"حادثة العتوم " بين الاعجاز ووهم الانجاز ؟
ايمن خطاب
03-09-2007 03:00 AM
من قبل على ذات الموقع " عمون " تبنيت وجهة نظر مفادها " ان تصريحات امين عام جبهة العمل الاسلامي وافعاله ليست انعكاسا ذاتيا لشخصه ، وان مقصده الاول ليس التعبير عن صدام مع الحكومات ، بقدر ما يعبر عن ازمة داخل الحركة الاسلامية " وبالامس القريب جدا ، تيقنت ربما من الاعتقاد ، الذي يسير باتجاه صقور وحمائم الاسلاميين والصراع بينهما .ومن قبل ايضا ، خالفت البعض من ان قيادة جبهة العمل الاسلامي ليست طارئة ، وان ظفرها بانتخابات حزبية على صعيد راس الهرم ، تدحض مثل هذا الادعاء ، وربما كان في النفس لدي ميلا للتهدئة ، لاعتبارات الصالح العام من وجهة نظر شخصية طبعا ، وربما لعدم معرفة او دراية على الصعيد العام او الشخصي براس الهرم على صعيد الحزب ، لكن اول اصغاء في اتصال وجاهي ، جعل الامر يكشف وكأن الامور خارجة عن السياق الطبيعي ، في تصريحات التشدد ، التي تبدا " بديباجة الحرص على الوطن ، لتصل ما بين السطور ، الى ما هو ابعد من ذلك بكثير ، فمقولة ، اردن خال من البقر والبشر عام 2010 " ليست طارئة ، وهي التحريض على وطن باكمله !!
ففي لقاء نصرة النائب المعتدى عليه مؤخرا ، ربما سياسيا او عشائريا ، في ظل تباين الروايات " علي العتوم " استمعنا للكثير من سعادة امين عام الحزب زكي بني ارشيد ، وتقبلنا ما هو اكثر ، في سياق الحالة العامة التي يعيشها الاردن ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، لكن نبوءة سعادته " التهكمية " على شعار معتصمي رفع الدعم عن الاعلاف " اردن خال من المواشي عام 2010 " قابلها سعادته بشعار جديد مبتكر عنوانه " اردن خال ليس من البقر وانما من البشر ايضا " !
فاللافت في اللقاء ، اننا عشنا اجواء تياري الصقور والحمائم ، داخل الحركة الاسلامية ، بادق تفاصيله ، ففيما البعض لهجة خطابه ، تدعو للتروي حيال ما جرى للنائب السابق ، والبعد عن الاتهامية لاي كان ، تبرز لهجة اخرى ، تتهم دون دليل ، وتيار التهدئة ، التعاطي مع مقولاته بالنسبة للتيار الاخر تهكمي ، وان سعى الى اخفاء الاساءة المباشرة ، من خلال التبطين فيما بين السطور .
وحتى نوضح اكثر ، ففيما لغة بني ارشيد ، طغى عليها الجانب التحذيري المتشدد ، الذي ينذرنا بويلات قادمة ، وكيل التهم " لخفافيش الظلام " وسانده اخر اقر بقدرة اجهزة امنية يستعان بها عالميا ، في عالم الجريمة ، لكنه اتبع ، بعدم استطاعتها للان اكتشاف المعتدين على الشيخ العتوم - والان المقصودة ، هي الفاصل الزمني بين الحادثة وادعاء الشيخ " عريف المهرجان " هو ثلاثة ايام - لكن خطيبا ثالثا جاء ليخفف من وطاة ما تفوه به زملاؤه ، وهو نائب سابق ايضا ، ليؤكد على اهمية الامن للاردن ، واننا في جانبه محسودين ، دون غمز بقناة هنا او اخرى هناك ، وانما تحميل المسؤولية لعبث من طرف ما ، مع المطالبة بكشف ما وراء هذا العبث واسبابه ، والطرف حتما هو من الحمائم .
واللقاء ايضا – وانا اتحدث عن انطباعات شخصية – كشف عن بحث تيار الصقور عن عرس ، يكون له فيه جانب من الرقص ، لكن على طريقة اعضائه ، بدلالة انه احتفاء " بكتلة " باللهجة العامية ، لكن " الكتلة " مناخ ملائم لكيل الاتهام جزافا هنا وهناك ، مع تشدد حيال اي وجهة نظر تدعو للتروي ، ورفض لاي روايات اخرى ، وصلت حد التهديد للبعض ممن سعى لاستكمال الرواية مهنيا في الجانب الاعلامي ؟
مجمل القول ان ان اللقاء واحاديث خطبائه ، باستثناء من مالوا للتهدئة مستبقين مستجدات مستقبلية ، ربما تنسف كل الروايات ، ارتكزت على اتهامية ، وان كانت ليست مباشرة ، لاجهزة امنية ، الراشح منها – اي الاجهزة الامنية - يشكك في الرواية من اصلها ، لاسباب متصلة بمشاكل وقضايا اصحابها على صلة بسماحة الشيخ وهم طرف فيها ، ولعل في تباين رواية الشيخ حول عدد المختطفين لوسائل الاعلام - تارة خمسة اشخاص واخرى سبعة وثالثة ستة - علاوة على ان وقت الاحداث في الرواية اشبه برحلة " الاسراء والمعراج " التي هي معجزة ، والمعجزات اخرها القران الكريم ، والعودة لما ورد في التفاصيل يدعم صحة ما ندعيه .
" اختطاف من امام مسجد ، والسير 15 كيلو متر ، وضرب مبرح ، وحلق لحية ، وتقييد لليدين للخلف ، وغمامة على الوجه ، والقاء في سهل ، ومن ثم الهروب ، الذي تبعه جهد جهيد من الشيخ لفك القيد ، ومن ثم اداء صلاة الفجر التي كادت ان تفوت سماحته ، ومن ثم الوقوف على جانب الطريق للانتقال منها الى مجمع المدينة الرئيسي ، ومن هناك استقلال تاكسي اجرة اقلته للمنزل ، كل ذلك حدث في ساعة وبضعة دقائق !! استنادا للمجريات اليس من حق اي كان ان يشكك في صحة الرواية ؟؟
قد تكون الصورة في البداية اكثر وضوحا ، لكنها في الختام فيها من الغموض الكثير ، اذ ان اللقاء مجمل المفاصل المهمة في احاديث الخطباء فيه انصبت على " انتقاد كونداليزا رايس وافعاليها المشينة على صعيد المنطقة ، والصحافة الاردنية التي سعت الى الخوض باسباب وتداعيات الحادثة " والراي المساند لرواية الشيخ له كل الاحترام ، فيما التسامح بالحوار وتقبل الراي الاخر " فهو رجس من عمل الشيطان " .
انطباع الخاتمة – ايضا من وجهة نظر شخصية - في اللقاء ان القضية برمتها ، واحداثها وتفاصيلها ، مثار سعد وسعادة لدى سعادة الشيخ العتوم ، ربما لاننا على ابواب انتخابات نيابية قادمة ، لكن املنا ان يكشف عن تفاصيل المشهد من النواحي الامنية قريبا ، لتفويت الخاتمة على " السيناريست ".
ayman65jor@yahoo.com