ملاحظة قانونية في مطلب عدم التوقيف بجرائم النشر
المحامي محمد الصبيحي
28-01-2007 02:00 AM
هناك التباسات قانونية يخوض بها عدد كبير من الاخوة الصحافيين فيما يتعلق بالمطالبة بعدم التوقيف والحبس في قضايا المطبوعات والنشر , ومن هذه الالتباسات الناتجة عن عدم الاختصاص المطالبات التي سمعناها يوم امس حيث بدا عدد من الزملاء بالمطالبة بالفصل بين عقوبتي الحبس والتوقيف بحيث يتم النص على عدم جواز التوقيف على الاقل , وهذا ما لايجوز المطالبة به لانه موجود اصلا في قانون اخر هو قانون اصول المحاكمات الجزائية الذي تنفذه المحاكم وتسير على اساس احكامه في اليات اجراء المحاكمات .وتفصيل هذه النقطة انه لايوجد توقيف بموجب قانون المطبوعات والنشر الحالي ولا المشروع الجديد لان جرائم النشر الواردة في القانون لاترتب عقوبة حبس تزيد على سنتين اذ تم تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية قبل عدة اعوام بحيث يمتنع التوقيف اذا كانت العقوبة على الجريمة تقل عن عامين وهذا نص المادة 114 من القانون ( بعد استجواب المشتكى عليه يجوز للمدعي العام ان يصدر بحقه مذكرة توقيف لمدة لاتتجاوز خمسة عشر يوما اذا كان الفعل المسند اليه معاقبا عليه بالحبس لمدة تزيد على سنتين ) , وبالتالي فان المطالبة بعدم التوقيف في قضايا المطبوعات تحصيل حاصل ومطالبة بما هو موجود اصلا .
ولكن سياتي من يقول ان تحويل الكاتب او الصحافي للمحاكمة بموجب قانون العقوبات قد يرتب جواز التوقيف في بعض الجرائم , وهذا صحيح ولكنها جرائم خطيرة ومحدودة جدا مثل جريمة تعريض المملكة لخطر اعمال عدائية او تعكير صلاتها بدولة اجنبية وجرائم الاساءة الى الوحدة الوطنية والتحريض على ارتكاب الجرائم واثارة النعرات المذهبية والعنصرية الواردة في المادة 150 من قانون العقوبات , وجرائم اطالة اللسان على جلالة الملك .
ان السؤال الذي يطرح نفسه هل اذا تم تضمين نص بعدم جواز التوقيف في قضايا المطبوعات والنشر فان هذا النص يسري حتى لو تم احالة المشتكى عليه بموجب المادة 150 من قانون العقوبات او اي نص اخر في هذا القانون ?? الجواب لا بالطبع ومن هنا فان ايراد نص بعدم جواز التوقيف ضمن قانون المطبوعات والنشر لايقدم ولا يؤخر ما لم يتم اضافة عبارة ( بغض النظر عن اي نص في اي قانون آخر فانه لايجوز التوقيف اثناء التحقيق والمحاكمة في الجرائم المرتكبة بوسائل النشر الواردة في هذا القانون ) , وبعكس ذلك فان احدا لايستطيع الزام النيابة العامة او القضاء بعدم اصدار قرار بالتوقيف ما دام التحقيق او المحاكمة يجريان على اساس قانون العقوبات وليس قانون المطبوعات والنشر .
اما عن المطالبة بالغاء عقوبة الحبس نهائيا ايا كانت الجريمة المرتكبة بواسطة الطباعة والنشر فاعتقد انه مطلب يحتاج الى تعديلات عديدة في قانون العقوبات , وقد يرتب احكاما شاذة تجعل عقوبتين مختلفتين على ذات الجريمة باختلاف صفة الشخص ووسيلة ارتكابها .
ومن جهة اخرى فان تعدد الجهات التي تتحدث عن الجسم الصحافي وتقدم مطالبها قد يعطي صورة سلبية عن تماسك الجسم الصحافي والتفافه حول نقابته وقد تكون هناك مطالب متناقضة او مقترحات غير ناضجة قانونية , ولذلك فان منهجية ووحدة التحرك للحصول على مكتسبات ورفع مستوى الحريات الاعلامية امر ضروري قبيل بدء مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون .