاردنى ألقى القبض على عرفات وكان يمكنه قتله، لكن الملك حسين رفض وأمر رجاله بأن يتركوا عرفات يغادر الأردن يقينا منه بضرورة ترك المجال مفتوحا لإمكانية المصالحة.
وأشار الملك عبد الله إلى أن المرة الثانية التى أنقذ فيها والده حياة عرفات كانت بعد 20 عاما على هذه الأحداث، ففى نيسان عام 1992 سقطت طائرة عرفات فى الصحراء الليبية وسط عاصفة رملية وقتل ثلاثة من ركباها فى تلك المرحلة بين كانت العلاقة بين الرجلين قد تغيرت كثيرا وعندما رأى والدى عرفات بعد حادث الطائرة بشهرين لاحظ أنه لم يبد بصحة جيدة فأرسله إلى مدينة الحسين الطبية وهناك تبين أن عرفات مصاب بجلطة فى الدماغ ونجح الأطباء فى استئصالها فى عملية جراحية طارئة".
وكان الأردن قد أحبط محاولة لإدخال عدد من الصواريخ إلى الأردن من قبل ما يسمى حزب الشعب الثوري الأردني المنبثق عن حزب العمل الاشتراكي العربي ، وقد أسسه احمد محمود إبراهيم أبو عيسى وأبو علي مصطفى وحمدي مطر وفوزي حسن وبريك الحديد وعقد مؤتمره التأسيسي في بغداد عام 1974 . وكان الهدف من إدخال الصواريخ هو تهريبها إلى الضفة الغربية لضرب طائرة السادات وجزء منها لضرب طائرة الحسين في الأردن ، حيث ألقت أجهزة الأمن الأردنية القبض على شاب لبناني هو حسين رعد ( أبو علي) في منطقة الجفر قادما من السعودية ، حيث كان ينوي تسليم الصواريخ في القطرانة إلى حزب العمل بحيث تنقل للأغوار الجنوبية ومنها إلى الخليل ، وقد حكم على اللبناني بالسجن المؤبد ثم خفض إلى 15 عام ، بينما حكم على بريك الحديد بالإعدام ثم خفض للسجن المؤبد وقضى في السجن 13 عاما قبل أن يطلق سراحه في 20 أيلول 1990 بعفو ملكي خاص ، وقد اتهمت الحكومة الأردنية الحكومة الليبية بإرسال صواريخ سام 7 إلى الأردن .