هل نحن بحاجة إلى حكومة جديدة؟
د.خليل ابوسليم
30-09-2011 05:16 AM
إنشغلت صالونات عمان السياسية والإعلامية على مدى الأيام والأسابيع الماضية في التكهن بقرب رحيل الحكومة الحالية، مرجحة تلك الصالونات حدوث ذلك حال الإنتهاء من التعديلات الدستورية، فبمجرد الإنتهاء منها سوف يتم فض الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة والتي تعتبر من أطول الدورات الإستثنائية في تاريخ المجلس.
كذلك إنشغلت تلك الصالونات بشخصية الرئيس القادم تحت تأثير العديد من متطلبات المرحلة ومستجداتها، كاحتواءٍ للشارع الملتهب ، وفتح خطوط إتصال جديدة مع أقطاب المعارضة، وذهبت إلى أبعد من ذلك من خلال استطلاع سري أجراه أحد مراكز الدراسات، كانت نتيجته ترشيح أبرز رموز وأقطاب المعارضة لتولي الحكومة الجديدة.
إن صحت تلك التسريبات والشائعات، فإننا سوف نكون أمام السيناريو التالي:
سوف يتم ترحيل حكومة البخيت التي لم يتجاوز عمرها العام بعد، صحيح أنها لم تلبي مطالب الشارع كما يطلب منها، وصحيح أنها اصطدمت بالعديد من الألغام التي انفجرت في وجهها، لكنها بالمقابل أنجزت بعضا مما تطلبه المعارضة والذي كان من المحرمات يوما ما.
سوف تخلف حكومة البخيت حكومة أخرى تأخذ على عاتقها إقرار قانوني الإنتخاب والأحزاب، وبالتالي سوف تنال نصيبها من عدم الرضا، إنطلاقا من أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، بعدها سوف تقوم تلك الحكومة بحل مجلس النواب ثم الإستقالة كاستحقاق دستوري، وما بين تشكيلها وترحيلها لن يتجاوز عمرها الستة أشهر على أبعد تقدير.
ثم سوف تأتي حكومة ثالثة تأخذ على عاتقها التحضير للإنتخابات النيابية ومن ثم إجراؤها، بعدها سوف تستقيل تلك الحكومة كعرف دستوري، وبالتالي فإن عمرها أيضا سوف لن يتجاوز الستة أشهر، ثم بعد ذلك سوف تاتي حكومة رابعة جديدة تتقدم ببيانها الوزاري لمجلس النواب الجديد ضمن برنامج ورؤى وثوابت جديدة ومحملة بوجوه أخرى جديدة.
من هنا نلاحظ أنه في أقل من عام سوف يكون لدينا أربعة حكومات، وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار حكومتي البخيت السابقتين ومن قبلها حكومتي الرفاعي مع ما جرى عليهما من تعديلات فإننا سوف نكون قد حطمنا الرقم القياسي في تشكيل الحكومات وترحيلها في مدة أقل من ثلاث سنوات، تكون خلالها قد تشكلت سبعة حكومات، وهذا برأي الكثيرين- وأنا منهم- مؤشر كبير على فوضى سياسية عارمة، وانفلات في تشكيل الحكومات لا أعتقد أن هناك مثيلا له في دول العالم حتى المتخلف منها.
ومن هنا سوف نلحظ التخبط في السياسات التشريعية مع ما يرافق ذلك من تغييرات في المناصب العليا التي تتطلبها طبيعة التعديل والتشكيل ليبقى الفريق منسجما في القول والعمل، عدا عن تلك القرارات المتسرعة والمتشنجة التي سيتم اتخاذها من قبل أعضاء الحكومة التي تعلم بقرب رحيلها، ناهيك عن الدفع تجاه توزير العديد من الاشخاص سواء كان من باب الإسترضاء أو الإستحقاق وغيرها من الإعتبارات، مثلما هو الزج بالعديد من المتقاعدين الذين سيشكلون عبئا على موازنة النفقات الجارية، إضافة للكلفة السياسية للبعض منهم والذي سيتخذ مقعده بين صفوف المعارضة.
لن أسهب في الحديث عن الجوانب السلبية لقصر عمر الحكومات وما يرافق ذلك من تحديات وانتقادات خارجية، ولكن يحضرني قول أحد وزراء الخارجية العرب سابقا- إن لم أكن مخطئا- عندما سُئل عن استكمال محادثات مع نظيره الأردني، فأشار إلى أنه بات يعاني من كثرة تقلب الوزراء الذين يتعامل معهم في نفس المنصب ولم يعد قادرا على حفظ أسمائهم، وبالتالي يعود في كل مرة إلى نقطة البداية حيث كل وزير يجب ما قبله.
ومن محاسن أو مساوئ الصدف- لا أعلم- أن تُجري عمون إستطلاعا بتاريخ 22/9/2011 طارحة إسم أحد الوزراء، لتفاجأ بالنتيجة أن نصف المستطلعين لا يعرفون البتة أن ذلك الشخص هو وزير الإتصالات في حكومة البخيت الحالية.
ثم بعد ذلك نتسائل هل نحن فعلاً بحاجة إلى حكومة جديدة، إذا ما علمنا أن الرئيس القادم – وهنا أعني دولة فيصل الفايز تحديداً- في حال قبوله بهذا المنصب المؤقت فإن ذلك يعتبر انتحاراً سياسيا له وحرقاً لكافة أوراقه أكثر مما هي محروقة.
kalilabosaleem@yahoo.com