رجل محترم .. يصلح رئيس حزب
د.مهند مبيضين
30-09-2011 05:13 AM
في المقهى، وبعيدا عن استطلاعات ثبت انها تشبه احيانا النواح؛ لانها بشرت بشيء من الفجاجة احيانا عن مستوى الرضى النخبوي والشعبوي لبعض الرؤساء، يتحدث الناس عن احمد عبيدات في عدة أدوار، جميعها تحمل صورة ايجابية، حتى في أقصى لحظات الحرج التي كان من الممكن له يتصرف بها بصورة غير ديمقراطية.
الاستعادة لعبيدات تحاول ان تجعله خيار ازمة، او ضرورة، لانقاذ البلد، من حالة انسداد اصلاحي، وهناك حنين لدى البعض إليه وكأنهم يعوضون أبوية مفقودة، رغم أنه ليس الاستثناء او الحالة المتفردة.
في المقابل، هناك رؤساء عملوا وطنيا بشكل افضل، لان تجربتهم في العمل السياسي كانت أطول في حين تجربة عبيدات في الحكم لم تكن كافية لاكتشاف مهاراته، او حتى لتحقيق مشاريع وطنية او انشائية، على غرار آخرين من ذات الخلفية الأمنية، وهنا تستدعى الذكريات، وتظهر تفوق مضر بدران على الجميع، إذ تحمل اول مجلس برلماني بعد العام 1989 في مجلس كان الاحتواء فيه صعبا، لكنه أيضا كان يحمل من الوجوه الإسلامية التي تصرفت بمنطق وطني برغم اختلافها مع الرجل. وهو في حكوماته التي تولاها يذكره الناس بانه رائد في المشاريع الخدمية والتنمية من طرق وصوامع وشركات تعدين وغيرها.
خلف عبيدات، مضر بدران بعد حكومته الثالثة التي انتهت في 10/1/1984 وبقي حتى الرابع من نيسان 1985. وبدران يظل الافضل في إدارة مطبخ السياسة ولا تقارن تجربة احمد عبيدات به، لكن الأخير أيضا لم يستمر طويلا وامتاز بصلابته، في ملفات كثيرة.
في الحكومة، كسب عبيدات احترام الناس لشروعه بمحاسبة أهل الثروات، دون ان تكون مهاراته ذات فرادة، لكن تجربة عام واحد أيضا لم تكن كافية، وهو حين خرج من الحكم ظل مكتسبا لثقة الناس وخرج مديونا، وتعرفت إليه المؤسسات الفكرية العربية، وكان حاضرا فيها، فأبقى على ما فيه من صفات عن استحقاق، ثابتا لا يتزحزح، مع أن صورة رجل الحكم النظيف الواضح، تظل صعبة التحقق للسياسي، لكنه أمسك بها.
لم يمل عبيدات من السياسة، بل روَّض النفس على طول المراس، فاستتبت إليه، وفي داخل السياسة، ألقى بظلال محترمة على المركز الوطني لحقوق الانسان لما ترأسه، وظل وفيا لما كان يؤمن به، واليوم لم يكن يحتاج لأن يعود حاضرا على صهوة الذكريات أو سنوات من نوع «الجمر والرماد» او استطلاعات مشوبة بالتوجيه، بقدر ما ظل مسموعا بين النخبة والعامة، لأن رؤيته الوطنية لم تشرد كثيرا، فظل مقبولا، بين الكل.
ولأنه يأتي من مجال اجتماعي، بعيد عن البرجوازيات او نخب التنازلات، المقبوض ثمنها، يظل في حضوره حضور المشع، ويظل الاستماع إليه مرغوبا، لأنه يقدم صورة رجل السياسية الذي لا يرى أن من متطلبات التقاعد الصمت او التزام الحياد او الاعتزال ومحاولة العيش على التاريخ. لكن اختبار عبيدات ليس في عودته للحكومة، بل في تحويل أفكاره وتجمعه للإصلاح إلى حزب سياسي.
Mohannad974@yahoo.com