الملك يعيد تصويب الأمور، وحين يرفض إستقالة السيدة ليلى شرف، فهو يوجّه رسالة إلى من يهمه الأمر مفادها أنّ رأس الدولة هو الحَكَم، وهو الضامن لعدم تغوّل سلطة على آخرى، وهو الملاذ الأخير لأصحاب المظلمات، وفي مطلق الأحوال: هو الرجل الذي إتّخذ من "العدل أساس الملك" شعاراً نهائياً لعهده مع الشعب.
وَمَن يهمه الأمر أطراف كثيرة، نتحدّث منهما عن إثنين، أوّلهما: الحكومة، التي لا ينبغي لها أن تأخذ قراراتها بنزق، وتسرّع، وأن لا تعتبر كلّ معارض لسياساتها خارجاً على الوطن والوطنية، ورغم أنّ رفض الإستقالة يتعلّق مباشرة بالسيدة شرف، لا بالسيد شرف، إلاّ أنّه يعني ضمنياً إبنها، فإستقالتها جاءت إنتصاراً له، ولإرث والده الراحل والعائلة، وفي نصّ الإستقالة ما يُغني عن الكثير من الكلام.
وثانيهما: المغبونون من القرارات الرسمية، فهؤلاء سيجدون في آخر الأمر العدل والعدالة، فهناك مؤسسة عرش صاحية، تُراقب من قريب، وتتدخّل حين يستوجب الأمر فعلاً يستعيد لهم حقوقهم، ويوقف المتجاوزين عند حدودهم.
حين حاولت خلود محمد السقاف، نائبة محافظ البنك المركزي، الدخول بسيارتها إلى مكان عملها، وجدت من يمنعها بدعوى أنّ هناك قراراً "من فوق"، ولمّا ردّت بأنّ جلالة الملك قال غير مرّة بأنّه ليس هناك قرارات "من فوق"، كانت الإجابة الساخرة: لا بل هناك قرارات من فوق، ومنعت من الدخول، وطُلب منها إبلاغ الرسالة للمحافظ الرافض للإستقالة.
الملك، في رفضه إستقالة السيدة شرف، يُعيد التأكيد على أنّ "القرارات من فوق" واضحة، وصريحة، ومعلنة: الإنتصار للحقّ، لا التجاوز عليه، فهل وصلت الرسالة للمعنيين؟