عندما كان الفساد شطارة !!
محمد كعوش
29-09-2011 05:26 AM
اللجنة القانونية في مجلس الأعيان أقرت "المادة 23" من القانون المعدل لقانون هيئة الفساد كما ورد من النواب, وهذا يعني أن كل وسائل الاعلام اصبحت تحت سطوة هذه المادة..
بداية اقول أنني ضد اغتيال الشخصية وضد الاتهام العشوائي, ولكن في الوقت ذاته ضد تقييد حرية التعبير وحرية القول, لان العقوبات التي تفرضها "المادة 23" فيها شيء من الترهيب وتشكل عاملا ضاغطا ومعوقا لدور الصحافة والاعلام في مكافحة الفساد بسبب حجم العقوبة...
في زمن مضى, وفي مجتمعنا والمجتمعات العربية الاخرى كانوا يقولون عن الفاسد "شاطر دبر حالو" ونحن لا نريد العودة لتعميم واحياء هذه الثقافة التي ادخلت الفساد الى حقل العولمة.
"المادة 23" تحمي طبقة او فئة مهيمنة وصاحبة نفوذ ولها سطوة , لذلك جاءت لتحد من تناول قضايا الفساد بوجوهه الكثيرة او مجرد الاشارة الى وجود شبهة فساد في موقع ما او مؤسسة ما, او شخص ما, خصوصا ان لا احد حتى ولو كان من عتاة الفاسدين يعترف بأنه نهب او سرق او تلاعب او هدر مالا عاما او بدد اموال مؤسسة عامة او شركة مساهمة..
مرة اخرى أُذكّر انني ضد الاساءة للناس او المس بكرامتهم او اغتيال شخصية مسؤولة تعمل في العمل العام من دون وجه حق , ولكن هذه المادة في القانون تشكل مظلة تحمي الفاسدين, لان كل صحافي او كاتب او محرر في موقع الكتروني سيتردد كثيرا في الكشف عن الفاسدين, بسبب العواقب الوخيمة التي ستكون بانتظاره. فالعقوبة تتراوح من ثلاثين الف دينار الى ستين الف دينار... وهذا يعني ان وسائل الاعلام لن تتناول قضايا الفساد بعد اليوم... لذلك, ربط مجلس نقابة الصحافيين مصيره بمصير المادة "23" من هذا القانون, واصبح القرار بيد مجلس الاعيان...
فهل يكون مجلس النقابة ضحية معركة الفساد الذي اصبح مهنة من اقدم واعتق المهن في الكون مثل البغاء.
Kawash.m@gmail.com
(العرب اليوم)