الكرة الآن في مرمى مجلس الاعيان لرد تعديلات النواب المدعومة من الحكومة حول مشروع قانون مكافحة الفساد الذي ينظر له بأنه ضربة موجعة لعملية الإصلاح.
الاعيان امام لحظة تاريخية للدفاع عن الحريات العامة التي باتت عنوانا رئيسيا لانجاح أي مشروع اصلاحي في زمن الربيع العربي, فلا يعقل ان تبدأ مسيرتك الاصلاحية بضرب الاعلام الحر والنزيه والمسؤول.
التعديلات عبارة عن فكرة شيطانية قادتها الحكومة لتغطية اعمالها التي أثارت الرأي العام وزادت من احتقان الشارع.
اسمحوا لي ان احدثكم بصراحة عن المبررات التي تدفع حكومة البخيت الى التقدم لمجلس الامة بتعديلات خطيرة على مشروع قانون مكافحة الفساد, بحيث يتم إسناد العقوبة لكل من يحلم او يخالطه الشك نحو انتقاد اي شخصية وكل ذلك تحت شعار اغتيال الشخصية.
حكومتا البخيت الاولى والثانية من الناحية النظرية والعملية هما اكثر حكومات العقد الاخير انخراطا بمشاريع لاحقتها الشبهات, وهما اكثر الحكومات تمتعا بالحصانة وعدم المساءلة وحتى الرقابة على ما تفعله.
في الحكومة الاولى, وقع تزوير الانتخابات البلدية والنيابية معا, ولم تجد من يحاسبها على تلك الاعمال التي يدفع ثمنها الاردن لغاية يومنا هذا.
وفي زمنها وقع تسمم في احدى قرى الشمال سبقها تلوث مياه منشية بني حسن وعلى خلفيتها استقال وزيرا المياه والصحة.
البخيت ووزارته الاولى وقعوا على اتفاقية الكازينو الشهيرة سرا, ورغم كل تداعياتها الخطيرة على المجتمع الا انه نجا من الاتهام الذي تحمّله وحده وزير السياحة حينها.
البخيت احال على لجنة استشارية التدقيق في ملفات الخصخصة, والواقع انه احال القضايا المطروحة في الشارع والمتعلقة بخصخصة قطاع التعدين والتي جميعها تمت بعهد حكومته الاولى, والنتيجة انه لغاية يومنا هذا لم نسمع شيئا جديدا عن التحقيق.
في الوزارة الثانية, بدأت حكومته منذ اليوم الاول بالعمل عل اخراج السجين خالد شاهين الى الخارج, وتمت العملية ولولا »العرب اليوم« التي فضحت القصة وكشفت التلاعب في الاجراءات لما عاد شاهين مخفورا بالحديد الى زنزانته, والنتيجة ايضا كسابقتها, لم يعرف الاردنيون من سمح للسجين بالسفر ولم يتم اعلان نتائج التحقيق الخاص بذلك.
هذه الحكومة هي اول حكومة تجدها تبرر أعطيات النواب على اعتبار انها مساعدات لطلبة محتاجين, وكأنه لا يوجد في الاردن مؤسسات معنية بمساعدة الطلبة.
في اعتقادي, ان الحالات السابقة تدفع حكومة البخيت الى حماية نفسها وقراراتها بعد ان كثرت فضائحها امام الرأي العام, فلجأت الى اقصر طريق وهو اغلاق افواه الاعلام الحر والنزيه والمسؤول وارهابه بالغرامات الكبيرة في حال فكر او حلم ان هناك شبهة فساد على مسؤول ما, والله من وراء القصد.
*****
تعقيبا على ما اثاره البعض حول المقال المنشور امس بعنوان »الاقتصادي الاجتماعي« اود ان اوضح ان التعريفات الواردة في المقال لمفهوم الاقتصادي الاجتماعي هي فعلا مستقاة من ادبيات - اقتصادية ليست ملكا لاحد ويلجأ اليها الاعلاميون وغيرهم في الاستناد في تحليلاتهم لانها تعتبر اساسيات في علم الاقتصاد ولكن سقط سهوا الاشارة الى مصدر التعريف وهو بالمناسبة موجود في اكثر من دراسة وهي ذات الدراسات التي يلجأ اليها رئيس الوزراء في تعريفاته حول الاقتصاد الاجتماعي ولا يستدعي ذلك ان تجيش الحكومة وزراء فيها ينشغلون بتصوير مقالي ومقال اخر ويقوموا بتوزيعها باليد على المواقع الالكترونية والنواب والاعيان بينما جلسة مجلس الاعيان منشغلة بالتعديلات الدستورية.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)