الصحافة الإلكترونية .. غزو تكنو - صحفي
عماد عبد الرحمن
03-09-2007 03:00 AM
في غضون اشهر معدودة حققت الصحافة الإلكترونية الأردنية إنجازات صحفية وإعلامية ملحوظة، وهي أصبحت المصدر الأول للخبر الصحفي لدى أوساط النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأسباب متعددة ترتبط بقدرتها الفائقة بالوصول إلى الخبر الصحفي وتحقيق "السبق الصحفي"، إضافة الى ارتفاع سقف حرية الرأي والتعبير فيها وهو ما لا توفره الصحافة المقروءة والمرئية والمسموعة في بعض الأحايين.لقد أثبتت الصحافة الإلكترونية ريادتها في نشر الكثير من الأخبار والتعليقات المثيرة للجدل، والتي كانت في السابق غير مسموح نشرها او تداولها عبر وسائل الإعلام لأسباب كثيرة تتعلق بموروث رقابي ومحاذير تحد من النشر، لكن وكالات النشر الإلكتروني أثبتت أنها قادرة على تذويب هذه الثقافة وترويضها "بخفة ظل"، وسلاسة ورحابة حتى من الجهات الرقابية التي تختلف رؤيتها وفلسفتها في التعامل مع الخبر الصحفي،عن العاملين في هذا المجال.
كما يلاحظ ان الصحافة الإلكترونية أضحت مصدر مهم للأخبار لوسائل الإعلام المختلفة والتفاعل معها، بل هي أصبحت مصدرا لا يمكن تجاهله للصحافة عند تناول قضايا معينة وقياس ردود الفعل تجاهها ،خاصة في القضايا الجدلية التي تثير في العادة ردود فعل كبيرة عند طرحها، وقد استعانت الصحافة الإلكترونية برسائل الخلوي القصيرة للفت الانتباه او الترويج لأخبارها المتميزة والخاصة بها،كما لجأت صحف إلكترونية أخرى للترويج عبر سلسة "ضربات" صحفية حققت لها سمعة ومصداقية واسعة لدى أوساط النخب والمهتمين.
ومن ابرز مميزات الصحافة الإلكترونية الوليدة ،أنها تحقق التنوع فهي تقدم خدمة إعلامية لا تقتصر على القضايا السياسية،بل تقدم أخبار اقتصادية واجتماعية وثقافية ومقالات وترجمات عبر أبوابها وتصاميمها الجذابة والمنوعة التي تظهر على صدر صفحاتها الأولى، كما أنها تمتاز بالسرعة والآنية في نقل الخبر وتفتح المجال للعامة قبل النخب للتعليق على الخبر وتفاعل القراء وتبادل الرأي حوله بدون حدود جغرافية او رقابة مسبقة.
ورغم خشية البعض من تنافسية الصحافة الإلكترونية للصحافة "الأم"/أي الورقية، إلا ان الكثيرين يقللون من خطورتها على الصحافة المكتوبة، لا بل على العكس يمكن ان تكون داعما لها ،خاصة في مجال حرية التعبير والنشر والتعليق، وهو ما يحدث حاليا فلم يعد الخبر حكرا على "المطبخ الصحفي" لليوميات والإسبوعيات،بل أصبحت دائرة تداول الخبر الصحفي "الحساس" أكثر اتساعا ، وأصبحت الصحافة الورقية مطالبة بتقديم كل ما هو جديد وما لم تنشره المواقع الكترونية التي كانت السباقة في نقل الخبر الصحفي فور حدوثه .
وكغيرها من وسائل الإعلام ورغم ما حققته صحافتنا الإلكترونية رغم حداثة سنها، الا ان هذه الصحافة المطورة الكترونيا تواجه بعض الصعوبات الفنية والتقنية والمالية، فهي تعاني من محدودية انتشار الإنترنت في البلاد وضعف البنية الفنية لشبكات الاتصالات المحلية، واقتصار هذه الخدمة على فئات معينة في المجتمع، علما ان نسبة انتشار الإنترنت في الأردن وصل الى 14بالمائة حسب آخر الدراسات المتخصصة، وعزوف البعض عن الإنترنت لأسباب ثقافية او دينية او اجتماعية ،كما ان هذه الوسائل تواجه تحديات اقتصادية في تسديد الالتزامات المالية المترتبة عليها نحو محرريها او نفقات التشغيل، بسبب ضعف العائدات الإعلانية.
كما تواجه الصحافة على شبكة الإنترنت تحديات أخرى إضافة الى ضعف عائد السوق، سواء من القراء أو المعلنين، وعدم القدرة على تأمين قدرات بشرية وصحافية تعمل ليل نهار لإدارة وتحرير الطبعات الإلكترونية، إضافة إلى المنافسة القوية من وسائل أخرى مستقبليا حيث تتجه غالبية الصحف المحلية والعربية الى بناء صحف الكترونية خاصة بها.
الصحافة الإلكترونية لن تكون منافسا للصحافة الورقية ،فعندما اخترع الراديو قبل نحو قرن قيل ان الراديو سيدق المسمار الأخير في نعش الصحافة الورقية والمكتوبة، ولكن هذا لم يتحقق بل على العكس ساهم في تطويرها وزيادة انتشارها،وعندما اخترع التلفزيون قيا آنذاك انتهى عهد الراديو .. لكن ما حدث كان العكس ونجد الآن انتعاشا حقيقيا للراديو،..هذا يعني ان على الصحافة الورقية ان لا تخشي على مستقبلها من النسخة المطورة منها /أي الإلكترونية/ ، وعلى العكس يمكن ان تساهم في زيادة انتشارها ورفع سقف حرية الرأي والتعبير أمامها ،وزيادة المشاركة الشعبية في التعليق على المقالات والآراء والتفاعل معها بمختلف توجهاتها.
*صحفي في جريدة الرأي